كتب- محمد أبو الدهب..
شهدت مدن عدة في إيطاليا، الجمعة، احتجاجات واسعة، شملت إضرابًا شاملًا من عمال الشواطئ، وتظاهرات لموظفي شركات السياحة، للمطالبة بتجديد عقود العمل، وتحسين ظروف العمل.. فما القصة؟!
دعوات نقابية لـ إضراب عمال الشواطئ والسياحة بإيطاليا
جاء تصاعد الأحداث بعد دعوة بعض النقابات العمالية عمال الشواطئ، والعاملين بقطاع السياحة، إلى الاحتجاج مُجددًا، من أجل تحسين ظروفهم المعيشية، وتجديد عقود العمل، وهي الدعوة التي لاقت استجابة كبيرة.
ووفقًا للنقابات؛ كانت المُشاركة الأكبر في مقاطعة «ليغوريا» بنسبة مشاركة قُدّرت بـ90%، مع تسجيل بعض المناطق نسبة مشاركة كاملة بلغت 100%.
وفي «سردينيا»؛ أغلقت آلاف المظلات احتجاجًا على تأخر الحكومة في إصدار القوانين الجديدة المُتعلّقة بالشواطئ.
وشهدت شواطئ الساحل الروماني إغلاقًا شبه كامل مع تنكيس المظلات، بينما شارك أكثر من 50 في المئة من العاملين في إقليم «ماركي».
وفي «فيرسليا»؛ شارك نحو 25 في المئة من عمال الشواطئ في الإضراب، مع إغلاق كامل في «ليدو دي كامايري»، بينما لم تشارك شواطئ «فورتي دي مارمي» و«مارينا دي بيتراسانتا» و«فياريجيو» في الإضراب.
احتجاجات رمزية في بعض شواطئ إيطاليا
شهدت بعض الشواطئ احتجاجات رمزيّة؛ ففي «أوستيا»، رفع أصحاب الشواطئ شعار «إذا كان البرلمان والحكومة في عُطلة، فنحن نغلق المظلات»، وأغلقت الشواطئ لمدة ساعتين.
وفي «فيوميتشينو»؛ نظم العاملون تجمُّعًا احتجاجيًا في البحر دون إغلاق المظلات، مما لفت انتباه السُّيّاح.
والأمر كان مُختلفًا على شواطئ «ريفيرا رومانا»؛ فابتكر العمال طريقة وصفت بـ”اللطيفة” للتعبير عن احتجاجهم، عن طريق تقديم مشروبات للزبائن بدلًا من إغلاق المظلّات، ما جعل الشواطئ تبدو كالمعتاد.
وفي صقلية؛ ظلّت بعض الشواطئ مفتوحة، بينما أُغلقت أخرى، مثل شاطئ «بلايا»، في «كاتانيا»، وبعض الشواطئ في «أغريجنتو» و«مازارا ديل فالو».
وقفات احتجاجية لعمال السياحة في إيطاليا
في سياق متصل؛ نظم العاملون في قطاع السياحة بإيطاليا؛ مظاهرات عدة في مقاطعات إيطالية مُختلفة، احتجاجًا على عدم تجديد العقد الوطني لصناعة السياحة، الذي انتهى قبل ست سنوات، والمطالبة بتحسين شروط العمل.
وبدأ العاملون في الشركات السياحية التابعة لمنظمتي «كونفيندوستريا»، و«فيدرتوريزمو أيكا» في «ترينتينو» إضرابًا، بالتعاون مع النقابات العمالية «CGIL فيلكامز»، و«CISL فيسكات»، و«UILTuCS».
ونظّم العاملون وقفة احتجاجية أمام فندق «نيروكوبو» في مدينة «روفيريتو».
وتجمّع العمال وممثلو النقابات العمالية الثلاث – Filcams Cgil، وFisascat Cisl، وUiltucs – أمام المقر الرئيسي لفندق Starhotel في مقاطعة «ليغوريا».
آراء متباينة حول إضراب عمال شواطئ إيطاليا
اختلفت الآراء داخل المؤسسات الاجتماعية والنقابية داخل إيطاليا حول جدوى الإضراب في هذا التوقيت من الموسم السياحي.
وأشار بيان صادر عن النقابات إلى أن «المفاوضات الطويلة الهادفة إلى تجديد عقود العمل في صناعة السياحة، تعرّضت إلى نكسة جديدة وجدّيّة».
وقال البيان: «بعد انهيار المفاوضات في نوفمبر الماضي، والإضراب الذي جرى في ديسمبر 2023، توقّفت المفاوضات مرة أخرى بسبب مواقف غير مسؤولة من أصحاب العمل، الذين يستمرون في التصعيد ضد العاملين في هذا القطاع».
وأضاف: «بعد مرور ست سنوات على انتهاء العقد الوطني، الذي أصبحت رواتبه بعيدة كل البعد عن تكاليف المعيشة الحالية، وفي الوقت الذي تشهد فيه الموسم السياحي الصيفي تدفقات استثنائية من السياح، حتى أنها تجاوزت أرقام عام 2019 القياسية؛ يبدو أن الجمعيات الممثلة لأصحاب العمل لا تزال ترى أن الوقت لم يحن بعد لتحسين ظروف آلاف العاملين في الفنادق وشركات السفر».
وأكدت منظمتا «اتحاد الشواطئ الإيطالية» و«الاتحاد الإيطالي للشركات الشاطئية» في بيان مشترك، مشاركتهما في الإضراب.
وأشار البيان إلى أنه «لا يزال هناك غياب لإجراء تشريعي لتقييم الوضع الذي يبقي 30 ألف شركة و100 ألف موظف مباشر في حالة ترقب منذ سنوات».
ولم تتفق المنظمات النقابية للعاملين بالقطاع بشكل كامل على الإضراب؛ ففي حين دعمت نقابات مثل “Sib-Confcommercio” و“Fiba-Confesercenti” هذا التحرُّك، امتنعت منظمات أخرى مثل “أسوبالنياري” و”فيدربالنياري” عن المشاركة، ووصفت الإضراب بأنه مجرد “مبادرة دعائية”.
وعلى الجانب الآخر؛ أعلنت الشركات التابعة لمنظمات «أسوبالنياري»، «لاباسي دونيداماري»، و«فابريتسيو ليكورداري»، وهما من أبرز المُنظّمات المُمثلة لمُشغلي الشواطئ في إيطاليا، أنها لم تشارك في الإضراب.
وقالت المنظمات في بيان مشترك: «ليس من الصواب معاقبة الآلاف من المستهلكين الذين اختاروا المرافق الشاطئية الإيطالية لقضاء عطلاتهم، إدراكاً منهم لجودتها وكفاءتها».
وتابع البيان: «تطبيق التوجيهات الأوروبية بطريقة تعسفية يتسبب في أضرار للشركات والمستهلكين في إيطاليا، كما حدث مؤخرًا في مدينة ييسولو، حيث ارتفع متوسط سعر المظلات بنسبة 50%».
ورُغم المشاركة الواسعة في بعض المناطق؛ وصفت «كوداكونز»، وهي أحد أبرز منظمات حماية المستهلكين في إيطاليا، الإضراب بأنه “فاشل”، مشيرة إلى أن نسبة المشاركة كانت أقل من المتوقع.
ولفتت إلى أن التنظيمات كانت مُنقسمة حول جدوى الإضراب، مبينة أن رفع الأسعار في الشواطئ خلال السنوات الأخيرة زاد من استياء المستهلكين.
وتأتي هذه الاحتجاجات في وقت حساس، يتزايد فيه الضغط على الشركات السياحية بسبب التدفُّق الكبير للسيُّاح، ما يزيد من الحاجة إلى تحسين ظروف العاملين، الأمر الذي يُنذر بخلق تداعيات طويلة الأمد على مستقبل قطاع الشواطئ في إيطاليا.