كتبت – أميرة سلطان..
شهدت الأسواق المالية خلال الساعات القليلة الماضية، سلسلة من قرارات خفض سعر الفائدة من قبل عدد من البنوك المركزية الكبرى، والتي ستؤثر بشكل كبير على الاقتصادات العالمية.
حيث اتخذ كل من البنك الفيدرالي الأمريكي، ومصارف قطر والإمارات والسعودية والبحرين وسلطنة عمان، قرارات تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي والتخفيف من تداعيات أسعار الفائدة المرتفعة على القطاعات المختلفة، وذلك في ظل استمرار الجهود لمكافحة التضخم في بعض الاقتصادات الكبرى، بالإضافة إلى التحديات التي تواجهها الأسواق العالمية.
خفض سعر الفائدة
ففي خطوة كانت منتظرة، قرر البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، ليصبح النطاق بين 4.25% و4.50%، وهذه هي المرة الثالثة في عام 2024 التي يتخذ فيها الفيدرالي هذا الإجراء، بعد أن قرر خفض الفائدة في نوفمبر وسبتمبر من العام نفسه، ويرتبط هذا القرار بتوجهات البنك الفيدرالي لتخفيف ضغوط التضخم وتحفيز الأنشطة الاقتصادية بعد ارتفاع أسعار الفائدة لفترة طويلة.
أسعار الفائدة في بنوك الخليج
من جهة أخرى، قرر البنك المركزي العماني خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس ليصبح 5%، في خطوة تهدف إلى دعم الاقتصاد المحلي، وتأتي تلك الخطوة بعد سلسلة من الخفض في الأسعار خلال عام 2024، حيث تم تخفيض الفائدة مرتين في سبتمبر ونوفمبر 2024، كما يركز البنك المركزي العماني على الحفاظ على استقرار العملة المحلية “الريال العماني”، مع ضمان تأثير إيجابي على الأنشطة الاقتصادية من خلال تخفيض كلفة التمويل وتعزيز الثقة بين المستثمرين.
وكان الفيدرالي الأمريكي قد أعلن أيضًا عن تخفيض مماثل في أسعار الفائدة، ما جعل البنوك المركزية في دول الخليج تتبع سياسة مماثلة، بهدف تقليل تكلفة الاقتراض وتعزيز النمو الاقتصادي المحلي.
تخفيض سعر الفائدة
وفي قطر، قرر مصرف قطر المركزي خفض سعر فائدة الإيداع بمقدار 30 نقطة أساس ليصبح 4.60%، وكذلك خفض فائدة الإقراض وسعر إعادة الشراء بمقدار مماثل، أيضًا قام مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي بتخفيض “سعر الأساس” على تسهيلات الإيداع لليلة واحدة بمقدار 25 نقطة أساس، ليصل إلى 4.40%.
أسباب خفض الفائدة
وفي تعليق له على قرار البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأخير بخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، أشار الدكتور أحمد حنفي، الباحث والمحلل الاقتصادي، إلى أن هذا القرار جاء مخالفًا لأغلب التوقعات التي كانت تدور حول سيناريوهات إما خفض متشدد يصل إلى 50 نقطة أساس أو تثبيت سعر الفائدة.
وقال حنفي في تصريحات لـ”وصال” إن قيام الفيدرالي الأمريكي بخفض خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس كان سيتسبب في اضطراب كبير للأسواق المالية، كما أن قرار التثبيت كان أيضًا خيارًا صعبًا في ظل التحديات الاقتصادية الحالية.
وتوقع حنفي أن يتجه الفيدرالي إلى تثبيت الفائدة في مارس 2025 في ضوء المعطيات الاقتصادية، خاصة بعد أن وصل معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى 2.7%، وهو ما يقترب من الهدف البالغ 2%، لكنه لا يزال يشكل تهديدًا لسياسة البنك.
وأضاف: “إذا كان الفيدرالي قد اتجه نحو التشدد في خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، فقد يكون ذلك له تأثير كبير في رفع أسعار الذهب ثلاثة أضعاف المستوى الحالي”.
وبالنسبة للأسواق الذهبية، أشار حنفي إلى أن قرار خفض الفائدة الحالي في الولايات المتحدة قد يدخل الذهب فى مسار تصحيحي هابط، حيث إن الأسواق قد سَعرَت مسبقًا خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، ولا يوجد جديد سيؤثر على اتجاهات الأسعار، لكنه أكد أن حركة الذهب قد تتغير في المستقبل بناءً على تغير السياسات النقدية في الفترات القادمة أو في حالة حدوث تغييرات كبيرة في الاقتصاد الأمريكي.
تأثير قرارات خفض الفائدة
من جانبها، تناولت الدكتورة هدى الملاح، مدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى الاقتصادية، قرار خفض الفائدة من الفيدرالي الأمريكي، مشيرة إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة في الفترة الماضية كان له تأثير سلبى على التضخم وارتفاع أسعار السلع، بما في ذلك السلع المعمرة والعقارات.
وأضافت: “مع ارتفاع أسعار الفائدة، انخفضت القدرة الشرائية للمستهلكين، مما أدى إلى حالة من الركود، ولذا كان من المتوقع أن يبدأ الفيدرالي في التفكير في خفض الفائدة لمحاولة السيطرة على التضخم من جهة، وتشجيع الاستثمارات من جهة أخرى”.
وأوضحت الملاح فى تصريح خاص، أن خفض الفائدة سيساهم في تحفيز النمو الاقتصادي، حيث سيقلل من تكلفة القروض، مما يشجع الشركات على التوسع فى مشروعاتها وزيادة الاستثمارات، معتبرة أن هذا القرار خطوة مهمة لتشجيع المستثمرين على ضخ الأموال في السوق، وزيادة شراء الأسهم والسندات خاصة في بعض القطاعات الحيوية.
كما أشارت الملاح إلى أن خفض الفائدة في وقت يشهد فيه العالم حروبًا ونزاعات إقليمية سيؤدي إلى تعزيز فرص الاستثمار في بعض المجالات، رغم المخاوف المستمرة من اضطراب الأوضاع بسبب الأزمة الجيوسياسية، موضحة أنه كلما انخفضت الفائدة، كلما زادت فرص ارتفاع الذهب، حيث يتأثر ذلك بالعرض والطلب على المعدن الأصفر، مؤكدة أن الاستقرار السياسي والأمنى عالميًا وإقليميًا سيكون له انعكاسات كبيرة على أسعار الذهب وعلى توازنات السوق بشكل عام.
اقرأ أيضًا تخفيضات مفاجئة في أسعار الفائدة ببنوك قطر والإمارات اعتبارًا من اليوم (تفاصيل)