كتب – هاني جريشة..
لا يستطيع أحد تحديد سر الجاذبية الكبيرة التي تتمتع بها ميلانو لدى المصريين، فتلك المدينة الإيطالية باتت قبلة المصريين الأولى في إيطاليا وأوروبا، فالأعداد التقديرية تشير إلى أن عدد المصريين في تلك المدينة الصغيرة تجاوز نصف المليون، حتى أنها باتت أكثر مدينة أوروبية يحتلها المصريون.
ولعل وجود هذا التجمع المصري الضخم في ميلانو ما دفع وزيرة الهجرة سها جندي، خلال جولتها الأوروبية قبيل الانتخابات الرئاسية، إلى زيارة تلك المدينة ولقاء أكبر كتلة تصويتية في أوروبا بها، بالاضافة إلى وجود القنصلية المصرية داخل مدينة ميلانو.
لماذا ميلانو؟
ويظل التساؤل مطروحا حول ما يميز ميلانو كمدينة لجذب المصريين في اوروبا، فهي من أهم مدن إيطاليا حيث أنها تُعد ثاني أكبر مدينة في البلد الأوروبي المطل على البحر المتوسط بعد العاصمة روما، حيث تصل مساحتها إلى حوالي 183.742 كيلو متر مربع، وتعتبر من أكثر مدن أوروبا جذبًا للسياح أيضًا، لاحتوائها على العديد من المعالم السياحية التاريخية والمتاحف الفنية والأسواق المتعددة التي بإمكانك زيارتها والاستمتاع بها، فضلا عن المطاعم الإيطالية المعروفة بلذتها وشهرتها عالميًا.
وتعتبر ميلانو من أهم مدن إيطاليا فهي العاصمة الاقتصادية، وتساهم بنسبة 10% من الدخل المحلي لدولة إيطاليا ومتوسط دخل الفرد الواحد في ميلانو أفضل بكثير من متوسط دخول الافراد في دول اوروبية كبيرة ومتقدمة، فضلًا عن أسواقها المختلفة فتعتبر ميلانو مدينة الأزياء والموضة والتي يأتي إليها السياح ليستمتعوا بزيارة معالمها والتجول والتسوق في شوارعها المختلفة.
حي كامل ومدرسة وأكثر من نصف مليون مصري يسيطرون على مجالات الحياة في المدينة
كما يرجع تاريخ ميلانو إلى العصور الرومانية حيث ينعكس ذلك على تصاميم المدينة وزخرفتها المعمارية فاستعمر الرومان هذه المدينة عام 222 ق.م وأعطوها اسم ميديولانوم، وتقع ميلانو في شمال إيطاليا حيث تتمركز المدينة في وسط حوض نهر بو وتكمن أهمية موقعها في أنها تربط بين إيطاليا والدول الأوروبية الأخرى من خلال ممرات حوض نهر بو التي توصل بينهم، ولذلك فإن لميلانو دورًا مهمًا في عمليات النقل والتجارة بين إيطاليا وبقية الدول الأوروبية.
كما تحتوي على العديد من المتاحف والتي يكون عددها حوالي 90 متحفًا بالإضافة إلى المعارض التي تعرض الأعمال الفنية المتنوعة فضلًا عن تنظيم المدينة للعديد من المهرجانات المعروفة دوليًا
حضر عن طريق البحر
“وصال” التقت عددا من المصريين في ميلانو للتعرف على سر جاذبية تلك المدينة للمصريين، فقالت مي المناوي، ابنة الكاتب الكبير عبد اللطيف المناوي، والتي تدرس الدراسات العليا في ميلانو: “المصريون فى إيطاليا متعددو التخصصات، لكن العدد الغالب منهم من العمالة البسيطة، والعدد الكبير منهم وصل إيطاليا بطريقة غير شرعية، يطلقون عليهم هنا (حضر عن طريق البحر)، فلا تجد شخصًا يخجل من ذكر ذلك، بل هو فى الغالب يتحدث عن الجهد والتعب الذى وجده فى رحلة عمله، خاصة النماذج الناجحة منهم.
وأشارت مي إلى أن “معظم المصريين الموجودين في ميلانو جاءوا من مدن مصرية غير القاهرة، فترى فيهم أخلاق القرية وحب العائلة وتمسكهم بالأدب والتقاليد، ولذلك إذا نجح أحدهم تراه يستقدم الآخر، فمن الطبيعى هنا أن تصادف عشرات من عائلة واحدة، بدأ تواجدهم عن طريق أحد الأفراد الذى فتح المجال لعائلته وأهل بلده”.
وأضافت إلى أن ميلانو باتت مدينة ترزخ تحت الاحتلال المصري لكن بحب ومودة، على حد قولها، مشيرة إلى وجود حي مصري بالكامل في ميلانو، ومدرسة مصرية باسم مدرسة نجيب محفوظ، فضلا عن نماذج مصرية مشرفة وفخر لمصر في كافة المجالات التي يمكن ان تتخيلها، وهم سفراء حقيقيون لمصر هنا واخلاقهم وتعاملهم الجاد والمحترم هو ما كسب ثقة الطليان هنا.
مساندة المهاجرين
أما عماد الفيشاوي، أحد أعضاء الجالية المصرية في إيطاليا، فأكد أن مدينة ميلانو تشتهر بتواجد كثيف للجالية المصرية وخاصة حي سان سيرو والذي يشتهر بتواجد المصريين فيه بكثرة، فحينما تزوره تعتقد بأنك لم تخرج من مصر.
وأضاف “الفيشاوي” في تصريحات لـ”وصال” أن هذا الحي يشتهر بالعديد من المصريين المتميزين حيث يتميزون بالمطاعم التي تقدم الأكلات المصرية، حتى أن أشهر مطاعم البيتزا في هذا الحي يقوم عليها ويديرها مصريون، موضحا أن معظم المصريين الذين هاجروا بطريقة غير شرعية يتواجدون في ميلانو خاصة وأن الجالية المصرية تقف بجانبهم لمساعدتهم في الحصول على إقامة شرعية بعيدًا عن المشكلات التي قد تواجههم بسبب تواجدهم دون أوراق رسمية.
سفيرة بدرجة «أم المصريين»
هناك خصوصية أخرى لميلانو تتمثل في السفيرة منال عبد الدايم، القنصل المصري في المدينة، فهي برغم شغلها منصبا رسميا، لكنها تعد بمثابة “أم لكل المصريين” في ميلانو، بشهادة المصريين هناك، فهي غيرت مفهوم البعثات الدبلوماسية بتعاملها المختلف مع أبناء الجالية.
وتواصلت “وصال” مع السفيرة منال عبد الدايم، التي أكدت أن مدينة ميلانو من أكثر الدول جذبا للمصريين لأنها مدينة متنوعة في كل مجالات الحياة اقتصاديا وثقافيا وفنيا، وأجواءها محببة ومقربة للمصريين فلا يشعرون بالغربة هنا، على حد قولها.
وأشارت إلى أن وظيفتها حتى وان كانت دبلوماسية لكن هدفها الأسمى خدمة أبناء لمصريين حيث تأتي توجيهات سامح شكرى وزير الخارجية بالعمل على حل كل المشكلات التى تواجه الجميع مع الجهات الرسمية فى الحكومة الإيطالية، موضحة أن الجالية المصرية فى ميلانو من كبرى الجاليات الأجنبية وأقلها من حيث المشاكل مقارنة بجاليات أخرى، وأنها توجه دائما موظفى السفارة بالتعامل بكل حب واحترام مع أبناء لجالية.
وأشارت إلى أنها وضعت نظاما للتعامل بحجز مسبق إلكترونى من خلال الموقع الإلكترونى حتى يستطيع طالب الخدمة أن يأتى فى الموعد الذى اختاره وبالتالي لا يحدث زحام أمام القنصلية.