كتبت – هناء سويلم..
الدكتورة شيما بهجت الكنفاني، هي إحدى الكوادر المصرية الناجحة في بريطانيا، تعمل كلايف كوتش تساعد المصريين بالخارج على تجاوز المشكلات النفسية التي قد يتعرضون لها في الغربة وعلى رأسها الاكتئاب، درست علم النفس والبرمجة اللغوية العصبية، وتعمل في مجال الصحة النفسية في بريطانيا.
وصال تواصل مع الدكتورة شيما بهجت، وإليكم نص الحوار:
نريد في البداية أن نعرف من هي شيما بهجت؟
أنا الدكتورة شيماء بهجت الكنفاني، حاصله على درجة الماجستير في علم النفس، درست البرمجة اللغوية العصبية إلى أن أصبحت ممارس للمهنة، كما حصلت على دبلومة التغذية العلاجية لارتباط الصحة النفسية بالتغذية العلاجية.
ومما لا شك فيه التغذية العلاجية زادت شغفي لتتويج عِلمي بدراسة الطب ليكون عملي بين هذين المجالين لكي يكملوا بعض ولكي أساعد أكبر فئة من الأشخاص.
منذ متى وأنتِ في بريطانيا، وما الصعوبات التي واجهتك في بداية سفرك؟
بدأت رحلتي العِلمية والمهنية مُنذ عشر سنوات ابتداءً من أمريكا، إسكتلندا إلى أن استقريت في ويلز بالمملكة المتحدة.
أما عن الصعوبات فدائمًا ما أشدد عليه أن ما تردده يُخزن في اللاوعي ومع الوقت يصبح جزء من تفكيرك، قناعاتك ونمط حياتك،
ولأن العقل الباطن يحتل نسبة 80% لذلك مهم جدًا أن ننتقي المفردات التي من خلالها تشكل شخصيتي، قناعاتك وأفكارك وتحديد البوصلة.
لذلك من وجهة نظري الشخصية لا أؤمن بقول الصعوبات والمشاكل بل أراها تحدي.
والتحدي في صورته الصِحيِة السَوية هو مُده زمنيه وتنتهي ويتحقق عن طريقه المعرفة ويكمن منه التكليل والنجاح، فأنا لم أخلق على هذه الأرض عبثًا لذلك أمتلك الرؤية ولأني شخص مؤمن بقدراته سألت نفسي 3 أسئلة: من أنت؟ ماذا تمتلك من مهارات وماذا تريد لتطويرها؟ ماذا تريد لكي تصنع الفارق؟
ومنها مشيت بخطوات ثابته لأني لم أمتلك ثقافة الاستسلام ولا التفكير السلبي.
حدثينا عن طبيعة عملك في بريطانيا وأوجه الاختلاف بينها وبين مصر؟
أعمل في مجال الصحة النفسية ومجال الصحة والتغذية، ومن خلال عملي قابلت العديد من الحالات باختلاف خلفياتهم وعقيدتهم وقناعاتهم، والشيء الذي كنت أبحث عنه دومًا في بداية رحلتي في UK ماهي أكثر المشاكل التي يتعرض لها الشخص هنا بغض النظر عن جنسيته وكان بعد إحصائيات كتيره وجدت
1- Mental health issues
2- Domestic Violence
وهذان المجالان من صميم دراستي وعملي أيضا، وأثناء عملي في بريطانيا لاحظت أن الصحة النفسية وثقافة الغذاء مقارنة بمصر، الفارق كبير لأن نمط حياتهم مختلف.
التغذية العلاجية والصحة النفسية في مصر ومنظورهم الحالي تغير كثيرا عن السنوات الماضية، ويبقي فئة من الأشخاص مازال المتعارف عن الصحة النفسية هي طبيب نفسي ويشخص الحالة تحت مفهوم غير القادر علي اتخاذ القرار ( ذهاب العقل أو ذهاب الوعي ) ولكن الصحة النفسية في تعريفها الصحيح غير ذلك .
ومما لا شك فيه اختلف منظور الصحة النفسية وثقافة الغذاء في أخر 3 سنين بمصر مما زاد الوعي عند الأفراد لذلك دوري في تغيير الوعي النمطي والمعرفي السلوكي يعد أمر مهم بالنسبة لي وهذا الذي أسعى له.
من خلال عملي مع حالات مختلفة كان في نقاط مشتركه عدم الاحتواء من الآخرين، عدم الاستيعاب، الحكم على الآخرين، إن الأشخاص لم يشعروا بالاكتفاء في حياة الأخرين لذلك يفضلوا العزلة، عدم التقدير والاحترام لكينونة الفرد والعنصر المهم الفئات الطبقية التي تسببت في مشاكل نفسيه جسيمة.
هناك شخصيه انجليزية عمرها لم يتجاوز الثلاثين ودائما تفضل العيش بمفردها ولا تشعر بالأمان في الخروج خارج منزلها ولا تريد أن تكون علاقات أو صدقات وخلق تواصل مع المجتمع وهذا راجع لرفضها لنفسها.
ومن الأشخاص العرب التي عملت معهم يوجد أشياء مشتركه هو الاستسلام لمجريات الأمور، يعيشوا حياه لم تمثلهم حتي لو يعلموا ذلك لأنهم ليس عندهم القدرة علي المواجهة وإيجاد الحلول لمثل هذه التحديات.
إذن سوف أذكر مرارًا وتكرارا هنا يلعب دور الوعي والإدراك لأنهم المسؤولين عن تشكيل حياة الفرد مهما واجه من تحديات بالطريق والحث علي إلغاء التفكير القمعي لدي الأفراد.
متى ينبغي للمغترب المصري أن يلجأ للمعالج النفسي؟
ينبغي على المغترب اللجوء الي المعالج النفسي عِندما يشعر بالتشتت الداخلي والصراع الذي يؤثر علي حياته بأصعدتها المختلفة، وعندما يشعر أنه ليس مرغوب فيه لأن في هذه الحالة وما يعانيه ليس بسبب الأخرين ولكن بوضوح هي في عدم تقبله لذاته، لأوضاعه الراهنة.
وهناك تمرين بسيط يساعد الشخص يتعرف على نفسه لكي يحدد ماهي البوصلة لعبور الطريق، يوجد ثلاث أزمنة: الماضي، الحاضر، والمستقبل
يعطي نفسه كم نسبه مئوية وأي زمن يمثله، بمعني هل هو بنسبه أكبر في الماضي، أم في الحاضر أم في المستقبل.
ومن النسبة وقتها أحدد متي يحتاج الي التدخل النفسي ويرجع الي المختص ليساعده في التشوه النفسي والفكري للخروج من النفق المظلم وعنق الزجاجة.
وهنا العقل الباطن يلعب دورًا في النشاط المعرفي وهذه تعد حقيقة لا يمكن إنكارها.
ما هي المعوقات النفسية التي تواجه أي مصري في الغربة في بداية سفره، وكيف يمكن التغلب عليها؟
اختلاف الثقافات والعادات مما يسبب عدم الانخراط في المجتمع ومنها تأتي العزلة، وهذا يؤدي إلى الاكتئاب والبعض منها يؤدي إلي الانتحار.
ويوجد أنواع للاكتئاب: هناك حالات نحتاج فيها لعدد من الجلسات وهذا يسمي بالمستوي الأول وهناك من يحتاج للخضوع الي الأدوية.
انحباس الشخص سجين أفكاره والتبلور مع الماضي ويوجد فئة من الأشخاص تعيش بنفس مستوي تربيتهم من الجانب الفكري، كيفية تربية أبنائهم.
باختصار يسلكوا نهج آبائهم والطريقة التي نشئوا بها، عدم المرونة والتعامل بحياديه تجاه الأمور.
وكيف يمكن التغلب عليها؟
نظرية النظارة، ألا وهي منظوري وقناعاتي تجاه مجريات الأمور، هي البرمجة التي تتمركز بالعقل وتتحكم في ترجمة الشخص للأحداث، ترجمة الأحداث بناءً على المعلومات التي يمتلكها الشخص ولم تكن بناءً علي الحقيقة. لذلك طريقة التفكير وبرمجتك لرؤية الأشياء هي أدوات قوية جدًا لتغيير أي واقع.
برأيك ما الفئة الأكثر إصابة بالضغوطات النفسية من المصريين في الخارج؟
أكثر فئة تمتلك الضغوطات النفسية هم الذين لم يعترفوا بالطب النفسي وضرورة التواصل مع المعالج النفسي، هم الذين لم يتعرفوا على أنفسهم ولم يصاحبوها بالطريق، هم الذين يضعوا أنفسهم في أخر القائمة أو رُبما ليست ذاتهم من أولويات حياتهم، من يلعبوا دور الضحية ليروا تعاطف الاخرين معهم وهذا راجع لعدم تقدير الذات.
ما نسبة إصابة المصريين بالخارج بالاكتئاب؟ وما هي أسباب إصابة المغترب بالاكتئاب؟
تقدر النسبة بـ 25 ٪ من المصريين في الخارج وهذا راجع لبعض الإحصائيات وبعض الإحصائيات قالت انها تقدر بالملايين، وأن الاكتئاب أكثر شيوعًا بين النساء مقارنة بالرجال بنسبه 50 ٪، ونسبه تقدر بـ 15 ٪ من النساء الحوامل.
والشيء الأكثر شيوعًا هو أن المصريين بالخارج تعيش بنفس النمط الحياتي الذي كانوا عليها في مصر، مما يجعلهم يصطدمون بالواقع لعدم مرونتهم، والتشبث حتي لعادات الأكل، نظرتهم لمن أصولهم بريطانية تثير الشكوك وعدم الشعور بالأريحية مما يجعل الصراعات الداخلية والمشاكل النفسية المصطحبة من الماضي تشكل اضطراب نفسي تتفاوت نسبته من شخص لأخر (عدم التقبل).
أعطينا روشتة حماية للمصري الراغب في السفر حتى لا يقع في فخ اكتئاب الغرب؟
الابتعاد عن السموم الإكلينكية، ومعرفة أبعادك الصحية وكيفية التعامل مع حالتك الصحية وما تتناوله، الابتعاد عن التلوث الاشعاعي وتغير أنماط حياتك، مهارات تطوير الذات، والانضباط عن طريق الاهتمام بجسمك.
استثمر في علاقتك بعقلك، الصحة النفسية هي سر الاستمرارية، وتنمية التوسع الإدراكي أو المتعارف عليه بالذكاء العاطفي.
تفعيل العلاج السلوكي، تطوير الذات والاستثمار فيها وتغير النمط الحياتي للأفراد.
هل عقلية المرأة المصرية تختلف باختلاف ظروف البيئة المحيطة بها في السفر أم تظل حبيسة العادات والتقاليد المصرية؟
في هذه النقطة استعنت بأراء المصريين المقيمين بالخارج من الجنسين وسوف أذكر البعض منها
من ضمن هذه الآراء جنسيات مختلفة، أشخاص يمنيه وسوريه ومصرية كلهم تعرضوا للغربة نساء ورجال، لا يوجد واقع ثابت بنسبه ١٠٠٪ ، لكن بنسبه كبيره تختلف عقليه المرأة المصرية حسب البيئة المحيطة بها حيث تتكيف على المعيشة حسب الوضع المفروض عليها لكن مع الحفاظ على العادات والتقاليد دون التخلي عنها، ولكل قاعده شواذ.
فالنسبة الأكبر أن المرأة المصرية واعيه ومتعلمه لازم تختلف على حسب المكان الذي تعيش فيه لكي تتعايش لكن بحدود.
والمراة الذكية هي التي تتغير للأحسن مع الاحتفاظ بعاداتها وتقاليدها مثل الدين والأصول وارتداء الملابس.
دكتوره مصرية تعيس بانجلترا ذكرت أن هناك سيدات عندها استعداد للتغيير للأحسن وتتعرف علي الفرق التي أمامها ويوجد طائفه تعيش بمثل نمط معيشتهم بمصر أو أي دوله عربيه وهنا تدخل في حالة اكتئاب بسبب عدم التكيف.
ولكن شخصية الإنسان تلعب دور كبير في اختلاف عقليته وعلي حسب الظروف البيئة المحيطة.
هل تربية الأبناء في الخارج تسبب ضغوط نفسية للأبوين بسبب اختلاف المجتمع الغربي عن المجتمع المصري؟
نعم، تسبب ضغوط نفسيه مع من يمتلك مشاكل نفسيه ولا يجيد ثقافة الحوار أو رُبما ليست نمطه الفكري، فالكثير من الجالية المصرية تواجه تحدي كبير سواء الآباء أو الأبناء مع النفس أولًا ومنها مع المجتمع الغربي مما زاد الصراع الداخلي، والأبناء تواجه تحدي كبير أيضا عِندما تريد الانخراط مع أصدقائهم وأحيانا يتزايد الصراع بين الوجهة العقائدية بداخل الأبناء أنفسهم لذلك يواجهوا تحدي كبير مع أنفسهم والمجتمع
ومنهم من يتعرض للتنمر وعندما لا يوجد تواصل جيد بين الآباء والأبناء يحدث التصادم.
لذلك الوعي وكيفية التواصل الجيد مع الأبناء بطريقه عقلانية وتربوية يتفادى الكثير من التحديات إلي أن تصبح علاقة الآباء بالأبناء قوية وتملأها الثقة.
ما هي أصعب المشكلات التي تواجه الآباء المصريين في الغربة مع الأبناء المراهقين، خاصة مع رؤية أصدقائهم في المدرسة يدخلون في علاقات عاطفية وهم لا يستطيعون لأسباب دينية.
الخوف علي أولادهم من المجتمع الغربي من عادات وتقاليد، يخافون عليهم من الانخراط مع المجتمع الغربي ومن تكوين الصدقات لأن هنا جميع الأبناء تعرف حقوقها باختلاف أعمارهم، لذلك الآباء تحصر أبناءهم بشكل ممكن يعكس الضوء علي التخوفات إلي أن تبقي حقيقه لأن طريقة تفكير الشخص هي تجذب له ما يفكر فيه سواء تفكير إيجابي أم سلبي.
لذلك يحصره ويخنقه بسبب الأعراف وطرق التربية المغلوطة، وبالتالي مع الوقت الآباء تقفد السيطرة وهذا يؤثر تأثير سلبي علي الأبناء.
ومرحله المراهقة أصعب مرحله، تأخذ من الآباء مجهود كبير جدًا وتركيز قوى لمتابعه التغيرات النفسية والفكرية للمراهق لكن من خبره السابقين الاعتماد الكلى بيكون على تربيه الطفل من صغره على الدين والتقاليد والحدود في كل شيء وتوعيه الطفل منذ الصغر على حدود المعاملة وحدود العلاقات.
حدثينا عن أغرب قصص واجهتك أثناء عملك كلايف كوتش للمصريين في الغربة.
هناك جزء نفسي مهم أن الشخص عندما يأتي هنا ويتعرض لاكتئاب أو ضغوط نفسيه هي ليست فقط بسبب تحديات السفر بل بعض الأشخاص معبأة بضغوط كتيره وتحديات تبدأ من الصغر وعلي مدار سنين حياته إلى أن تخدرت الأفكار والمشاعر وأصبحت تظهر في سلوك عدواني أو مرض نفسي/ عضوي.