كتبت – وفاء عثمان..
تبدأ ألمانيا بعد ساعات في تطبيق التعديل الذي أجرته على قانون منح الجنسية الألمانية، والذي يلزم الأشخاص المتقدمين بطلب الحصول على الجنسية بالاعتراف بإسرائيل وبحقها في الوجود.
وسيُطلب، بدءاً من السبت 29 يوليو، من الأشخاص الذين يتقدمون بطلب الحصول على الجنسية، «تأكيد حق إسرائيل في الوجود»، وذلك ضمن إصلاحات أوسع لمعايير الجنسية في البلاد أثارت نقاشاً حاداً بين امؤيديها ومعارضيها.
ويُبرّر مؤيدو القرار بقيادة حزب “الاتحاد الديمقراطي المسيحي” ضرورة الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود كشرط أساسي لـ”الاندماج” في المجتمع الألماني، لأنه من المهمّ للمواطنين الجدد فهم التاريخ والقيم التي تُشكل أساس الدولة الألمانية، بما في ذلك التزامها بأمن إسرائيل.
في المقابل، يُحذّر معارضو القرار من مخاطر فرض “أيديولوجية” معيّنة على الراغبين في الحصول على الجنسية.ويُشيرون إلى أنّ هذا الشرط قد يُشكّل تمييزاً ضدّ الفلسطينيين والمتعاطفين مع قضيتهم، ويُقيد حرية التعبير والضمير.
يذكر أنه لا تقتصر تداعيات هذا القرار على الشأن الداخلي الألماني، بل تمتدّ لتشمل علاقات ألمانيا الإقليمية والدولية، فقد أثار القرار استياءً من قبل بعض الدول العربية والفلسطينية، التي اعتبرته انحيازاً واضحاً لإسرائيل وتدخلاً في الصراع العربي الإسرائيلي.
مصري مقيم في ألمانيا: القرار سيؤدي إلى مزيد من التمييز ضدّ المهاجرين المسلمين في ألمانيا
وفي هذا السياق، صرّح أحد أفراد الجالية المصرية في ألمانيا، يدعى محمد صلاح قائلاً: “هذا القرار غير مقبول على الإطلاق لا يمكننا أن نقبل أن تُفرض علينا شروط سياسية لمنح الجنسية.نحن هنا في ألمانيا للعمل والعيش وبناء مستقبل أفضل، وليس لدعم أيّ دولة أو أيديولوجية محددة.”
وأضاف في تصريحات لـ”وصال”: “أشعر بالخيبة والإحباط من هذا القرار لقد عشت في ألمانيا لسنوات عديدة، وأنا أدفع الضرائب وألتزم بالقوانين، لكنني الآن أشعر وكأنني غير مرحب بي هنا، خاصة وأننا جميعا ندعم القضية الفلسطينية قلبا وقالبا ولكننا نتحاشى الكلام عنها خاصة في ظل الضغوط التي تفرضها الحكومة الألمانية والتي تجبرنا على الصمت.
كما عبر عن قلقه من أن يؤدي هذا القرار إلى مزيد من التمييز ضدّ المهاجرين المسلمين في ألمانيا، قائلًا: “أخشى أن يؤدي هذا القرار إلى مزيد من الإسلاموفوبيا في ألمانيا. نحن هنا بسلام، ونريد فقط أن نعيش حياتنا ونربي أطفالنا دون خوف أو تمييز”، مشيرا إلى أنه هناك بعض التخوف من قبل المنظمات الحقوقية الدولية، التي أعربت عن قلقها من آثاره على حرية التعبير والمعتقدات وحقوق الأقليات في ألمانيا.
وتعد ألمانيا موطنا لأكبر الجاليات العربية والمسلمة في أوروبا وهي جالية تتميز بالتنوع العرقي، فمن بين خمسة ملايين ونصف مليون مسلم في ألمانيا، يشكلون 6.6 في المئة من إجمالي عدد السكان، هناك نحو 2.5 مليون من أصول تركية ( نحو 45 في المئة من عدد المسلمين في البلاد).
لكن في الآونة الأخيرة، فرضت حرب غزة تحديات غير مسبوقة على بعض المسلمين والعرب في ألمانيا، إذ أصبح التضامن مع الفلسطينيين وكيفية التعبير عن هذا التضامن، قضية رأي عام في البلاد.
وصدرت قرارات وتشريعات تضع قيودا على تنظيم الاحتجاجات، وأخرى تمنع ارتداء أزياء معينة مثل الكوفية الفلسطينية في مدارس العاصمة برلين.