كتب- محمد أبو الدهب..
احتدم الصراع بين القضاء والحكومة بعد إقرار مرسوم الهجرة “مرسوم التدفق” في إيطاليا، حيث تشهد الساحة السياسية والقضائية صراعًا حول البنود الجديدة المتعلقة بقضية المهاجرين.
انتقادات متبادلة
يتجسد هذا الصراع في الانتقادات المتبادلة بشأن مرسوم التدفق والسياسات التي تهدف إلى ضبط ملف الهجرة، ما أثار انقسامًا واضحًا بين السلطتين القضائية والتنفيذية.
وكيل وزارة العدل أندريا ديلماسترو، جدد الهجوم على القضاء، ووجه انتقادات حادة إلى هيئة الحكم الذاتي للسلطة القضائية، التي رفضت بعض بنود مرسوم التدفق.
دفاع عن مراكز احتجاز ألبانيا
واعتبر ديلماسترو أن “الرفض ليس من اختصاص هيئة غير منتخبة”، ودافع بشدة عن نقل مركز احتجاز المهاجرين إلى ألبانيا.
وأشار وكيل وزارة العدل الموالي لحكومة جورجيا ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا، إلى أن محكمة العدل الأوروبية ستدعم توجهات الحكومة في النهاية فيما يخص ملف الهجرة.
مجلس القضاء يرفض مرسوم الهجرة
في المقابل، رفض المجلس الأعلى للقضاء في إيطاليا (CSM) بعض بنود المرسوم، لا سيما ما يتعلق منها بنقل مسؤولية مراجعة قضايا احتجاز طالبي اللجوء من المحاكم المتخصصة إلى محاكم الاستئناف.
واعتبر المجلس أن هذا الإجراء قد يؤدي إلى إطالة فترات البت في القضايا ويؤثر سلبًا على كفاءة النظام القضائي.
جدل حول بنود مرسوم الهجرة
أثار نص مرسوم الهجرة الجديد الذي أقره مجلس الشيوخ الإيطالي، انتقادات واسعة من القضاة، وتركّزت النقاط الخلافية في:
- إعادة هيكلة المسؤوليات القضائية: منح محاكم الاستئناف صلاحية التحقق من احتجاز طالبي اللجوء، بدلاً من الأقسام المتخصصة.
- تعريف الدول “الآمنة”: تضم القائمة الجديدة دولًا مثل بنغلاديش، مصر، والمغرب، مما يزيد من صعوبة تقديم طلبات اللجوء.
- سرية العقود العامة: فرض السرية على العقود المتعلقة بمراقبة الحدود والإنقاذ البحري.
- نقل مسؤولية مراجعة قضايا احتجاز طالبي اللجوء من محاكم الهجرة إلى محاكم الاستئناف.
نظر طلبات اللجوء من قبل محاكم الاستئناف
يعد هذا البند أبرز الانتقادات من القضاء، الذي أثار مخاوف بشأن قدرة محاكم الاستئناف على التعامل مع قضايا الهجرة بفعالية.
ويرى المجلس أن تلك المحاكم تعاني من النقص في التخصص والخبرة، ما قد يؤدي إلى تأخير الإجراءات وزيادة الضغط على الموارد البشرية.
وفي 22 نوفمبر الماضي؛ وافقت لجنة الشؤون الدستورية بمجلس النواب على مُقترح قُدِّم من مقررة اللجنة الإيطالية من أصل مصري سارة كيلاني فيما عُرف بـ «تعديل ماسك».
مقترح يُثير الأزمة
واقترحت النائبة إدخال تعديل على مرسوم تدفقات المهاجرين يُلغي اختصاص النظر في طعون المهاجرين من قبل أقسام الهجرة بالمحاكم، ومنحها إلى محاكم الاستئناف.
وبذلك يزيل تعديل سارة كيلاني الاختصاص القضائي في الطعون الخاصة باحتجاز المهاجرين من المحاكم، ويسندها إلى محاكم الاستئناف أو قضاة الدرجة الثانية.
وهذا يعني أن المحاكم المدنية لن تكون قادرة على منع نقل المهاجرين إلى ألبانيا، أو التعامل مع الاختيار بين الاحتجاز والرفض، بعد إقرار القانون كاملًا من مجلس الشورى.
تعديل ماسك
وأطلق على الاقتراح «تعديل ماسك»، نسبة إلى رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك، الذي انتقد قرارات القضاة في إيطاليا برفض ترحيل المهاجرين لمراكز الاحتجاز في ألبانيا.
ونشر ماسك تدوينة على منصة x التي يمتلكها، قال فيها: “هؤلاء القضاة بحاجة إلى الرحيل”، ما أثار غضب القضاة ورئيس الجمهورية الإيطالي.
لمزيد من التفاصيل:
أصولها مصرية.. من هي النائبة «سارة كيلاني» التي أثارت غضب القضاة في إيطاليا؟
ردود فعل متباينة
في سياق متصل، دعت المعارضة إلى مراجعة شاملة للسياسات، مُحذِّرة من أن الخطوات الحالية قد تزيد التوترات وتؤدِّي إلى نتائج عكسية، خصوصًا في ظل الاعتماد المفرط على محاكم الاستئناف.
بداية الصراع بين القضاء والحكومة في إيطاليا
تُمثّل تلك المُستجدات محطة جديدة من محطات الصراع بين السلطتين القضائية، والتنفيذية المُتمثلة في حكومة إيطاليا حول بعض البنود في ملف المهاجرين.
وبدأ الصراع في أكتوبر الماضي، برفض محكمة الهجرة في روما التصديق على قرار الحكومة بترحيل مهاجرين غير شرعيين من مصر وبنجلاديش إلى مراكز الاحتجاز في ألبانيا.
لمزيد من التفاصيل:
بسبب الهجرة.. 5 محطات تبرز الصدام بين القضاء والحكومة في إيطاليا
مستقبل العلاقة بين الحكومة والقضاء
تثير هذه المواجهة تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين السلطات في إيطاليا، وحدود تدخل كل منها في القضايا الوطنية الحساسة.
وبينما تؤكد الحكومة أن سياساتها تهدف إلى تعزيز الأمن الوطني، يرى القضاء أنها قد تقوض التوازن القضائي وتؤدي إلى أعباء إضافية تهدد فعالية النظام القانوني.
ويبقى السؤال الأبرز: هل ستتمكن الحكومة والقضاء من إيجاد أرضية مشتركة لحل هذه الخلافات، أم أن الصراع سيستمر في التصاعد؟
«مرسوم ألبانيا».. ما موقف المهاجرين المصريين بعد إقرار قائمة الدولة الآمنة الـ19 في إيطاليا؟