كتبت إسراء محمد علي..
قالت السفيرة سها الجندي، وزيرة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج، إن هناك أهمية كبرى لدراسة والاستفادة من التجارب الناجحة للدول الأخرى الأكثر جذبا للتحويلات الأجنبية وفي مقدمتها دولة الهند، والتي استقبلت العام الماضي أعلى رقم للتحويلات في تاريخها وبلغ 111 مليار دولار، والتي كان السبب الرئيسي فيها هو العمالة الهندية الكثيفة بالخارج، فكيف نجحت الهند في استقطاب أموال مغتربيها في الخارج؟.
احتلت الهند المرتبة الأولى عالميًا في تلقي التحويلات المالية من المغتربين في عام 2022، حيث بلغ إجمالي التحويلات 100 مليار دولار تزايد ليكون 111 مليار دولار، على عكس تحويلات المصريين في الخارج الدولارية، والتي انخفضت لتسجل 22.1 مليار دولار في العام المالي 2023/2022، مقابل 31.9 مليار دولار في عام 2021/2022.
في الهند، تمثل هذه التحويلات مصدرًا هامًا للدخل بالنسبة للعديد من الأسر الهندية، وتلعب دورًا حيويًا في دعم الاقتصاد الهندي، وتأتي الولايات المتحدة الأمريكية في مقدمة الدول المصدرة للتحويلات إلى الهند، تليها الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، لذا تسعى الحكومة الهندية إلى تسهيل عملية إرسال واستقبال التحويلات المالية من الخارج، وتشجيع المغتربين على الاستثمار في بلدهم الأم، ويستفيد من هذه التحويلات بشكل مباشر أفراد عائلات المغتربين، حيث يستخدمونها لتغطية نفقاتهم اليومية مثل التعليم والرعاية الصحية والإسكان.
كما تلعب تحويلات المغتربين دورًا هامًا في دعم الاقتصاد الهندي من خلال زيادة الاحتياطيات الأجنبية، وتحفيز الاستثمار، وتقليل الفقر، وخفض عجز الحساب الجاري.
وتعمل الحكومة الهندية على تسهيل عملية إرسال واستقبال التحويلات المالية من الخارج، وتشجع المغتربين على الاستثمار في بلدهم الأم من خلال خفض رسوم التحويل، تحسين البنية التحتية المالية، نشر الوعي بالخدمات المالية المتاحة، وتقديم حوافز للمغتربين للاستثمار في الهند.
ومن المتوقع أن تستمر تحويلات المغتربين إلى الهند في النمو خلال السنوات القادمة، مما سيكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد الهندي.
1. خفض رسوم التحويل:
من خلال اتفاقيات مع الدول المصدرة للتحويلات، حيث وقعت الحكومة الهندية اتفاقيات مع العديد من الدول المصدرة للتحويلات، مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، تهدف إلى خفض رسوم التحويل، وساعدت هذه الاتفاقيات في خفض تكلفة إرسال التحويلات بشكل كبير.
2- تشجيع استخدام القنوات الرقمية
تشجع الحكومة الهندية على استخدام القنوات الرقمية لإرسال واستقبال التحويلات المالية، حيث تتميز بانخفاض رسومها وسرعتها، وتقدم العديد من البنوك والمؤسسات المالية الهندية خدمات تحويل الأموال عبر الإنترنت بأسعار تنافسية.
3- تحسين البنية التحتية المالية وتطوير أنظمة الدفع الرقمي
تعمل الحكومة الهندية على تطوير أنظمة الدفع الرقمي لجعل عملية إرسال واستقبال التحويلات المالية أكثر سهولة وسرعة، تم إطلاق العديد من التطبيقات والخدمات المالية الرقمية، مثل UPI و BHIM، لتسهيل المعاملات المالية.
4- توسيع شبكة فروع البنوك
تعمل الحكومة على توسيع شبكة فروع البنوك في جميع أنحاء الهند، خاصة في المناطق الريفية، لجعل الخدمات المالية متاحة للجميع، وساعد ذلك في تسهيل عملية إرسال واستقبال التحويلات المالية من قبل المغتربين.
5- نشر الوعي بالخدمات المالية المتاحة
تنظم الحكومة الهندية حملات توعية لنشر الوعي بين المغتربين حول الخدمات المالية المتاحة لهم، وتهدف هذه الحملات إلى مساعدة المغتربين على اختيار أفضل طريقة لإرسال واستقبال التحويلات المالية، ومن خلال منصات إلكترونية، حيث تم إطلاق العديد من المنصات الإلكترونية لتقديم معلومات حول الخدمات المالية المتاحة للمغتربين، وتوفر هذه المنصات معلومات حول رسوم التحويل، وسرعة المعاملات، وميزات الأمان.
6- تقديم حوافز للمغتربين للاستثمار في الهند
تقدم الحكومة الهندية العديد من برامج الاستثمار للمغتربين، مثل برنامج NRI Bonds و برنامج Pradhan Mantri Jan Dhan Yojana، وتهدف هذه البرامج إلى تشجيع المغتربين على الاستثمار في بلدهم الأم.
وكذلك الإعفاءات الضريبية، فتقدم الحكومة الهندية إعفاءات ضريبية للمغتربين على بعض أنواع الاستثمارات، وتهدف هذه الإعفاءات إلى جذب المزيد من الاستثمارات من المغتربين.
7- تسهيل عملية فتح الحسابات المصرفية
من خلال إجراءات مبسطة، فقامت الحكومة الهندية بتبسيط إجراءات فتح الحسابات المصرفية للمغتربين، ويمكن للمغتربين الآن فتح حسابات بنكية في الهند عبر الإنترنت دون الحاجة إلى السفر إلى الهند، الوثائق مطلوبة قليلة فقد تم تقليل عدد الوثائق المطلوبة لفتح حساب بنكي للمغتربين.
8- توفير قنوات آمنة للتحويلات
مثل أنظمة تحويل الأموال المرخصة، تعمل الحكومة الهندية على ضمان أن جميع أنظمة تحويل الأموال المرخصة آمنة موثوقة، ويتم إجراء عمليات تفتيش منتظمة على أنظمة تحويل الأموال لضمان التزامها بالمعايير الدولية.
وجنت الهند ثمار جهود الحكومة في هذا الصدد، فقد ساعدت جهود الحكومة الهندية في زيادة تحويلات المغتربين إلى الهند بشكل كبير، وأصبح إرسال واستقبال التحويلات المالية من الخارج أكثر سهولة وسرعة، وأصبح المغتربين أكثر وعيًا بالخدمات المالية المتاحة لهم، وارتفع عدد المغتربين الذين يستثمرون في الهند.
ولكن لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجه تحويلات المغتربين إلى الهند، مثل نقص الوعي بين بعض المغتربين حول الخدمات المالية المتاحة، وارتفاع رسوم التحويل في بعض الأحيان، وبطء عملية التحويل.
وما كانت لتنجح جهود الحكومة لولا رؤية الهنود في الخارج لتحويل الأموال إلى الهند على أنه واجب ومسؤولية، حيث يشعر العديد من الهنود في الخارج بمسؤولية إرسال الأموال إلى عائلاتهم وأصدقائهم في الهند، وتعتبر هذه الأموال مصدرًا هامًا للدخل بالنسبة للعديد من الأسر الهندية، وتساعد في تغطية نفقاتهم اليومية مثل التعليم والرعاية الصحية والإسكان، ويشعر الهنود بالفخر بتقديم المساعدة لأحبائهم في الهند.
ويرى بعض الهنود في الخارج تحويل الأموال إلى الهند كاستثمار في مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم، ويستخدمون هذه الأموال لشراء العقارات أو بدء الأعمال التجارية أو الاستثمار في التعليم، ويعتقدون أن هذه الاستثمارات ستؤمن لهم مستقبلًا أفضل عند عودتهم إلى الهند.
يرى بعض الهنود في الخارج من أصحاب النظرة المستقبلية أن تحويل الأموال إلى الهند كطريقة للمساهمة في الاقتصاد الهندي، ستجعل أبنائهم لا يعانون مرارة الاغتراب مستقبلاً، حيث تساعد هذه الأموال في دعم النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، يشعرون بالفخر بمساعدة بلدهم الأم على التطور، وكطريقة للحفاظ على الروابط مع بلدهم الأم، وتساعد هذه الأموال في الحفاظ على العلاقات مع العائلة والأصدقاء، كما أنهم يشعرون بالانتماء إلى الهند من خلال مساعدة أحبائهم هناك.