كتب – هاني جريشة..
أعلنت ولاية بافاريا، المشهورة بمناصرة اللاجئين، توزيع بطاقات الدفع على طالبي اللجوء، حتى تصل إليهم الإعانات عليها، في انتظار تفعيل استعمالها.
وانطلقت أربع بلديات في ولاية بافاريا في تنفيذ قرار إصدار بطاقات الدفع الخاصة بطالبي اللجوء، التي قررت ألمانيا اعتمادها، لدفع اإعانات نقدا.
ويتعلق الأمر بكل من بلدية فورستنفيلدبروك وغونتسبورغ وتراونشتاين بالإضافة إلى شتراوبينغ، التي أطلقت الخطوة التجريبية، وقد صدرت حسب موقع BR24 التابع لهيئة البث البافارية، دفعة أولى من هذه البطاقات لأكثر من 800 شخص خلال اليوم الأول.
ميليسا ليتل، موظفة في بلدية شتراوبينغ، قالت في لقاء صحفي إنه تم توزيع حوالي 200 بطاقة دفع لطالبي اللجوء خلال اليوم الأول لانطلاق العملية. وفي غونتسبورغ أيضا مرت عملية تسليم الدفعة الأولى من البطاقات بشكل سلس، حسب الموقع نفسه.
هانز رايشهارت، مستشار ببلدية غونتسبورغ، يرى أن بطاقة الدفع ستساعد على تبسيط العملية الإدارية وتخفيف العبء على الموظفين.
ويضيف: “كنا ندفع أكثر من 250 ألف يورو نقدًا كل شهر، وكانت العملية تتطلب جهوداً لوجستية وأمنية هائلة”، فيما يأمل رئيس وزراء ولاية بافاريا ماركوس زودر، إلى جانب باقي أعضاء الحكومة، أن يكون اعتماد البطاقات حلا ناجحاً لمنع وصول الأموال إلى المهربين.
الإشارات والرسائل السياسية
بطاقة الدفع ستمكن طالبي اللجوء من شراء الطعام والملابس وغيرها من الضروريات، كما أنها تمنحهم حق سحب 50 يورو نقداً كل شهر.
لكن في المقابل لا تمكنهم البطاقات من التسوق عبر الإنترنت والمقامرة أو تحويل المال إلى شخص آخر أو إلى خارج البلاد، كما يمكن أن يقتصر استخدامها على المنطقة التي صدرت فيها.
توماس كارماسين، رئيس مجلس مقاطعة بافاريا عن حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي، الحاكم في ولاية بافاريا، اعتبر أنه بالإضافة إلى بعث إشارة لتخفيف انجذاب المهاجرين المتوقعين، فإن بطاقة الدفع خففت أيضا الضغوط على موظفي البلديات، مؤكدا أنها لا تمثل أي إهانة لطالبي اللجوء نهائيا، حسب تقرير للقناة التلفزيونية الثانية.
الباحث في العلوم السياسية هانز فورليندر، والذي يشغل منصب رئيس المجلس الاستشاري للحكومة الاتحادية للاندماج والهجرة، قال في حديث لموقع تاغس شاو إن بطاقة الدفع لديها القدرة على تبسيط وتسريع العمليات البيروقراطية.
تباين الآراء بشأن فعالية نظام البطاقة في الحد من جاذبية ألمانيا
ويضيف هانز فورليندر: “نعلم أن المساعدات الاجتماعية ليست عامل جذب حاسم، وأن لطالبي اللجوء أولويات أخرى، كالاستقرار والفرص المهنية وتواجد أفراد الأسرة أو الأصدقاء الذين يمكنهم تقديم الدعم”.
رأي يدعمه عالم الاجتماع ماركوس إنغلر، الذي صرح للمنبر الإعلامي الألماني قائلا “اعتماد بطاقات الدفع عوض النقد، هي سياسة رمزية، لا يتوقع أن يكون لاعتمادها آثارا واضحة على تدفق اللاجئين إلى ألمانيا”.
فيما يرى حقوقيون مثل أندريا كوثن، من منظمة “برو أزول” المدافعة عن حقوق اللاجئين، أن الأمر فيه تمييز ضد الفئة المعنية، وأن ما يصبو إليه السياسيون من ردع الناس عن التفكير في القدوم إلى ألمانيا لن يتحقق باعتماد هذه البطاقات.
كما كانت من بين المنتقدين لهذا النظام، إلين كونيكر، عن مجلس اللاجئين في تورينغن التي صرحت لموقع تاغس شاو أنه “سيتم تقييد طالبي اللجوء، ولن يتمكنوا عبر البطاقات من الدفع مقابل خدمات أو احتياجات في العديد من الأماكن والمحلات، وأيضا عند رغبتهم في شراء تذكرة سفر في منطقة أخرى في ألمانيا”.
خطوة اعتماد بطاقات الدفع هذه، جاءت بعد نقاشات طويلة وجدل واسع في ألمانيا، قبل أن يتفق رؤساء حكومات الولايات مع المستشار الألماني أولاف شولتس في نوفمبر 2023 على أن يحصل طالبو اللجوء على الإعانات كرصيد على بطاقة دفع بدلًا من النقد.
وكان الهدف البارز حينها من تنفيذ الفكرة، هو الحيلولة دون تمكن طالبي اللجوء من بعث وتحويل أموال الإعانات التي يحصلون عليها إلى أقاربهم وأصدقائهم في بلدانهم الأصلية، وأيضا الحد من بعثهم لأموال لعصابات التهريب التي تساعدهم على عبور مختلف البلدان والطرق الخطيرة للوصول إلى ألمانيا.
ومن المنتظر أن تكتمل عملية إصدار البطاقات في كل الولايات الألمانية بحلول صيف 2024، وبحسب المعلومات التي تم تداولها إعلاميا حول الموضوع، فقد يمكن أيضاً استخدام البطاقة عبر تطبيق على الهاتف المحمول.
يشار إلى أنه سبق إطلاق مشاريع تجريبية لإصدار بطاقة دفع لطالبي اللجوء بدلًا من النقد في بعض البلديات، مثل منطقة غرايتس في ولاية تورينغن، وبعد نحو شهر من تطبيق نظام البطاقة وجدت السلطات أن ذلك يبسط الإجراءات الإدارية، لكنها أقرت بوجود شكاوى من بعض طالبي اللجوء لأن البطاقة صالحة ضمن المنطقة فقط. وقد شمل المشروع التجريبي حينها 29 طالب لجوء فقط.