حوار – هاني جريشة..
شابة مصرية نشأت بين ربوع المدرسة الألمانية في القاهرة وانتقلت للدراسة في الجامعة الألمانية لتكمل دراستها بين علوم الهندسة والرسم والجرافيك، والإبداع في التصميمات المختلفة لكن طموحها لم يتوقف عند ذلك فاغتربت لإكمال دراستها العليا في ألمانيا وحصلت على درجة الماجستير بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف.
أروى هشام جادو مهندسة قدمت ابتكارًا لفكرة تطبيق “بساطة” يجمع بين التصميم المتألق والخلق حالة اجتماعية متينة في المجتمع الغربي.
“بساطة” هو تطبيق يعكس الحس الوطني لدى الباحثة أروى جادو لأنه قائم على تقديم وجبات مصرية أصيلة بمكوناتها ومقاديرها المختلفة للمستهلك، تجتمع الأسرة لتنفيذها وطهيها، وبذلك يوفر على المستهلك مشقة التفكير في فكرة الطعام يوميًا، والتسوق لإحضار المكونات، وتقديم أفكار جديدة من خلال غزو المجتمع الألماني بالأكل المصري، وفوق ذلك البعد الاجتماعي من خلال اجتماع الأسرة لتنفيذ ابتكار جديد وخلق نوع من المودة الاجتماعية التي يفتقدها المجتمع الألماني والأوروبي بشكل عام.
بوابة “وصال” التقت المهندسة أروى جادو؛ للتعرف على على فكرة المشروع التي حصلت من خلاله علة درجة الماجستير، وإليكم نص الحوار..
بداية كيف نشأت فكرة مشروع الماجستير وكم استغرق من الوقت لتنفيذ التطبيق؟
استغرق فترة طويلة على مدار دراستي وتحضيري للماجستير، وكنت أجري مقابلات مع أفراد كثيرة في ألمانيا والتعرف على الثقافات المختلفة بين المجتمع المصري والألماني.
بالإضافة إلى عمليات البحث المستمرة وفحص أنواع السوبر ماركت المختلفة في ألمانيا وما يمكن أن تقدمه، وذك استغرق وقتًا طويلًا لا يقل عن سنتين.
فكرة المشروع نشأت عندما كنت أدرس في المدرسة الألمانية في مصر، وأرى انبهار الألمان بالفول والطعمية في مصر وأنهم يفتقدون هذا الأمر في ألمانيا، وبعد سفري لألمانيا رأيت أن الطعام لديهم لا يحمل النكهات المتميزة عندنا بالإضافة إلى غلاء اللحوم وطعمها غير محبب لدى الكثير.
فضلًا عن أنهم يميلون إلى الأكل النباتي، ويحاولون تقديم أطعمه بلا لحوم مثل البرجر فهم يستبدلون البروتين الحيواني ببروتين نباتي، مع إضافة بعض البهارات لتقديم الطعم المقارب.
ومن ثقافة الشعب الألماني أنه يومهم كله عمل ومشقة ويسعون في ذات الوقت للحصول على وجبة صحية وذات نكهات مبهرة، خاصة لافتقادهم لأفكار مبتكرة لتقديم أنواع مختلفة من الوجبات، ففكرت أن أقدم لهم “تطبيق” يختاروا منه الأكلات المهمة بالنسبة لهم توفر لهم نظام حياة صحية، ويوفر لهم وقت الوقوف في طوابير الأسواق والسوبر ماركت والمطاعم، ويطلبون من خلاله الوجبات التي يريدونها ويختارون بين الأكلات المتوفرة عبر التطبيق الذي يوفر معلومات كافية عن كل أكلة.
وعندما يدفع المستهلك ثمن الوجبة عبر التطبيق يظهر له رسالة بأن هناك نسبة من أرباح الوجبة تذهب للمنظمات الأممية المعنية بمكافحة الجوع في العالم، ففي النهاية يشعر المستهلك أنه استفاد في أكثر من وجه أنه حصل على طعام صحي ومفيد، وأنه وفّر على نفسه مشقة الجلب والتحضير بالإضافة إلى شعوره الإيجابي بأنه ساهم في مكافحة الفقر والجوع في العالم.
والتطبيق يوفر عروضًا خاصة لـ”لمة الأصدقاء” في الويك إند، وفي رمضان نوفر مع الوجبات تقديم تمور أو عصائر.
كيف أقنعتي الأساتذة المشرفين على الماجستير بفكرة المشروع؟
في البداية كانت لدي فكرة مختلفة تمامًا عن مشروع “بساطة”، لكن فوجئت أن الأساتذة المشرفين هم من اقترحوا علي باعتباري مصرية القيام بمشروع يلامس التراث والثقافة المصرية.
بالإضافة إلى أنني كنت الأجنبية والعربية الوحيدة بين دفعة الماجستير في هذا التخصص، وكان لدي اثنان من المشرفين الأول مشرف عام على الرسالة، والثاني كان مشرفًا متخصصًا في الناحية التقنية لإطلاق هذا التطبيق وهو عميد كلية الفنون التطبيقية بجامعة شتوتجارت، والحمد لله الفكرة لاقت استحسان المشرفين ومنحوني بعدها درجة الامتياز مع مرتبة الشرف.
ما هي أبرز الأكلات التي يقدمها تطبيق بساطة؟
قدمت من خلال التطبيق كافة الأكلات المصرية الأصلية، حتى ما اندثر منها، مثل البصارة، البطاطس بالبيض، الشكشوكة، الكشري، الطعمية، المحاشي بأنواعها، الكوسة بالبشاميل، وأكلات أخرى مختلفة يعجز الألمان عن طبخها.
وقسمتها حسب استهلاك وقت الطهي، وتقسيمها أيضًا حسب السعرات الحرارية، بالإضافة إلى قسم للعزومات والأكلات المتاحة لها، بالإضافة إلى قسم للمشروبات المصرية الأصيلة، كما أن بساطة يوفر عصير ترحيب مع أول طلب عبارة عن عصير قصب، وفي الشتاء يتم تقديم مشروبات ساخنة مصرية مثل حمص الشام والسحلب، كذلك في وقت الكريسماس نقدم قائمة بالأكلات المصرية المشهورة في الكريسماس “الأكل الصيامي”.
من هم أبرز الداعمين لكي في فكرة المشروع؟
بالتأكيد أهلي وأصدقائي هم الداعمين الرئيسيين لي في البداية، بالإضافة للأساتذة المشرفين.
وفي البداية قبل تنفيذ المشروع حينما طرحت الفكرة وطريقة تنفيذها فوجئت بعدد كبير من الألمان والعرب يتحدثون لي عن رغبتهم الحقيقية في التعامل مع هذا التطبيق وطلب الأكلات المصرية من خلاله بعد تنفيذه.
هل تطبيق بساطة يستهدف الأشخاص النباتيين في ألمانيا خصوصًا مع تزايد أعدادهم؟
تطبيق “بساطة” يستهدف كافة الرغبات وكافة الأذواق سواء نباتيين أو غير نباتيين.
نقدم أكلة المسقعة باللحمة المفرومة أو بدونها، والهدف هو الوصول لأكبر عدد من المستهدفين دون الحصر في فئة واحدة، وبالتالي سيتعرف المستهدف على مصر بشكل أفضل بطريقة غير مباشرة، وأن الشعب المصري صاحب ذوق عالي حتى في الطعام ومضياف ومرحب.
ما قصة “صينية المسقعة” التي قُدمت للأساتذة المشرفين خلال مناقشة الماجستير؟
عادة تكون الكلية الخاصة بنا هي كلية بها بعض الجنون والأفكار المجنونة ومناقشة الماجستير كانت أشبه بالعرض فصاحب أي ابتكار في مجال معين يسعى لأن يقدم نموذجًا من ابتكاره.
وأنا اعتبرت أن الأكل المصري الأصيل هو جزء من المشروع المقدم للكلية، لذلك فكرت في قصة “صينية مسقعة” تكون خير نموذج للمشروع المقدم، وكنت أرغب في تقديم أكثر من أكلة لكن اخترت فقط المسقعة ولاقت استحسان وإعجاب اللجنة المشرفة حينما أكلوا منها.
متى يدخل أبلكيشن “بساطة” حيز التنفيذ؟ وهل هناك خطط لتنفيذه في المجتمع الألماني أو على مستوى أوروبي؟
أنا كمهندسة كان هدفي هو الجمع بين فكرة جديدة مبتكرة وتصميمها وبين تحقيق شيء من الترابط الاجتماعي في المجتمع الألماني الذي عاني بعض الشيء من هذا الأمر.
والفكرة قائمة على التصميم وربطه بعلم الاجتماع، لذلك “بساطة” يقدم نموذجًا من الترابط الاجتماعي داخل الأسرة أو بين العائلات لأنه قائم على تقديم “بوكس” يحتوي على مكونات الوجبة وكمياتها ومقاديرها حسب الأفراد وطريقة الطهي، وهو ما يوفر على المستهلك عناء التفكير في فكرة الطعام كل يوم ويوفر عليه فكرة التسوق لإحضار المكونات ثم تنفيذها، فالتطبيق يقوم على تقديم الفكرة والوجبة ومقاديرها وطريقة طهيها، بالإضافة إلى أنه يخلق شيئًا من الألفة والمودة داخل الأسرة حين يجتمعون لصنع وجبة مبتكرة أو وليمة.
أما عن فكرة التنفيذ فهو مشروع ضخم يجب أن تكون هناك شراكة مع شركة كبيرة لتنفيذه على أرض الواقع، وأنا أحلم بهذا الأمر وأسعى جاهدة لتنفيذ الفكرة على أرض الواقع، وبالفعل أجريت عدة اتصالات وتواصلت مع شركات وجهات مصرية وألمانية لبحث إمكانية تنفيذ المشروع فعليًا لكن كل ذلك ما زال محل دراسة ومشاورات.