كتبت – سما صبري..
تصريح العمل الحر مأساة يعيشها أكثر من 300 ألف عامل مصري يقطنون أراضي المملكة الأردنية الهاشمية، ممن حاولوا البحث عن لقمة العيش بعيدًا عن أراضي المحروسة ليصطدموا بالواقع وقرارات وإجراءات تعسفية من قبل الحكومة الأردنية، تحرمهم من تدبير قوت يومهم وذويهم وتضعهم تحت طائلة القانون.
فعلى الرغم من إعلان وزارة العمل الأردنية عن تعدد مزايا التصريح الجديد والتي تتمثل في تمكين حامله من التنقل بين مختلف مناطق المملكة دون أية قيود أو محددات إلا أنها بالمقابل أثقلت كاهل من يحمله بارتفاع رسوم إصداره والتي تعادل ثلاث أضعاف راتبه الضعيف.
“بيسرقونا باسم القانون”، بهذه الكلمات لخص المصري “ع.ا” (40 عامًا) المقيم في عمان معاناته وعدم قدرته على التنقل نتيجة التعميم عليه لانتهاء تصريح عمله الحر وعدم تجديده.
حيث روي لـ”وصال” إنه يعمل في طلاء المنازل منذ سفره من مصر إلى الأردن عام 2013 وتوقيعه عقد عمل مع إحدى الشركات قبل توجهه للعمل لصالحه وإصدار تصريح عمل حر عام 2020، وخلال الفترة التزم بتسديد رسوم التصاريح إلى أن أقرت وزارة العمل شمول إصدار التصريح بالضمان الاجتماعي وزيادة رسوم إصداره مما أدى إلى عدم قدرته على التجديد وتراكم قرابة 3250 دينارًا عليه.
وحاول العامل المصري تغيير نوع التصريح الحاصل عليه للحصول على عمل آخر يوفر له دخلًا جيدًا، إلا أن تعليمات وزارة العمل التي تمنع الانتقال من فئة تصريحية إلى أخرى، وهو ما دعاه للعمل بشكل مخالف.
مصريون مهددون بسبب تصريح العمل الحر
وبحسب الجالية المصرية في الأردن، هذا لم يكن العامل المصري الوحيد الذي يعاني، إذ أن هناك أكثر من 200 ألف تصريح عمل حر ساري المفعول لمصريين يعانون من مشاكل تتعلق بعدم حصولهم على يومياتهم أو عدم قدرتهم على ترك العمل الحر والعمل بشكل ثابت، بالإضافة إلى تراكم الديون وتهديدات متتالية بتسفيرهم من البلاد من قبل وزارتي الداخلية والعمل.
وتتشابه قصة “أ.م”- مع نظيرتها السابقة، إذ يعمل في قطاع (التحميل والتنزيل) ويتقاضى أجر 30 دينارًا يوميًا، وتم التعميم عليه عام 2021 بسبب تراكم غرامات تصاريح عمل بقيمة 4000 دينار عليه وعدم قدرته على توفير هذا المبلغ، مما جعله لا يغادر المنزل إلا نادرًا، فهو لم يري أهله وأبنائه منذ 3 سنوات –بحسب قوله-.
وتحدث العامل عن عجزه عن توفير الرسوم اللازمة لإصدار التصريح ودفع قيمة الضمان المتراكمة بقوله: “وزارة العمل الأردنية أصدرت ما يسمى التصريح الحر وعندما أصدرته كان لا يوجد له ضمان اجتماعي وسيكون اختياري، وبعد مرور سنتين فرضت الضمان الإجباري على تصريح المياومه ما يسمى الحر وأغلقت القطاع يعني مش مسموح الانتقال منه إلى أي قطاع ثاني داخل القطاعات المسموحة للعمال الوافدين، وبعد فرض الضمان الاجتماعي الإجباري صار سعر التصريح 1850 دينارًا مع شهادة الصحة، وهذا لم استطع توفيره لأن راتبي الشهري لا يتعدي الـ 350 دينارًا منهم المسكن والمشرب والمأكل وإذا توفرت أموال أرسلها لعائلتي في مصر، أدفع منين؟”.
كما أضاف خلال حديثه لـ”وصال”: “لم تقف أزمتي عند هذه المشكلة فحسب، حيث إنني عندما طالبت الكفيل ببراءة الذمة حتى أتمكن من تغيير تصريح العمل لأحصل على عقد ثابت طالبني بدفع ما يقارب 750 ألف جنيه مصري، فبالتالي نحن حاليًا تحت الإقامة الجبرية وليس لنا سبيل للخروج سوى النائب ضياء الدين داوود (عضو البرلمان المصري عن دائرة فارسكور بدمياط) الذي تعاطف معنا وطمأننا بأنه سيتخذ خطوات سريعة للتواصل مع وزارة الخارجية المصرية لحل الأزمة الراهنة”.
تصريح العمل الحر في الأردن
وبسؤال أحد المهتمين بشئون العمالة المصرية في الأردن عن التحديات التي يواجهها العمال المصريون الحاصلون على تصريح عمل حر، أكد أن التكلفة المرتفعة لإصدار التصريح مع عدم توفر فرص العمل بشكل مستمر أبرز التحديات، فالعديد من العمال قد لا يجدون عمل لأكثر من أسبوع، إلى جانب عدم حصولهم على الأجر المتفق عليه، أو التأخر في تسلم الأجور لفترات تتجاوز الـ3 أشهر.
وأضاف أنه يمكن سهولة خداعهم والاحتيال من ناحية الأجور؛ بسبب عدم وجود عقود في العمل وكل الاتفاقات تكون شفهية ما يزيد صعوبة توفير قيمة رسوم إصدار تصريح عمل حر، ووجود التزامات أخرى على العمال منها أجور السكن والكهرباء والمياه إلى جانب تكاليف المعيشة من طعام وشراب، ومصروفات عائلاتهم في مصر وهي تكاليف شهرية يتحملها العمال.
واستكمل المصدر الحديث عن حقيقة إلزام العمال بالاشتراك في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، وأكد صحة هذا الأمر مع إلزامهم بدفع كامل الاشتراكات لمدة عام كامل مقدمًا عند إصدار التصريح، وهو ما يحمل العمال تكاليف مالية أخرى غالبًا لا يستطيع دفعها، وما يدفعه لعدم تجديد التصريح الحر حال انتهاءه ما يراكم عليه غرامات عدم تجديد التصريح، فيما ألزم الضمان الاجتماعي العمال غير الأردنيين الراغبين في الحصول على تصريح عمل حر التقدم بطلب الشمول بمظلة الضمان الاجتماعي، حيث يُلزم العامل بالشمول بتأمين إصابات العمل والتعطل والأمومة والوفاة والعجز الطبيعي.
وأشار إلى أن هذه التحديات المُشتركة تدفع بالكثير من العمال المصريين إلى العمل بشكل مخالف نتيجة عدم قدرتهم المالية على تجديد تصريح العمل، ما يجعلهم يتوجهون لسوق العمل بشكل غير نظامي، مما يرتب عليهم دفع غرامة تأخير تجديد التصريح بمبلغ 400 دينار.
وعن وعود مؤسسة التضامن بتقسيط المبالغ المترتبة على العمالة بموجب شيكات مؤجلة أو كمبيالات لمدة 9 أشهر وبفائدة لن تتجاوز 1%، قال : “هيجيبوا منين، مع العلم أن هناك جنسيات معفاة من دفع أي رسوم نهائيًا مثل الجنسية السورية”.
وبالتطرق للبحث عن حلول لتلك الأزمة الراهنة، اختتم حديثه بالقول: “تواصلنا مع وزارتي الهجرة والخارجية ولم يتم حتى الآن اتخاذ خطوات، ونأمل في أن تنظر الحكومة المصرية لهؤلاء العمال بعين الرأفة ومحاولة رجوعهم إلى أرض الوطن”.