كتب- محمد أبو الدهب..
خلص مجلس الوزراء الإيطالي إلى إصدار مرسوم بقانون أطلق عليه «مرسوم ألبانيا»، أقرَّ بتعديل قائمة «الدول الآمنة» المُصدِّرة للهجرة؛ فما موقف المهاجرين المصريين بعد الإجراء الجديد؟
لماذا «مرسوم ألبانيا» الآن؟
جاء «مرسوم ألبانيا» بعد قرار قضائي يُلزم بإعادة المهاجرين المصريين والبنجال الذين نُقلوا إلى مراكز الاحتجاز في ألبانيا إلى إيطاليا.
ورفض قسم الحقوق الشخصية والهجرة في محكمة روما على احتجاز المهاجرين في مركز الاحتجاز الإيطالي بألبانيا، الذين تم ترحيلهم يوم 17 أكتوبر الجاري.
ووضع قرار المحكمة الحكومة الإيطالية في مأزق، وهدد بتدمير خطتها الصارمة لمجابهة الهجرة غير الشرعية، بإنشاء مراكز احتجاز للمهاجرين بدول أخرى خارج حدود الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي أنذر بصدام بين السلطتين القضائية والتنفيذية.
ترحيل المهاجرين
رحّلت السُّلطات الإيطالية 16 مُهاجرًا بينهم 10 مصريين و6 من بنجلاديش في أول عملية ترحيل إلى مركز الاحتجاز في جادير بألبانيا، على متن السفينة ليبرا التابعة للبحرية الإيطالية، قبل استثناء 4 منهم فيما بعد.
وجاء قرار الترحيل بحجة أن مصر وبنجلاديش تدخلان ضمن قائمة البلدان الآمنة الـ 22، بينما رفض القضاء الإيطالي التصديق على القرار لاعتباره أن الدولتين من البلدان غير الآمنة بسبب مزاعم بشأن أوضاع حقوق الإنسان بهما.
الحكومة تقر «مرسوم ألبانيا»
بعد قرار المحكمة المُثير للجدل؛ دعت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني إلى اجتماع مجلس الوزراء في محاولة لإيجاد حل لإشكالية قرار القضاء الإيطالي، الذي ترى أنه غير مُختص بتحديد الدول الآمنة.
فكرت السلطة التنفيذية في كيفية التغلُّب على المأزق للحد من نطاق قرارات السلطة القضائية فيما يتعلق باحتجاز طالبي اللجوء المُحتملين والتمكُّن من استئناف عمليات النقل إلى ألبانيا.
«مرسوم ألبانيا» يحدد 19 دولة آمنة
وانتهت مناقشة اجتماع مجلس الوزراء الإيطالي، بإقرار «مرسوم ألبانيا»، وهو مرسوم بقانون يُحدد 19 دولة ضمن قائمة «الدول الآمنة» بعد أن كانت 22 دولة.
واستبعدت الحكومة الإيطالية الكاميرون وكولومبيا ونيجيريا من قائمة «الدول الآمنة» التزامًا بمؤشرات الحكم الأوروبي اعتبارات السلامة الإقليمية.
وتشمل قائمة الدول الـ 19 مصر، تونس، الجزائر، المغرب، ألبانيا، بنغلادش، البوسنة والهرسك، الرأس الأخضر، ساحل العاج، غامبيا، جورجيا، غانا، كوسوفو، مقدونيا الشمالية، الجبل الأسود، البيرو، السنغال، صربيا، وسريلانكا.
موقف «مرسوم ألبانيا» من المهاجرين المصريين
على إثر ذلك؛ أصبح «مرسوم ألبانيا» أو «قائمة الدول الآمنة» هو القاعدة الأساسية التي تتعامل السلطة التنفيذية في إيطاليا من خلالها مع قضية الهجرة غير الشرعية.
وتُصنّف دول الاتحاد الأوروبي دول العالم الثالث المُصدّرة للمهاجرين وطالبي اللجوء إلى دول آمنة، وغير آمنة، وتُفرض قيود صارمة على قبول المهاجرين من الدول الآمنة.
وإدراج مصر ضمن «قائمة الدول الآمنة» في إيطاليا، يُعني أن المُهاجرين غير الشرعيين المصريين ستتطبق عليهم قيود صارمة، حيث يتم نقلهم إلى مراكز الاحتجاز في ألبانيا.
وأثناء فترة احتجاز المهاجرين غير الشرعيين في مراكز ألبانيا؛ تبحث طلباتهم في اللجوء، التي من المتوقع أن يكون مصير أغلبها الرفض، والترحيل إلى البلدان الأصلية.
ما الجديد الذي يُقدمه «مرسوم ألبانيا»؟
بإقرار «مرسوم ألبانيا»، أصبحت هذه البلدان “دولاً آمنة” بقواعد أولية ولم تعد ثانوية كما كانت، الأمر الذي يجعل من الممكن التغلُّب على مؤشرات محكمة العدل بالاتحاد الأوروبي، والقضاء المحلي الإيطالي.
وزير العدل الإيطالي كارلو نورديو عبر عن ذلك بقوله:” بهذه الطريقة لن يتمكّن القضاء بعد الآن من إلغاء هذا الحكم، بل يُمكنه فقط الإحالة إلى المحكمة الدستورية”.
هل يُقيد «مرسوم ألبانيا» أحكام القضاء؟
من المقرر تحديث القائمة كل عام، مع خضوعها للموافقة البرلمانية قبل إقرارها، فيما وصف ماتيو بينتيدوسي وزير الداخلية الإيطالي المرسوم الجديد بأنه أصبح “مصدر أساسي وقانون”.
وأكَّدت رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني: “سندافع عن حدودنا، ولا يمكنك الدخول إلى إيطاليا إلا بشكل قانوني، باتباع القواعد والإجراءات المعمول بها”.
وفي المقابل؛ رأى الباحث القانوني جيانفرانكو شيافوني أن القانون الأوروبي بشأن اللجوء لا يزال متفوقًا، وقال:” حتى لو تمت الموافقة على قائمة الدول الآمنة بموجب مرسوم؛ فسيتمكن القضاة من اتخاذ قرارات بعدم إقرار الاعتقالات في ضوء حكم محكمة العدل الأوروبية”.
حكم محكمة العدل الأوروبية أمل المهاجرين
أصبح الحكم الصادر عن محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي في 4 أكتوبر الجاري، الأمل الوحيد لمهاجري الدول الآمنة بإقرار حقهم في اللجوء لدول أوروبا.
ويسمح الحكم للسلطات القضائية المحلية في كل دولة بتقييم كل حالة على حدة؛ فينصُّ الحكم على أن البلدان الأصلية الآمنة يجب أن تكون آمنة في جميع أنحاء أراضيها، ولجميع الأشخاص الذين يعيشون هناك.
وجاء حكم محكمة العدل بالاتحاد الأوروبي، بناءً على التعريف الوارد في التوجيه الأوروبي لعام 2013، وتمتلك الدول الأوروبية قوائم وطنية للدول الآمنة، ولكن من المقرر أن تتوحّد في وثيقة أساسية واحدة مع حلول عام 2026.