كتب – حاتم صادق..
علق خبراء اقتصاديون على قرار لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصـري، الذي اتخذته بعد اجتماعها مساء الخميس، برفع عائد الإيداع والإقراض بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.25%، 22.25% و21.75%، على الترتيب، بالإضافة إلى رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.75%.
وأشار الخبراء إلى أن القرار كان متوقعًا في ظل تطورات الأحداث على الساحة الاقتصادية في الفترة الأخيرة، وحاولوا استكشاف النتائج التي من المتوقع أن تترتب على هذا القرار.
محمد سالم: قرار البنك المركزي متوقع لجذب المستثمرين في أدوات الدين
الباحث الاقتصادي محمد سالم، قال إن القرار كان متوقعًا منذ فترة، بل كانت هناك توقعات برفع سعر الفائدة اكثر من ذلك، في ظل سعي الدولة لجذب الأفراد والصناديق للاستثمار في أدوات الدين المصرية وتقديم سعر فاىدة إيجابي يفوق مستويات التضخم، وبالتالي هو قرار يدفع لمزيد من التشديد النقدي ويدفع السياسة المالية لمزيد من تقليل الإنفاق الحكومي الاستثماري، وهو أمر هام جدًا لضبط أوضاع المالية العامة.
وأضاف سالم، أن الأهم هو تحقيق انفراجة في الحصيلة الدولارية حتى تنتظم عمليات إنتاج السلع الأساسية وتهدئة التضخم المدفوع بالتكلفة والذي يمثل جزءا أساسيا من انفلات التسعير لكثير من السلع في كثير من القطاعات، وهو أمر ننتظر من البنك المركزي والحكومة التحرك لضبطه لمعالجة الأزمة الراهنة.
وبشأن قرار التعويم المرتقب ولماذا لم يتخذ البنك قراره بتحرير سعر الصرف كما كان متوقعًا، أوضح سالم: “أعتقد أن اتخاذ قرار التعويم وقرارات أخرى متوقف على عدة معطيات ستضح قريبا، سواء الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي بالحصول على قرض جديد، أو ما يتردد عن حدوث انفراجة نتيجة صفقة استثمار أجنبي مباشر بالساحل الشمالي قد تساهم بشكل كبير في تقليل فجوة سعر الصرف”.
يتفق مع الرأي السابق الكاتب الاقتصادي مصطفى عبد السلام، حيث يؤكد أن قرار زيادة سعر الفائدة على الجنيه كان متوقعا إلى حد كبير ويتماشى مع توقعات السوق، خاصة مع استمرار زيادة معدل التضخم وموجة الغلاء غير المسبوقة وما يصاحبها من انفلات في الأسعار داخل الأسواق، كما يتفق مع خطة الحكومة والبنك المركزي الرامية إلى زيادة جاذبية الادخار بالعملة المحلية والاستثمار في الجنيه الذي يتعرض لضغوط شديدة هذه الأيام مع تراجع موارد الدولة من النقد الأجنبي والمضاربات المحمومة التي يشهدها سعري الذهب والدولار، وانتعاش السوق السوداء غير الرسمية.
وأضاف عبد السلام أنه رغم تلك الأهداف وغيرها من قرار البنك المركزي إلا أن نسبة الزيادة في سعر الفائدة والبالغة 2% تظل عاجزة عن تحقيق الأهداف الرئيسية التي يعمل عليها صانع السياسة النقدية ومنها وقف المضاربات في سوق الصرف ودفع المدخربن نحو التخلي عن الدولار والذهب والأصول شبه الٱمنة ومحاربة التضخم، وذلك بسبب تراجع الثقة في بعض القرارات الاقتصادية وتعمق الاحتكارات داخل الأسواق وقيادة المضاربين لسوق العملة والمعادن النفيسة، وتوقعات قوية بتعويم قريب للجنيه، وهو ما يتبعه موجة تضخم وقفزات في الأسعار وتفشي ظاهرة الدولرة وسعر الفائدة السلبي وهو الفارق بين معدل التضخم وسعر الفائدة السائد في البنوك.
وتابع: “هناك نقطة أخرى يجب الالتفات إليها وهي أنه لا يمكن فصل قرار رفع سعر الفائدة على الجنيه والمفاوضات الجارية بين الحكومة وصندوق النقد والاقتراحات المقدمة من الصندوق بزيادة سعر الفائدة المحلية في إطار خطة الحد من موجة التضخم التي تشهدها الاسواق ووضع حد لظاهرة الدولرة الخطيرة”.
كريم العمدة: المركزي لا يرغب في تعويم الجنيه قبل الحصول على قرض الصندوق
أما الخبير الاقتصادي كريم العمدة، فأوضح أن التأخر في اتخاذ القرارات الاقتصادية جعل خيار التعويم صعبا وخيار التثبيت صعبا، مؤكدا أن الاتجاه حاليا في المفاوضات مع صندوق النقد أننا سنحصل على القرض أولا ثم نتخذ قرار تحرير سعر الصرف، وهي فكرة جيدة من المفاوضين المصريين، لأن الحصول على القرض وسد فجوة التمويل سيجعل الطلب على الدولار أقل وبالتالي يستطيع البنك المركزي اتخاذ قرار التعويم بأريحية أكتر.
وأشار العمدة إلى أن قرار تحرير الصرف ليس مرتبطا بالاجتماع الدوري للجنة السياسة النقدية، فمن الوارد عقد اجتماع طارئ في أي وقت وإعلان القرار، والاتجاه حاليا أن التعويم في هذه الظروف خطر للغاية، بالتالي صانع القرار الاقتصادي يمارس لعبة نفسية على المضارب في الدولار، والذي يترقب قرار التعويم لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة، وبالتالي تترقب الدولة وصول تمويلات دولارية كبيرة تمكنها من التعويم بسعر جيد للجنيه لا يتجاوز أربعين جنيها.