كتب- محمد أبو الدهب..
كشفت دراسة حديثة أجراها المركز الوطني للبحوث العلمية عن وجود فجوة كبيرة في فرص الحصول على التلمذة الصناعية وفرص العمل بين الشابات في فرنسا، حيث يلعب الحجاب دورًا محوريًّا في هذا التفاوت.
تأثير الحجاب على فرص التوظيف في فرنسا
وفقاً للدراسة، تنخفض فرص الشابات المحجبات في الحصول على دعوة لإجراء مقابلة شخصية بنسبة تفوق 80% مقارنة بزميلاتهن غير المحجبات.
وأجري هذا البحث في إطار المرصد الوطني للتمييز والمساواة في التعليم العالي (ONDES)، وهو يهدف إلى تقييم «العقوبات المرتبطة بارتداء الحجاب الإسلامي» في سوق العمل الفرنسي.
منهجية الدراسة
لإجراء الدراسة، تم إرسال سير ذاتية وهمية لشابات محجبات وغير محجبات يحملن نفس المؤهلات والخبرات، مع أسماء فرنسية أو من أصل شمال إفريقي.
وتعود جميع الطلبات لطالبات من مواليد 2005، يدرسن في برامج مهنية مثل BTS في المحاسبة والإدارة، مع اختيار الأسماء بعناية لتعكس خلفيات فرنسية وشمال إفريقية.
وجرى أسماء المتقدمات الوهميات للعمل من قاعدة بيانات الحالة المدنية في المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية الفرنسي (INSEE).
مؤهلات واحدة
كان الطلاب جميعهم يتمتعون بنفس “المهارات والمؤهلات والخبرة”، وجاءوا من مدارس تعتبر “جيدة” وحصلوا جميعًا على البكالوريا المهنية في عام 2023.
أيضًا ذُكر في الطلبات أن لغتهم الأم هي الفرنسية، وجميعهم يعيشون في باريس، وأرسلت الطلبات إلى 2000 شركة صغيرة ومتوسطة الحجم في باريس، واستخدمت صور مُعدَّلة لإظهار المحجبات وغير المحجبات.
نتائج الدراسة
أظهرت النتائج أن «العقوبة المرتبطة بالحجاب» تؤثِّر بالدرجة نفسها على المرشحات من أصول فرنسية وشمال إفريقية، وجاءت كتالي:
- زاد ارتداء الحجاب من الردود السلبية بنسبة 25% للمرشحات الفرنسيات.
- زاد ارتداء الحجاب من الردود السلبية بنسبة 21.1% للمرشحات من أصول شمال إفريقية.
- ارتداء الحجاب أدَّى إلى زيادة الردود السلبية بنسبة 25%.
- النساء المُحجَّبات من أصل فرنسي حصلن على ردود سلبية بمعدل أعلى بـ 15.5 نقطة مقارنة بغير المحجبات.
- النساء من أصول شمال إفريقية واجهن زيادة مشابهة بنسبة 13.3 نقطة.
فرص الحصول على مقابلة شخصية للعمل
أظهرت الدراسة أن الحجاب يؤثّر سلبًا على جميع المتقدمات بغض النظر عن أصولهن.
- بالنسبة للمحجبات من أصول فرنسية، كانت احتمالية الحصول على مقابلة شخصية أقل بنسبة 81.4%.
- بالنسبة للمحجبات من أصول شمال إفريقية، انخفضت الفرص بنسبة 84.9%.
أهمية التلمذة الصناعية
يؤكّد التقرير على أن التلمذة الصناعية تعدّ إحدى الطرق الأساسية للوصول إلى العمل في فرنسا، مما يجعل هذه التفاوتات أكثر إشكالية.
ويدعو الباحثون إلى اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة هذه التمييزات التي تهدد مبدأ تكافؤ الفرص.
حادثة مدرسة سيفيني
في سياق متصل، أثارت حادثة في مدرسة ثانوية فرنسية قضية العلمانية والملابس الدينية، حيث باتت طالبة مسلمة في فرنسا مُهددة بالحبس ثلاث سنوات للاعتداء على معلمتها التي طلبت منها خلع الحجاب.
ورفضت طالبة تبلغ من العمر 18 عامًا، تُدعى وردة، طلب معلمتها بإزالة الحجاب، ما أدّى إلى تصعيد الأمور واعتداء جسدي من قبل الطالبة على المعلمة، حيث أحيلت الطالبة إلى القضاء.
ونظرت محكمة ليل الجنائية في فرنسا، اليوم الأربعاء، القضية، التي جاءت وسط سياق مشحون، حيث شهدت المدرسة نفسها خمس حالات اعتداء على معلمين خلال الأسابيع السابقة في سياقات مختلفة.
العلمانية والتعليم
في المقابل، نظم طُلَّاب وقفة تضامنية لدعم الطالبة، مشيرين إلى أن ارتداء الحجاب كان ممارسة مُعتادة داخل المؤسسة دون مشاكل سابقة.
وأصبحت هذه الحادثة رمزًا للتحديات التي تواجه العلمانية في فرنسا، خصوصًا في المؤسسات التعليمية، وتستمر المناقشات حول كيفية تحقيق التوازن بين احترام المعتقدات الفردية وحماية القيم الجمهورية.
خلفيات ثقافية واجتماعية
يتزامن نشر هذه الدراسة مع تصاعد الجدل حول العلمانية والرموز الدينية في فرنسا؛ فقد أثارت القضية نقاشات واسعة حول ما إذا كانت العلمانية تُستخدم كغطاء لممارسات تمييزية.
ولا يحظر القانون الفرنسي ارتداء الحجاب في أماكن العمل الخاصة، إلا إذا نصّت اللوائح الداخلية على غير ذلك.
ومع ذلك، تُشير الدراسة إلى وجود “عقوبة غير معلنة” ضد الحجاب، ما يُعزز من شعور التمييز بين النساء المسلمات في البلاد.
اقرأ أيضًا:
الهجرة إلى فرنسا.. خطة صارمة لتقليص المهاجرين وسط انتقادات حقوقية
القيادة في فرنسا.. قواعد صارمة ومخالفات مرورية تصل إلى 15 ألف يورو والحبس
التأمين الصحي في فرنسا.. تعرّف على مزايا وشروط النظام وطريقة التسجيل
«تصريح الإقامة في فرنسا».. هل إجادة اللغة شرط أساسي للحصول عليها وتجديدها؟