كتب – أسماء أحمد..
من الأمور الصعبة في ألمانيا، التحاق شخص من أصول عربية بالعمل الشرطي هناك، لكن هذا لم يمنع دينا محمد عمرو مصطفى بلشة، من الدخول إلى عالم الشرطة ومطاردة المجرمين في العاصمة الألمانية برلين، لتصبح أول مصرية وقد تكون أول عربية تعمل فى الشرطة الألمانية.
مضى أكثر من 7 سنوات منذ التحاق بلشة بالشرطة الألمانية ولا تزال الضابطة دينا تتذكر كيف كان وقع اختيار الالتحاق بأكاديمية الشرطة على أسرتها التى أبدت قلقها عليها، لكنها مضت وراء حلمها فى أن تصبح شرطية تساعد على نشر الأمن بين الناس.
وقالت بلشة إنها تخرجت من مدرسة شان شارل بوروميه الألمانية في الإسكندرية في عام 2006، إذ سافرت دينا إلى ألمانيا لإتمام دراستها الجامعية، إذ تقول إنها قضت طفولتها ومراهقتها في الإسكندرية، وأسرتها لاتزال تعيش هناك.
وتابعت أن دراستها في مدرسة ألمانية ساعدتها على الاندماج سريعا داخل المجتمع الألمانى وفهم طبيعته، وبعد أن عملت لعدة سنوات بإحدى المؤسسات بألمانيا، قبل أن يعود بها شغفها إلى الالتحاق بأكاديمية الشرطة فى برلين عام 2016.
ولفتت ابنة الـ35 ربيعًا إلى أنها قبل أن تعمل في الشرطة الألمانية كانت موظفة تعمل في مكتب، لكن كان طموحها كان أبعد من ذلك، ودائما كان لديها رغبة بأن يشعر الإنسان بقيمة عملى مباشرة.
وأوضحت أنه في بادئ الأمر لم ترحب أسرتها بفكرة من الالتحاق بالشرطة، وكان لديهم توجس بمدى خطورة عمل الشرطة، لكن في النهاية دعموها، حتى تلاشى هذا الخوف الآن بعدما رأوا مدى تعلقها بالعمل.
وفيما يتعلق بعملية التقديم لأكاديمية الشرطة الألمانية، قالت إنها لم تكن عملية سهلة، كان هناك اختبارات عديدة من اللياقة البدنية إلى تقييم شامل لمدى قدرتها وصلابتها النفسية على تحمل العمل الشرطي، تمكنت دينا من اجتياز تلك الاختبارات وتخرجت بعد عامين ونصف لتبدأ رحلتها داخل العمل الشرطي.
بعد التخرج، التحقت دينا بقسم النجدة رقم 42 فى شرطة برلين فى حى (شونبيرج)، كانت مهمتنا تلقي البلاغات والتحرك للتحقق منها والتعامل معها فورا.
كانت تلك الفترة شاقة لها، فكان صعبا عليها وهي لديها طفلان يحتاجان للرعاية آنذاك، إذ قالت «بدون مساعدة أهلي وأقاربى كان مستحيلا على امرأة أن تعمل في مجال مثل هذا دون مساعدة، خاصة إذا كانت هناك مناوبات ليلية».
ورغم ذلك، ترى أن عملها بالشرطة زرع فى طفليها تميم 8 سنوات وأوريليا 10 سنوات الاعتماد على النفس فى أمور كثيرة مقارنة بأطفال بنفس أعمارهما، «الآن بإمكانى العمل بحرية وأتواصل معهم على التليفون».
وأشارت إلى أن زملاءها ساعدوها على تخطى التحديات أيضا، «لم أشعر بأى اختلاف خاصة بسبب أننى من أصل عربى أو مصرى»، موضحة أنها «تتحدث اللغة العربية والإنجليزية والألمانية بطلاقة».
وكشفت بلشة أن «عامل اللغة كان مهم جدا وسهل على كثيرا، وكانت تتم الاستعانة بي في كثير من المأموريات بسبب عامل اللغة، للمساعدة فى التعامل مع البلاغات والحالات من جنسيات عربية».
فى نهاية عام 2019، انتقلت دينا، للعمل فى الجهاز المركزى الرئيسى بشرطة برلين بإدارة شئون اللاجئين.
وحول التحديات بشكل عام فى إطار الشرطة، «نحن نتعامل مع جميع طبقات المجتمع ونحن متدربون على كيفية التعامل مع كل حالة على حدة، القوة البدنية والصلابة النفسية مهمان جدا فى الشرطة»، لهذا تواظب دينا على أداء التدريبات اللازمة للحفاظ على لياقتها حتى الآن، بحسب قولها.
ولا يقتصر مجال الشرطة على الرجال، إذ أن تتدرب النساء على التعامل مع المواقف العنيفة أيضا، ورد الفعل يكون مثل الرجال، كما أنه في بعض القضايا، تأتي المساعدة من امرأة إلى امرأة أفضل من أن تأتى من رجل شرطى لامرأة، مثل العنف الأسرى، إذ تلعب المرأة الشرطية دورا كبيرا فى الوساطة ودعم النساء الضحايا كى يتمكن من أن مواصلة حياتهن»،
تقول دينا. «لم اضطر أن أصوب سلاح تجاه شخص حتى الآن ولا أتمنى ذلك، ولكن استخدمته فى تأمين عمليات اقتحام أو ما شابه، نؤمن المكان من خلال السلاح».
وفي عام 2022، تمت ترقية دينا إلى رتبة أعلى وتحمل ثلاث نجوم الآن، وطموحها لا يقف عند هذا الحد فهى الآن تخوض فترة تدريبية لتكون ضمن الكوادر القيادية داخل شرطة العاصمة الألمانية.