كتبت – إسراء محمد علي
هناك العديد من التحديات التي يواجهها المصريون عند العيش في الخارج، أحدها اللغة، ومنها تعلم لغة جديدة، حيث يجب عليهم تعلم اللغة المحلية من أجل التواصل مع الآخرين والتأقلم على الحياة اليومية، وقد تكون هذه مهمة شاقة، لكنها ضرورية للاندماج الناجح.
وحتى إذا كنت قادرا على تعلم اللغة المحلية، قد لا تزال تواجه تحديات التواصل مع العائلة والأصدقاء في الوطن، لأن العديد من العرب يستخدمون اللغة العربية كلغة أساسية، وقد يكون من الصعب العثور على أشخاص يجيدون اللغة العربية واللغة المحلية معاً، وهذا يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالعزلة والانفصال عن ثقافة وطنك.
لكن هناك تحدي عكسي آخر، فإذا كنت تعاني من أجل تعلم اللغة الأجنبية فإن أولادك سيتعلمونها بشكل أسهل وأسرع ويبقى عليك تحدي أكبر وهو الحفاظ على لغتهم العربية، خاصة الذين يولدون في الغرب، البعض في البداية قد يروقه إتقان أولاده للغة المحلية ويشجعهم على التحدث بها طوال الوقت، لمساعدته هو على تعلمها وممارستها أو كنوع من الوجاهة أحيانا، حيث يروق للبعض أحيانا المفاخرة بأن أبناءهم لا يجيدون العربية.
لكن بمرور الوقت ونزول الإجازات في مصر يصطدم أولياء الأمور بعدم قدرة أبنائهم على التفاعل مع أفراد عائلتهم الكبيرة وعدم فهم الأحاديث الدائرة حولهم ما يدفعهم للعزلة، هنا يفكر الآباء في ضرورة تعليم أبنائهم اللغة العربية ويبحثون عن سبل لتحقيق ذلك، “وصال” تحدثت مع أمهات مصريات في عدد من دول الاغتراب حول كيفية تعليم اللغة العربية للأبناء، وخاصة أولئك الذين ولدوا في الخارج.
وروى العديد من المصريين في عدد من الدول مثل إيطاليا وكندا والنمسا وإنجلترا كيف حافظوا على لغة أطفالهم العربية في بلاد الغربة، وقدموا نصائح ذهبية لكل أب وأم يقاتلون للحفاظ ع لغتهم الأم.
ريهام أمان، وهي مقيمة في ميلانو الإيطالية منذ زواجها وأنجبت أطفالها الثلاثة هناك، قالت: “احنا بتكلم عربي في البيت، أي بيت مصري بنبدأ بالعربي الأول، لأن الطفل بيدخل الحضانة في عمر 3 سنين، ولأن الإيطالية لغة سهلة سيتعلمها الطفل سريعا فممكن يستسهل ويتعود عليه، ويشدد الإيطاليون أنفسهم هنا على ضرورة حفاظ الطفل على لغته الأم، خاصة أن الطفل في المرحلة يتعلم أكتر من لغة بسهولة”.
عدم تعلم الأطفال اللغة العربية يفصلهم عن أهلهم في مصر ويفرض عليهم العزلة في الإجازات
وأضافت ريهام: “لأننا في ميلانو، وهنا الجالية المصرية كبيرة جدا، ونتجمع كثيرا كأسر، فالأطفال بيسمعوا العربي كتير في البيت، واحنا كأمهات بنبدأ مع الأطفال بالمرحلة الأولى لتأسيس اللغة، لو الأم معتمدة على نفسها وقادرة تعمل كده مع أطفالها، وبندأ بالحروف العربية. أنا بجيب الكتب المصرية وبمشي معاهم فيها، وفي أمهات بتقدم مع السفارة المصرية، والأولاد بيدرسوا المنهج المصري ويمتحنوا فيه آخر السنة بجانب المدارس الإيطالي”.
وتابعت أن هنا أيضا في ميلانو مدرسة اسمها نجيب محفوظ، الدراسة فيها بالعربي، وناس كتير ألحقوا اولادهم فيها طوال الاسبوع، وهناك مدارس عربي أيضا تعمل يومي السبت والأحد، وفيه كمان مدرسات مصريات مع أزواجهم هنا بيشتغلوا من البيت وبيدوا دروس عربي للأولاد”، واختتمت ريهام حديثها لـ(وصال) مؤكدة أن المصريين من أكثر الجاليات العربية في إيطاليا محافظة على هويتهم، وأننا نربط أطفالنا بالعربي وبوطنهم مصر”.
نهال حجازي، وهي مصرية تعيش في النمسا، قالت: ” أولادي بيتكلموا عربي كويس جداً، لأني قعدت في البيت وكثفت مجهودي معاهم سواء بالحديث معهم أو تشغيل برامج مصرية وعربية على اليوتيوب، وتساعدنا في ذلك الحضانة، فهي دائما توصي بالتحدث داخل البيت باللغة الأم، ولازم احترام اللهجة من المدرسة و المجتمع بره البيت”.
وقدم مصطفى سعد، الذي يعيش في كندا، لـ”وصال” كبسولة لكيفية الحفاظ على لغة الأطفال العربية الأم: “أولاً لازم يتحط قاعدة صارمة إن الكلام في البيت عربي ممنوع ولا كلمة إنجليزي، ثانياً: فيه مدارس إسلامية سواء نظامية أو في عطلات نهاية الأسبوع تدرس للأطفال اللغة العربية والتربية الإسلامية، وثالثاً يمكن تحفيظهم القران سواء في مسجد أو مع معلم خاص أو عبر الانترنت مع مدرسين من مصر، ورابعا مشاهدة البرامج العربية على التلفزيون، وخامسا المحافظة على زيارة الأهل في مصر كل سنة أو سنتين حسب الاستطاعة، ويفضل أن يكون لهم علاقات مع أقاربهم في مصر عبر وسائل الاتصال المختلفة، لأن هذا التواصل سيحافظ على لغتهم العربية ويطورها.
محمد صبري، الذي يقيم في كندا أيضا، قال إنه لو كان عمر الأطفال تحت 10 سنوات، هناك تطبيقات ممتازة حاليًا على الموبايلات والأجهزة اللوحية مثل تطبيق “جيل”، وهو يقدم أعمال كرتونية لطيفة وبجودة جيدة، وأضاف: “اللغة العربية كنز ورابط أساسي بالإسلام والقرآن ولغة ثرية عظيمة، والحقيقة لا يوجد في العالم من يفقد صلته بلغته الأصلية بسهولة مثل المهازل التي أراها من بعض العرب والمصريين في كندا”، وتابع: “اللغة هي هوية كاملة وليست مجرد وسيلة تواصل بين الناس، بخلاف أن عدم تعلم الأولاد العربية يعني أنهم سينفصلون تماما عن أهلهم وأسرهم في مصر، يعني الولد لما جده أو عمته تكلمه ميعرفش يرد عليها؟.
وتقول دعاء حسن إنها مشتركة لابنها في مركز تعليمي أونلاين يعلمه القرآن واللغة العربية كي لا ينسى لغته العربية الأم، وتحكي فاطيما، مقيمة في إنجلترا، عن تجربتها في ولادة جميع أطفالها هناك: “أنا بناتي مولودين في إنجلترا وللأسف الإنجليزي هو لغتهم الاولى، لكن هناك مدرسة عربية أونلاين اسمها المنارة اشتركت لبنتي فيها، والحمد لله حفظت ١٠ سور وأصبحت تقرأ كلمات عربية من ٣ وأربع حروف حاليا، وهي عمرها الآن ٨ سنوات، وطبعا في البيت بنتكلم عربي بس”.
دروس الأونلاين وأفلام الكارتون و”مدارس الويك إند” جعلت مهمة أولياء الأمور أسهل في تعليم أولادهم اللغة العربية
وتقول مارتينا، مقيمة في إيطاليا: “أنا عايشة في إيطاليا أنا وأختي وكل قرايبي، وعيالنا بيتكلموا عربي في البيت، بس لو هم اقل من ٦ سنين مع الوقت هايفهموا انتى بتقولى إيه بالعربي لكن هيردوا بلغة البلد اللي عايشين فيها”.
وتحكي أميرة عادل تجربتها قائلة: “للأسف التحكم في الموضوع ده صعب لأنه غصب عنهم طول اليوم في المدارس يتكلموا إنجليزي ويدرسوا إنجليزي، بس أنا طول الوقت بتكلم معاهم عربي لكن بنتى الصغيرة مفضلة الإنجليزي لذلك أقام معها ذلك لأن أهلنا في مصر مش كلهم بيعرفوا إنجليزي فلازم يعرفوا يتكلموا معاهم”.
َوتقول دينا طارق، طبيبة مقيمة في ألمانيا: “لو الأطفال مسلمين يبقى دروس تحفيظ القرآن أونلاين أسهل طريق لتعلم العربية، وعموما فيه مدرسين لغة عربية أونلاين للأطفال اللى عايشين بره، ده غير البيت أكيد اهم حاجه يبقى الكلام معاهم والتلفزيون وأغلب البيئة في البيت عربي”.
وبتنصح دينا الأمهات: “أتكلمي عربي وحاولي تشوفى أماكن بتدي دروس زي جامع أو مكان أو لو فيه مدرسين أو أنتى هاتى منهج العربى بتاع سنهم بس عشان يبقوا بيعرفوا يقروا ويكتبوا مش يتكلموا بس عشان لو اضطرتكم الظروف للنزول والحياة في مصر يكون الموضوع أسهل بالنسبة للولاد.