كتب- محمد أبو الدهب..
في خطوة وصفت بـ “التاريخية وغير المتوقعة”، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة، فرنسوا بايرو، البالغ من العمر 73 عامًا، رئيسًا لوزراء فرنسا.
وعاد بايرو صاحب المسيرة السياسية الطويلة المليئة بالتقلبات، ليتولًى منصب رئيس الحكومة عقب التصويت بحجب الثقة عن ميشيل بارنييه في الجمعية الوطنية منذ 9 أيام.
من هو فرنسوا بايرو؟
فرنسوا بايرو هو زعيم حزب «مودم – MoDem»، ومرشح رئاسي سابق ثلاث مرات بين عامي 2002 و2012، شغل العديد من المناصب الوزارية، أبرزها وزير التعليم بين 1993 و1997، ووزير العدل في 2017.
رُغم ذلك؛ فإن رئيس وزراء فرنسا الجديد يواجه اليوم أصعب تحديَّات مسيرته السياسية، حيث يقع على عاتقه إعادة الاستقرار إلى المشهد السياسي الفرنسي الذي يعيش حالة من الانقسام غير المسبوق.
مناهض للحجاب
عُرف بايرو خلال توليه لحقيبة وزارة التعليم بفصله لعدد من الطالبات المسلمات من المدارس الفرنسية بسبب ارتدائهن للحجاب.
ورفض رئيس وزراء فرنسا الجديد فكرة صراع الحضارات، ودعا لخوض الحضارات متحدة حربًا ضد “الإرهابيين” الذين وصفهم بالبرابرة والمتوحشين.
شبهة اختلاس
دعم بايرو إيمانويل ماكرون في انتخابات عام 2017، وعُين حينذاك وزيرًا للعدل، لكنه لم يبق في منصبه سوى 34 يومًا، بسبب شبهة اختلاس أموال أوروبية، على خلفية دفع رواتب مساعدين برلمانيين من حزبه «موديم».
وفي فبراير 2024، أصدرت محكمة ابتدائية حكمًا بإدانة «موديم»، لكن تمت تبرئة بايرو، واستأنفت النيابة العامة الحكم.
برلمان منقسم وتحالفات هشة
حل الجمعية الوطنية في يونيو 2024 أدّى إلى تركيبة برلمانية مُجزّأة بشدة، ورُغم دعم رئيس وزراء فرنسا الجديد للرئيس إيمانويل ماكرون؛ فإن تحالفاته البرلمانية ضعيفة.
وحزب «مودم» وكتل أخرى مثل حزب «آفاق» بقيادة إدوارد فيليب لا يملكون سوى 230 نائبًا من أصل 577، ما يضعه في مواجهة ضرورة بناء تحالفات جديدة، خاصة مع قوى اليسار، لضمان الأغلبية البرلمانية المطلوبة (289 نائبًا).
ورفض زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور تقديم الدعم لرئيس الوزراء الجديد يزيد من صعوبة المشهد، ومع ذلك، يبقى تشكيل الحكومة الجديدة نقطة محورية لتحديد ملامح التحالفات السياسية واستقرار الحكومة المقبلة.
تحديات اقتصادية كبيرة
إلى جانب الأزمة السياسية، يواجه بايرو وضعًا اقتصاديًا حرجًا، حيث من المتوقع أن تشهد فرنسا عجزًا في الميزانية لعام 2024 بنسبة 6.1% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ضعف الحد المسموح به في الاتحاد الأوروبي.
وفشل سلفه ميشيل بارنييه في تمرير قانون الميزانية فاقم الوضع، وترك أمام بايرو مهمة إيجاد حلول مبتكرة لمعالجة الأزمة الاقتصادية، بما يشمل خفض الإنفاق وزيادة الإيرادات دون إثارة مزيد من الانقسامات.
ولذلك وسيترأس بايرو “حكومة مصلحة عامة” وفق توصيات ماكرون، وسيواجه مهمة هائلة مع اعتبار موازنة عام 2025 أولوية، في وقت تعاني فرنسا ديونا هائلة.
الرهانات السياسية ومستقبل بايرو
رُغم تاريخه الحافل وطموحه السياسي للوصول إلى قصر الإليزيه؛ فإن نجاح بايرو كرئيس للوزراء سيعتمد على قدرته على مواجهة التحديات الاقتصادية وبناء تحالفات قوية.
وبذلك يصبح بايرو سادس رئيس للوزراء منذ انتخاب إيمانويل ماكرون لأول مرة عام 2017، وهو الرابع في عام 2024، ما يعكس حالة عدم استقرار في السلطة التنفيذية لم تشهدها فرنسا منذ عقود.
وستكون الأسابيع المقبلة حاسمة في اختبار مهاراته السياسية وقدرته على التفاوض مع قوى المعارضة.
حياته
نشأ بايرو في عائلة زراعية في جنوب فرنسا، حيث ولد يوم 25 مايو 1951 في بوردر بمنطقة بيرني أتلنتيك (البرانيس الأطلسية)، وتزوّج في سن العشرين وله ستة أطفال.
وحصل رئيس وزراء فرنسا الجديد على شهادة البكالوريوس في الأدب من جامعة بوردو 3 وعمره 23 عامًا، قبل أن يتجه إلى عالم السياسة.
مشواره السياسي والمهني
أولى خطواته في عالم السياسية بدأت كمتعاطف مع الحركات المناهضة للعنف، ثم انتخب نائبًا عن حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية الفرنسية (UDF) عن منطقة بيرني أتلنتيك (جنوب غرب) عام 1982.
وبعد ست سنوات أصبح رئيسًا للحزب، وترأس أحزاب الوسط الديمقراطية الاجتماعية: حزب القوى الديمقراطية (CDS)، وحزب الاتحاد من أجل الديمقراطية الفرنسية (UDF)، وحزب الحركة الديمقراطية.
وترأس فرانسوا بايرو المجلس العام لمنطقة بيرني أتلنتيك، وانتخب مستشارًا في بلدية مدينة بو.
وعمل وزيرًا للتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي في ثلاث حكومات يمينية، وشغل منصب نائب برلماني عن منطقة بيرني أتلنتيك في الفترة ما بين 1986و2012، كما عمل مستشارًا لرئيس البرلمان الأوروبي.
فرنسا.. ارتداء الحجاب يقلل من فرص الحصول على وظيفة بنسبة 81.4%