كتب – هاني جريشة..
تعاني الكثير من الدول الأوروبية ومنها ألمانيا من نقص شديد في العمالة الماهرة، لاسيما في مجالات تقنية المعلومات والخدمات الطبية والحرف اليدوية وأعمال الطهي والضيافة بالإضافة إلى التشييد والبناء، وتذهب بعض التقديرات إلى حاجة ألمانيا سنويا لاستقدام ما يزيد عن نصف مليون عامل إضافي من الخارج لسد العجز.
وتشمل العمالة الماهرة في العرف الألماني، المتخصصون والفنيون المؤهلون وأصحاب الخبرة في مختلف المجالات، وتربط العديد من الدول تصنيف العاملين إلى مهرة بناء على مستوى التعليم الذي لا ينبغي أن يكون أقل من الدراسة الثانوية وخبرة سنوات في العمل المهني.
العمالة الماهرة بدأ عددها بالتناقص في ألمانيا، خاصة في مجال رعاية المرضى والمسنين، كما يوجد صعوبات متزايدة في شغل أماكن شاغرة في قطاعات أخرى، وتحديدا في وظائف الخدمات الاجتماعية والتعليم والحرف اليدوية وصناعة المعادن والإلكترونيات وفي قطاع تكنولوجيا المعلومات.
وفقًا لمركز الكفاءة لتأمين العمال المهرة، وهو مشروع تابع لوزارة الاقتصاد الألمانية، من ناحية الحسابات الرياضية البحتة، كان هناك 632488 وظيفة شاغرة في ألمانيا في عام 2022، وأن السنوات الأخيرة كشفت ما تسمى بـ”فجوة العمال المهرة” أكبر من أي وقت مضى، و وفق دراسة أجرتها الوكالة الألمانية للعمل رصدت نقصا في 200 مهنة من أصل 1200 تم تقييمها عام 2022، وهو ما يشكل زيادة ملحوظة مقارنة بالعام السابق.
ووفق وكالة العمل الاتحادية الألمانية، فالمشكلة تزداد تعقيداً عندما يتقاعد مواليد الستينات خلال سنوات، ومن المعلوم أن عقد الستينات في ألمانيا شهد طفرة كبيرة في معدل الولادة، ومن المتوقع أن يخسر سوق العمل سبعة ملايين شخص بحلول عام 2035 إذا لم تتخذ الحكومة أي خطوات، وفقاً لدراسة أجراها معهد أبحاث سوق العمل (IAB).
ولتفادي ذلك النقص، اعتمدت الحكومة الاتحادية “أحدث قانون للهجرة في أوروبا”، حسب وزير العمل الفيدرالي هوبرتوس هايل الذي قال في نوفمبر 2022: “نحن نتنافس مع العديد من الدول للحصول على عقول ذكية وأيدي عاملة، تحقيقنا لذلك الهدف يضمن الازدهار في ألمانيا”.
كما كشفت دراسة حديثة أنه لم يحدث تحسن كبير فيما يتعلق بمواجهة نقص العمال المهرة في قطاع الفنادق والمطاعم والحانات في ألمانيا، حيث أعلن المركز المختص بتأمين العمال المهرة التابع لمعهد الاقتصاد الألماني (IW)السبت، أن هناك ما يقرب من 44 ألف وظيفة شاغرة للعمال المهرة في مهن الفنادق والمطاعم، مقابل 29 ألف عاطل عن العمل مؤهلين لهذا المجال.
وأوضح المركز أن قطاع الفنادق متضرر من هذا النقص بشكل خاص، حيث يعاني من عجز في العمالة الماهرة بنسبة 42.8%. وينطبق ذلك على قطاع المطاعم بنسبة 40.1%..
وقالت العضو في لجنة “حكماء الاقتصاد” المعنية بإرشاد الحكومة الألمانية في الشؤون الاقتصادية، مونيكا شنيتسر، في تصريحات صحفية: “تحتاج ألمانيا إلى 1.5 مليون مهاجر سنوياً، إذا كنا نريد الحفاظ على عدد القوة العاملة في ضوء هجرة حوالي 400 ألف مواطن خارج البلاد سنوياً، نحن بحاجة ماسة إلى ثقافة ترحيب بالمهاجرين”.
كل ما سبق يجعل من ألمانيا واحة غناء وسوق عمل مفتوح للعمالة المصرية الماهرة، التي تسعى لكسب العيش في الدول الأوروبية، كما يدفع العديد من الشباب المصري للتعلم والتدريب على مختلف المهارات، ورغم ذلك لم يتجاوز عدد المصريين في ألمانيا 85 ألفا فقط، رغم أن ألمانيا أطلقت قانونا جديدا للهجرة يسهل على كل الراغبين من ذوي الخبرات المهرة من المصريين السفر والإقامة هناك.
تسهيلات جديدة يمنحها قانون الهجرة بألمانيا
وبموجب قانون الهجرة الجديد في ألمانيا 2023، تم تحديد نظام نقاط مشابه للنظام الكندي، الذي يأخذ بعين الاعتبار عوامل كالتعليم والمهارات اللغوية. ويتم أيضا الاعتراف بالمؤهلات المهنية الأجنبية.
ويعتمد القانون الجديد على “نظام النقاط ويتم من خلاله تقييم أهلية المتقدم بناء على 5 معايير، هي: العمر، والتأهيل العلمي، وإتقان الألمانية، والخبرات المهنية، والعلاقة مع ألمانيا، وعلى “بطاقة الفرص” التي تمنح الأجنبي الذي حصل عليها -وفقا للمعايير الخمسة المذكورة- الحق في البحث عن فرصة عمل لمدة عام كامل.
ويسهل القانون منح التأشيرات في القنصليات الألمانية في الخارج من دون عقبات، والاعتراف بالشهادات الأجنبية وحتى عدم اشتراط الاعتراف ببعض الشهادات من أجل العمل والانتقال من مهنة إلى أخرى بصرف النظر عن المؤهلات المهنية ومنح الشركات الحق في تحديد معايير الموظفين الذين تحتاج إليهم، وينص القانون الجديد -في إطار ما يعرف بمعيار “تغيير الاتجاه”، على السماح لكل لاجئ وصل الأراضي الألمانية قبل 29 مارس2023 بالخروج من صفة اللاجئ والحصول على إقامة عمل بشرط إيجاد فرصة عمل، ما يعني السماح له بلم شمل عائلته.
“وصال” تواصلت مع أحد العمال في ألمانيا يدعى زياد سعيد، ويعمل بإحدى المقاهي بمدينة برلين فيقول: “فرصة العمل تزيد وتنقص في ألمانيا بشكل كبير لكن في أغلب الاحوال الفرص متاحة بشكل كبير وعلى المصريين استغلال القانون الجديد لاقتناص تلك الفرص، وأنا من خلال عملي بالمقهى العربي في وسط برلين يأتي لي العديد من المصريين والعرب يسألونني عن فرص عمل ولا أبخل عليهم ان كانت هناك فرص متاحة أمامي.
ويضيف سعيد: سمعنا بتغيير قانون الهجرة منذ عهد ميركل لكنه تطور كثيرا في الشهور الأخيرة مما أتاح الفرص أما الكثير للقدوم لألمانيا، فالقانون الجديد يمنح الشخص الحاصل على تأشيرة “شينجن” الحق في القدوم إلى ألمانيا كسائح لمدة 90 يوما، وخلال تلك الفترة، يمكنه البحث عن عمل سواء وفور الحصول على فرصة عمل يستطيع تغيير تأشيرته إلى تأشيرة عمل.
ويؤكد سعيد أن القانون الجديد لا يشترط تعلم اللغة الألمانية، لكن على المتقدم للحصول على وظيفة أن يراعي هذا الأمر فإن كان سيتعامل مع جمهور كالعاملين في مجال المطاعم والمقاهي والمستشفيات فيجب عليه تعلم الألماني ليحسن التعامل مع الأفراد.
وينصح سعيد المصريين بالقدوم إلى ألمانيا خاصة في ظل تدني الأوضاع الاقتصادية في مصر، مضيفا: الفرص متاحة في ألمانيا والحياة بكل الأحوال ستكون أفضل من مصر بالإضافة أن الأجور محترمة ومجزية رغم أن نسبة الضرائب عالية لكن في النهاية الرواتب تكفل لك ولعائلتك حياة كريمة.