كتبت – فاتن علي..
أطلق الخبراء تحذيرات من أن تفشي إنفلونزا الطيور من سلالة H5N1 في الولايات المتحدة قد لا ينتهي دون تدخل عاجل، مع ارتفاع احتمالية تطور الفيروس وتحوره إلى سلالات أكثر خطورة.
وأفادت التقارير بحدوث حالات انتقال جديدة للفيروس إلى الأبقار الحلوب في ولايتي نيفادا وأريزونا، ما أثار تساؤلات حول آليات انتشار المرض وسبل احتوائه.
تخفيضات حكومية وسط تفشي الوباء
يأتي هذا التطور في ظل تقليص إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للكوادر العاملة في الوكالات الفيدرالية، بما في ذلك الموظفون المسؤولون عن مواجهة تفشي إنفلونزا الطيور الشديدة العدوى في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) ووزارة الزراعة الأمريكية.
ويرى العلماء أن هذه العدوى الجديدة قد تغير المفاهيم حول مدى ندرة انتقال الفيروس إلى قطعان الأبقار، مما يفرض تحديات جديدة على جهود السيطرة على المرض.
وقالت سيما لكداوالا، عالمة الفيروسات وأستاذة بكلية الطب في جامعة إيموري: “إنه متوطن الآن في الأبقار، لا يمكن احتواء هذا التفشي دون تدخل عاجل”.
أسوأ موسم إنفلونزا الطيور منذ 15 عامًا
يأتي انتشار إنفلونزا الطيور في وقت تعاني فيه الولايات المتحدة من أسوأ موسم إنفلونزا منذ جائحة إنفلونزا الخنازير (H1N1) عام 2009-2010، ما يضع ضغطًا هائلًا على أنظمة الرعاية الصحية.
كما أن هذا التفشي يزيد من صعوبة اكتشاف سلالات نادرة مثل H5N1، ويرفع خطر حدوث تبادل جيني بين الفيروسات الموسمية وفيروس إنفلونزا الطيور، ما قد يؤدي إلى ظهور سلالة أكثر فتكًا.
وحذرت لكداوالا من أن “هناك انتشارًا واسعًا للإنفلونزا، ما يرفع احتمالية حدوث إعادة تشكيل جيني للفيروس”، مشيرة إلى أن وجود أكثر من سلالة للفيروس في الأبقار قد يزيد من فرص تطور الفيروس ليصبح قادرًا على الانتقال بين البشر بكفاءة أكبر.
في ظل هذه الأزمة الصحية، قررت وزارة الصحة الأمريكية إيقاف حملات التطعيم ضد الإنفلونزا الموسمية يوم الخميس، بعد أن دعا وزير الصحة، روبرت ف. كينيدي جونيور، المعروف بمواقفه المناهضة للقاحات، إلى استبدالها بإعلانات عن “الموافقة المستنيرة”، كما تم تأجيل اجتماع المستشارين المستقلين للقاحات في نفس اليوم.
إضافة إلى ذلك، أوقفت الولايات المتحدة مشاركة بيانات الإنفلونزا مع منظمة الصحة العالمية، ما أثار قلق الخبراء بشأن نقص الشفافية في التعامل مع الأزمة.
تفشي الفيروس في الماشية وانتشار العدوى بين البشر
تم الكشف عن انتقال الفيروس إلى الأبقار الحلوب في نيفادا وأريزونا من خلال استراتيجية جديدة لفحص الحليب بكميات كبيرة، وترتبط هذه الحالات الجديدة بسلالة D1.1 من H5N1، والتي ظهرت لأول مرة في خريف العام الماضي وأصبحت السلالة المهيمنة بين الطيور في أمريكا الشمالية.
في كندا، أصيبت فتاة مراهقة في كولومبيا البريطانية بحالة مرضية شديدة بسبب هذا الفيروس، بينما توفي رجل في لويزيانا بعد إصابته بالعدوى، كما تم تسجيل إصابة عامل في مزرعة ألبان بولاية نيفادا بعد تعرضه المباشر للأبقار المصابة، حيث كشفت التحليلات الجينية عن حدوث طفرة في الفيروس قد تجعله أكثر قدرة على الانتشار بين البشر.
تفسيرات محتملة لانتقال الفيروس إلى الأبقار
طرح العلماء ثلاث فرضيات حول كيفية انتقال إنفلونزا الطيور إلى الأبقار..
1. التعرض المباشر لإفرازات الطيور: قد يكون الفيروس انتقل عبر فضلات الطيور التي اختلطت بمعدات الحلب، وهي نظرية محتملة ولكنها غير مرجحة بسبب ندرة حدوث اتصال مباشر بين الطيور ومعدات الحلب.
2. انتقال الفيروس عبر العلف الملوث:من الشائع أن تجثم الطيور على أحواض تغذية الأبقار، مما قد يؤدي إلى تلويث العلف بفضلاتها، وعادةً ما يؤدي التعرض عبر الفم أو الأنف إلى عدوى محدودة، لكن في بعض الحالات النادرة، قد يتمكن الفيروس من الوصول إلى أنسجة الضرع والتكاثر هناك بكميات كبيرة.
3. انتقال العدوى من البشر إلى الأبقار: قد يكون العاملون في مزارع الدواجن والمواشي هم الناقلون للفيروس، خاصةً إذا كانوا على اتصال بالطيور المصابة أو الدواجن النافقة.
تواجه الأبحاث المتعلقة بإنفلونزا الطيور تهديدًا بسبب خفض التمويل العلمي من قبل إدارة ترامب، وقد تم تعليق دراستين مهمتين في تقرير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، قبل أن يتم إصدارهما مؤخرًا.
وكشفت إحدى الدراسات عن وجود أجسام مضادة لـH5N1 لدى ثلاثة أطباء بيطريين من بين 150 تم اختبارهم، مما يشير إلى استمرار الثغرات في مراقبة انتشار الفيروس، في حين أظهرت دراسة أخرى أن عمال مزارع الألبان قد يكونون قد نقلوا الفيروس إلى القطط المنزلية.
تغيير في استراتيجية احتواء الفيروس
في تحول عن النهج التقليدي، أعلن كيفن هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني في إدارة ترامب، عن استراتيجية جديدة لمكافحة تفشي الفيروس، في مقابلة مع برنامج Face the Nation على شبكة CBS.
وأشار هاسيت إلى أن المسؤولين أنفقوا “مليارات الدولارات لمجرد إعدام الدجاج عشوائيًا في محيط اكتشاف أي إصابة”، في إشارة إلى الطريقة التقليدية التي تعتمد على إعدام الدواجن المصابة لمنع انتشار الفيروس.بدلًا من ذلك، تحدث هاسيت عن استخدام “الأمن الحيوي والأدوية” لإنشاء “نطاق أمني أذكى”، دون تقديم تفاصيل إضافية حول هذه الخطة الجديدة.
مع استمرار تفشي إنفلونزا الطيور في الأبقار، وغياب التدخلات الفعالة، تزداد المخاوف من أن يؤدي التحور المستمر للفيروس إلى ظهور سلالة قادرة على الانتقال بسهولة بين البشر، وهو ما قد ينذر بأزمة صحية عالمية جديدة.