كتبت – وفاء عثمان..
شهدت السنوات الأخيرة تدفقًا كبيرًا للاجئين السوريين إلى ألمانيا، حيث قدموا هربًا من الصراع الدائر في بلادهم.
ومع تطور الأوضاع في سوريا، بدأت تظهر مؤشرات على عودة بعض هؤلاء اللاجئين إلى ديارهم، وهذا التطور يطرح تساؤلات مهمة حول تأثير ذلك على سوق العمل الألماني، وخاصة على فرص عمل الجاليات الأخرى، مثل الجالية المصرية.
من المتوقع أن تؤدي عودة اللاجئين السوريين إلى حدوث تغييرات في سوق العمل الألماني، حيث ستتوافر فرص عمل جديدة قد يستفيد منها المصريون المقيمون في ألمانيا، ومع ذلك فإن هذا التأثير لا يخلو من تحديات، حيث قد تزداد المنافسة في بعض القطاعات.
أبرز الوظائف التي كان يشغلها السوريون في ألمانيا
قبل الخوض في تفاصيل تأثير عودة السوريين، من المهم تسليط الضوء على القطاعات التي كان السوريون يعملون بها بشكل أكبر في ألمانيا. هذا يساعدنا على فهم أين قد تتركز فرص العمل الجديدة للمصريين.
قطاع الخدمات والصناعة:
كان السوريون يشكلون نسبة كبيرة من العاملين في قطاع الخدمات، بما في ذلك المطاعم والفنادق والتجارة.
وأيضا عمل العديد من السوريين في المصانع، خاصة في الأعمال التي تتطلب عمالة غير ماهرة أو شبه ماهرة.
- الزراعة والرعاية الصعية:
- كمان ساهم السوريون بشكل كبير في أعمال الحصاد وجني المحاصيل في المزارع الألمانية.
- وكان هناك عدد من السوريين يعملون في مجال الرعاية الصحية، لا سيما في دور الرعاية المسنين.
أعداد المصريين والسوريين المقيمين في ألمانيا
ويقيم في ألمانيا حوالي مليون سوري وصل معظمهم بعد اندلاع الحرب الأهلية في بلدهم في 2011 ولا سيما خلال “أزمة الهجرة” في 2015.
أما عـدد المصريين الموجودين في دولة ألمانيا بلغ طبقًا لتقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة للإحصاء 128 ألف مصري حتى نهاية عام 2023.
عودة السوريين إلى بلادهم قد تؤدي إلى تفاقم أزمة نقص العمالة
وكشفت دراسة نُشرت أن عودة اللاجئين السوريين من ألمانيا إلى بلادهم قد تؤدي إلى تفاقم أزمة نقص العمالة في قطاعات حيوية، لا سيما الصحة والنقل والخدمات اللوجستية.
وأوضحت الدراسة الصادرة عن معهد أبحاث سوق العمل أن اللاجئين السوريين “يعملون في قطاعات تعاني نقصًا في الأيدي العاملة، وتكتسي أهمية كبرى، مثل الصحة والنقل والخدمات اللوجستية” في أكبر اقتصاد أوروبي يواجه نقصًا هيكليًا في القوى العاملة.
وحذّرت الدراسة من أن عودة هؤلاء العمال إلى سوريا “قد لا تكون مؤثرة على مستوى الاقتصاد الكلي، لكنها قد تترك آثارًا ملموسة للغاية على مستوى المناطق والقطاعات”.
وقدَّرت الدراسة نسبة العمال السوريين في سوق العمل الألماني بنحو 0.6%، أي نحو 287 ألف شخص (0.8% بما في ذلك السوريون الحاصلون على الجنسية الألمانية)، مشيرة إلى أن أعددًا كبيرة من السوريين الذين وصلوا بعد عام 2015 ما زالوا في مرحلة الدراسة والتدريب استعدادًا للانضمام إلى سوق العمل.
من ناحية أخرى، أظهرت دراسة، نشرت الجمعة، أنّ العودة المحتملة لسوريين مقيمين في ألمانيا إلى بلدهم يمكن أن تؤدي إلى تفاقم نقص العمالة في مستشفيات البلاد، وكذلك في قطاعات أخرى مثل النقل والخدمات اللوجستية.
القطاع الصحي
وكان وزير الصحة كارل لاوترباخ، وهو أيضًا من الحزب الاشتراكي، أدلى بتصريحات مشابهة لتصريحات نانسي فيزر وزيرة الداخلية الألمانية التي حذّرت من رحيل السوريين مؤكدة أنه لا غنى عنهم.
وأشار الوزير على منصة الألماني “إكس” إلى أن أكثر من 6 آلاف طبيب سوري يعملون حاليًا في ألمانيا، لافتًا إلى أنهم “مندمجون بشكل كامل في المجتمع الألماني”، وأنه “لا غنى عنهم في تقديم الرعاية الصحية”.
وقدرت الأبحاث الصادرة مؤخرًا حصة العمال السوريين من سوق العمل في ألمانيا بحوالى 0,6 %، أي نحو 287 ألف شخص (أي 0,8 % مع السوريين الحائزين الجنسية الألمانية)، مع الإشارة إلى أن عددًا كبيرًا من السوريين الذين وصلوا بعد 2015 ما زالوا يدرسون ويتدربون استعدادًا لدخول سوق العمل.
وحذّر رئيس جمعية المستشفيات غيرالد غاس مؤخرًا من تداعيات عودة الأطباء السوريين إلى بلادهم وخصوصًا “الذين أدوا دورًا أساسيًا في صون الرعاية الصحية، لا سيما في مستشفيات المدن الصغيرة”.
عودة السوريين فرصة جديدة آمام الجالية المصرية
وفي السياق نفسه، أكد علاء ثابت رئيس بيت العائلة المصرية في ألمانيا أن عودة جزء من اللاجئين السوريين إلى بلادهم قد تفتح آفاقًا جديدة أمام أبناء الجالية المصرية، مشيرًا إلى أن هذه العودة قد تساهم في خلق فرص عمل جديدة في العديد من القطاعات، خاصة في قطاعات الخدمات والصناعة.
وأضاف في تصريحات لـ”وصال” أن عودة السوريين إلى بلادهم ستؤثر بالتأكيد على سوق العمل الألماني، ولكن تأثيرها على المصريين سيكون متباينًا، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن تظهر فرص عمل جديدة، ولكن المنافسة ستزداد أيضًا، ولهذا السبب يجب على المصريين أن يكونوا مستعدين لتلك التغيرات وأن يعملون بجد لتحقيق أهدافهم المهنية.
كما أشار رئيس الجالية المصرية إلى أهمية دور الجالية في الاستفادة من تلك الفرص، داعيًا الأعضاء إلى التكاتف والعمل الجماعي للوصول إلى أهدافهم المهنية، مؤكدًا أن الجالية ستقدم كل الدعم اللازم لأعضائها لمساعدتهم على تجاوز التحديات والاندماج في سوق العمل الألماني.