كتب- محمد أبو الدهب..
صَنَّفت مجلة تايم الأمريكية، مؤخرًا، “مسار اللؤلؤ” بالمحرق في مملكة البحرين، ضمن لائحة العام الجاري، لأفضل 100 موقعٍ في العالم للزيارة والاستكشاف.
ويعتبر “مسار اللؤلؤ” في البحرين موقعًا تراثيًا استثنائيًا، يعكس تاريخ وثقافة صناعة اللؤلؤ في المملكة، لذلك بوابة “وصال” تستعرض السطور التالية 20 حقيقة مُدهشة عن هذا المَعْلَم.
مسار اللؤلؤ تراث استثنائي في البحرين
في قلب مدينة المحرّق، عاصمة البحرين السابقة، يقع “مسار اللؤلؤ”، شاهدًا على عصر صيد اللؤلؤ في البحرين، من خلال العمارة والتراث الحضري للمدينة القديمة.
وكانت مدينة المحرّق القديمة عاصمة للبحرين في الفترة ما بين ١٨١٠م وحتى ١٩٢٣م، وهي الفترة التي ازدهر فيها اقتصاد اللّؤلؤ، وهي الآن ثاني أكبر جزيرة في مملكة البحرين.
وعلى مدى قرون، اعتُبرت جزيرة المحرّق أيضًا عاصمة اللؤلؤ في منطقة الخليج العربي، لكونها أكثر المدن ازدهارًا واتّصالاً بهذا الاقتصاد.
ويتضمّن المسار الذي يصل طوله نحو 3.5 كيلومترات، سلسلة من المباني التّراثيّة والتّاريخيّة يصل عددها إلى ١٥، وتشمل 3 من مصائد اللؤلؤ الشاسعة تقع في المياه الإقليميّة الشمالية لمملكة البحرين.
ويشتمل على خط ساحلي واحد في أقصى جنوب جزيرة المحرّق، و9 مجمعات عمرانية تاريخية تتضمن ١٧ معمارًا إنسانيًّا فريدًا، بما في ذلك منازل تجار اللؤلؤ والغواصين.
مسار اللؤلؤ في البحرين تاريخ قديم
تعود صناعة اللؤلؤ في البحرين إلى آلاف السنين؛ فكانت الجزيرة معروفة بجودة ما تنتجه من اللؤلؤ الفريد، الذي جذب التجار من مُختلف أنحاء العالم.
وشكّلت مصائد اللّؤلؤ في النّاحية الشّماليّة من المملكة، المورد والمركز الأساسي لصيد اللّؤلؤ الطبيعي، الذي ازدهرت مواسمه في الخليج العربي منذ القرن الثالث قبل الميلاد، وحتى بدايات القرن العشرين.
وخلال الفترة من أواخر القرن التاسع عشر حتى أوائل القرن العشرين، شهدت البحرين ذروة صناعة اللؤلؤ؛ فمثّلت مركزًا عالميًا لهذه الصناعة لسنوات طويلة.
ومع اكتشاف النفط في الخليج في ثلاثينيات القرن الماضي؛ تراجعت صناعة اللؤلؤ، إلا أن تراثها ظل جزءً لا يتجزأ من الهوية الثقافية للبحرين.
مسار اللؤلؤ في البحرين مكونات فريدة تمزج الماضي بالحاضر
يمتزج الماضي بالحاضر في “مسار اللؤلؤ” في البحرين؛ فهناك البيوت التقليدية، وهي منازل تجار اللؤلؤ الأثرياء، التي تعكس الفخامة والثراء، مثل بيتي سيادي، وجمشير، ومنازل الغواصين.
وهذه المنازل تُظهر الأنماط المعمارية التقليدية، التي كانت شائعة في البحرين خلال فترة ازدهار صناعة اللؤلؤ قبل اكتشاف النفط في الخليج.
ورُغم النمو العمرانيّ الحديث الذي شهدته المنطقة؛ فأن مدينة المحرّق تمكّنت من الحفاظ على نسيجها المعماري، ونمط شوارعها وتقاطعاتها كما في فترة اللّؤلؤ؛ خصوصًا الأزقّة الضيقة التي تميزت بها.
ويعتبر سوق القيصرية أحد أبرز المعالم المُهمّة في “مسار اللؤلؤ”، الذي يعدُّ مثالًا حيًّا على الأسواق القديمة، التي كانت تعج بالنشاط التجاري، ويتميز ببيع المنتجات التقليدية، وصناعة الحرف اليدوية.
ويضمُّ المسار أيضًا بعض المساجد التاريخية، التي اعتبرت مراكز روحية واجتماعية لتُّجار اللؤلؤ، والمجتمع المحلي، وأبرزها مثل مسجد الفاضل.
مسار اللؤلؤ بالبحرين في قائمة اليونسكو
مثّل عام 2012 محطة مميزة في تاريخ “مسار اللؤلؤ” بالبحرين؛ فهو العام الذي أدرجت فيه منظمة اليونسكو المسار ضمن قائمة التُّراث العالمي كثاني موقع داخل المملكة.
وهذا الإعلان كان مُحفزًّا قويًّا لحكومة مملكة البحرين لمنح “مسار اللؤلؤ” اهتمامًا خاصًا عن باقي المعالم الأخرى، والعمل جاهدة للحفاظ على هذا التراث الثقافي المميز.
وتعمل السلطات البحرينية، منذ هذا الوقت، وبشكل مستمر على ترميم المباني التاريخية، والحفاظ على البنية التحتية للمسار، لضمان بقاء هذه المواقع للأجيال القادمة.
مسار اللؤلؤ بالبحرين مَعْلَم سياحي مهم
يُعتبر “مسار اللؤلؤ” اليوم، واحدًا من أبرز الوجهات السياحية في البحرين، فيجذب آلاف الزوار من مختلف أنحاء العالم سنويًّا، ممن يرغبون في اكتشاف تاريخ البحرين.
ويُوفّر المسار تجربة تعليمية وثقافية مميزة، تتضمّن جولات إرشادية، وبرامج تفاعلية، تُعرّف الزوّار بتاريخ صناعة اللؤلؤ، وأهميتها الاقتصادية والاجتماعية.
وتعمل حكومة مملكة البحرين على تدشين المزيد من المبادرات، لتعزيز السياحة الثقافية، وخصصت هيئة البحرين للثقافة والآثار موقعًا إلكترونيًّا خاصًا للمسار.
وتشمل هذه المبادرات تطوير البنية التحتية السياحية، مثل الفنادق والمطاعم والمرافق السياحية الأخرى، بهدف توفير تجربة مُتكاملة للزوار.
جولات سياحية في مسار اللؤلؤ بالبحرين
وبإمكان الزوّار أخذ جولة في مسار اللؤلؤ من أي نقطة، لكن أغلبهم يُفضّل الانطلاق من إحدى مراكز الزوار المحددة مثل “قلعة بو ماهر” عند ساحل البحر، ومركز “مسار اللؤلؤ” قُرب سوق القيصرية، أو من “مجلس سيادي”.
ويقع مركز الزوار الرئيسي التابع لمسار اللؤلؤ في قلب المحرّق بين العمارات التاريخية في السوق القديم، وصممه المهندس المعماري فاليريو أولجياتي.
ويُمكن الوصول لـ”مسار اللؤلؤ” عن طريق السيارة. وتخصص الجهات المُختصّة، 5 ساحات انتظار بنقاط مختلفة على امتداد المسار، ويُمكن للزائر ترك السيارة بها والترجُّل في جولة سياحية.
وتتيح مواقف السيارات في متحف البحرين الوطني فرصة مثالية للانطلاق في الرحلات البحرية المتوجهة إلى قلعة بو ماهر، كل 45 دقيقة.
ويُمكن للزائر أخذ رحلة العودة إلى المتحف الوطني من مرفأ قلعة بو ماهر، وتتوفر الرحلات البحرية يوميًّا، عدا يوم الثلاثاء، وتنطلق آخر الرحلات مع موعد غروب الشمس.