كتب – حسام خاطر وهناء سويلم..
تتعرض العديد من الزوجات المصريات في إيطاليا للعنف الأسري، لكن أغلبهن تفضلن عدم إبلاغ الشرطة عما تعرضن له من ضرب مبرح من قبل الزوج، فيما يذهب عدد قليل منهن إلى قسم الشرطة، تحملن عبء احتمالية سحب أطفالهن منهن أو إيداعها والطفل في أحد مراكز الإيواء الأسرية.
وأحيانًا تخشى الزوجة المصرية الإبلاغ عما تعرضت له من عنف أسري، بسبب جهلها بالقوانين الإيطالية، التي تكفل لها حق طلب الحماية من قسم “الكونسولتوريو فاميلياري” أو الاستشارات العائلية، والذي إن تأكد من صحة شكواها، سيوفر لها سكنًا رفقة أطفالها، مع إلزام الزوج بدفع نفقة لهم.
مصرية في إيطاليا: كدت أخسر أطفالي
“م.ن”، إحدى المصريات المقيمات في إيطاليا، روت لـ”وصال” تجربتها في التعرض للعنف الزوجي واللجوء إلى الشرطة، وقالت إنها كانت تتعرض للعنف والضرب من زوجها، وكانت دائمًا ما يقوم بعض الأشخاص من الجالية المصرية بالتدخل لحل المشكلات بينهما، وحاولوا معها كثيرًا في أن تتحمل الحياة في الغربة وألا تلجأ للشرطة حتى لا تخسر أطفالها.
وأضافت: “حاولوا تحذيري لكن لم أستطع التحمل، وقررت إبلاغ الشرطة بالعنف الذي أتعرض له بعد مرات ضرب كثيرة جدًا، وبالفعل ألقت الشرطة القبض على زوجي، وقاموا بأخذي رفقة أطفالي إلى ملجأ مخصص لهذه الحالات، لكن لم أتخيل الحياة بهذه الصعوبة في الملجأ، فالأكل بميعاد والنوم بميعاد، ومراقبة شديدة لتعاملي مع أطفالي، بالإضافة إلى ضرورة الحصول على عمل لتوفير حياة كريمة لأطفالي أو أخسرهم ويتم انتزاعهم من أحضاني”.
تجاهلت زوجي العنيف
“ز.س” إحدى المصريات المقيمات في إيطاليا، قالت إنها تتعرض للضرب من زوجها، لكن لم تستطع أن تلجأ إلى الشرطة؛ خشية من تفكك أسرتها وفقدان أطفالها، مشيرة إلى أنها لا تعاني العنف الزوجي فقط، بل إن زوجها لا ينفق عليها وعلى أطفالها، وهو أمر كارثي في إيطاليا -بحسب وصفها-.
وتابعت: “فإن عرفت الحكومة أن الأطفال ينقصها أي شيء أو لا نستطيع الإنفاق عليهم سوف ينتزعوهم من أحضاني”.
وأضافت أنها لجأت إلى العمل بمساعدة المصريين في ميلانو، من أجل الإنفاق على أطفالها، واعتبرت أن زوجها ليس موجودًا في حياتها، ورغم تعرضها للعنف إلا أن كثيرًا من المصريين في إيطاليا حذروها من خطورة الإبلاغ على أطفالها وخشية انتزاعهم منها.
نادية بشير، رئيسة لجنة المرأة والطفل بالمنتدى المصري بإيطاليا، والمشهورة في وسط المصريين بإيطاليا بـ”ماما نونة”، قالت إن عددًا قليلًا لا يتعدى 5% من المصريات المقيمات في إيطاليا تلجأن للشرطة في حال تعرضت للعنف الزوجي، لكن غالبيتهم لا يقدمن على تلك الخطوة؛ خشية خسارة الأطفال.
وأوضحت في تصريحات لـ”وصال” أن الشرطة في إيطاليا لا تتهاون في مصلحة الطفل، إذ تتحرى “هل يتعرض الطفل لعنف أو ضرب من الأب أو الأم؟ وهل تستطيع الأم والأب الإنفاق على هذا الطفل؟”، مشيرة إلى أن الأم قد تخسر أطفالها، بسبب عدم قدرتها على الإنفاق عليهم أو ضربهم.
المرأة المغربية أقوى من المصرية في التعامل مع الزوج العنيف
وأكدت الحاجة نادية، أن الرجال المصريين، ممن يتعرضن للحبس بسبب ضرب الزوجة، يكونون متزوجين من سيدة إيطالية أو مغربية، مشيرة إلى أن المغربيات يختلفن عن المصريات، فالمغربيات أكثر حرية -على حد وصفها-.
أما عبد الله هلال، أحد المصريين في إيطاليا، قال لـ”وصال” إن الزوجات المصريات في الغالب لا تلجأن إلى الشرطة الإيطالية في حالة اعتداء الزوج عليهن بالضرب، بل تقمن بضبط النفس وتتحملن مشاق الغربة والمشكلات الزوجية، ونادرًا ما نسمع عن زوجة مصرية أبلغت الشرطة عن اعتداء زوجها عليها.
وأضاف أن الرجال المصريين المتزوجين من مغربيات هم الأكثر عرضة للحبس إذا قاموا بالاعتداء على الزوجة؛ متابعًا: “لأن الزوجات المغربيات قويات لا يخشين من عواقب إجراءات العنف الأسري، وكثيرًا ما نسمع عن مصري تعرض للحبس بعد ضرب زوجته المغربية”.
وأوضح “عبد الله” أن طبيعة الزوجة المصرية هي الابتعاد عن المشكلات، إذ تخاف على أطفالها من الظروف التي قد يتعرضوا لها رفقتها في الغُربة، مضيفًا: “ففي حالة أبلغت الزوجة عن الزوج وتعرض للحبس، ستجد الزوجة نفسها في ملجأ أسري أو مركز إيواء تابع للحكومة رفقة أطفالها، لكن ستجد مراقبة من الحكومة لتصرفاتها مع الأولاد، ومقدرتها على تحمل المسؤولية والاعتناء بالأطفال”.
وتابع: “أما في حالة لم تستطع الزوجة الاعتناء بالأطفال بمفردها، ستقوم الحكومة بسحب أطفالها وإعطائهم لأسرة إيطالية بداعي التبني، وفي هذه الحالة ستخسر أطفالها، وهو أمر يجبر المصريات في إيطاليا على ضبط النفس لأعلى درجة، من أجل استقرار حياتها الزوجية والحفاظ على أطفالها”.
كيف يتعامل القانون الإيطالي مع حالات العنف الزوجي؟
إذا أبلغت الزوجة المقيمة في إيطاليا عن اعتداء الزوج، أو قام شهود عيان بإبلاغ الشرطة عن حالة عنف أسري، سيتحول البلاغ إلى النيابة في خلال 40 يومًا، ثم يستدعي وكيل النيابة الزوج والزوجة واستجوابهما، ومن خلال إجابتهما يحدد إذا كانت هنا قضية أم لا.
في حال تثبتت التهمة على الزوج فقد يُعاقب بالحبس لمدة لا تقل عن 3 أشهر، وقد تصل إلى عام كامل، وتتخذ الدولة قرارًا بعدم دخول الزوج إلى المنزل والتعرض للزوجة أو الأولاد، ثم تبدأ الزوجة في تقييم مدى استطاعتها على رعاية الأطفال والتكفل بمصاريف أطفالها.
أما في حالة لم تبلغ الزوجة عن الزوج في الشرطة، فتتوجه إلى قسم “الكونسولتوريو فاميلياري” وتطلب الحماية من العنف الزوجي، وأيضًا يقيم المختصون الأسريون وضعها وأولادها، وتحصل على سكن ثم يستدعي القسم الزوج وإجباره على الإنفاق على الأبناء، واتخاذ تعهد عليه بعدم المساس بهم.
لكن بعد التقييمات التي تقوم بها الكونسولتوريو قد تجد الزوجة نفسها أمام مسئولية كبيرة ومراقبة من الحكومة؛ للوقوف على مدى تحملها لمسئولية أطفالها، وفي حالة لم تستطع الزوجة الاعتناء بالأطفال يتم تسليمهم لأسرة إيطالية.