كتبت – هناء سويلم..
أمريكا مجتمع مفتوح، وسن المراهقة من أصعب فترات الوالدين مع الأبناء، لذلك لا يكون سن المراهقة سهلا للأبناء داخل الأسر المصرية التي تعيش في الولايات المتحدة، حيث يكون العقل في سن المراهقة أكثر مرونة مع البيئة المحيطة له، ولا يستمع بسهولة لنصائح وتوجيهات الأبوين.
فالكثير من المراهقين في المجتمع الغربي يرون الحرية في كل أمور الحياة، خاصة الأمور العاطفية، فيرون أصدقائهم في المدرسة يدخلون في تجارب عاطفية، ويرغبون في الدخول بدورهم في علاقات من هذا النوع، ما يؤرق كثير من الأسر المصرية وخصوصا الأمهات اللاتي يرغب العديد منهم في حياة محافظة لأبنائهم، لكن هذا الأمر بالتأكيد يواجه كثير من المقاومة، في مقابل أسر أخرى لها وجهة نظر مختلفة وهي ترك الحرية للأبناء ليقرروا ويعيشوا حياتهم بالشكل الذي يريدونه.
«وصال» تحدثت مع عدد من الأمهات المصريات في أمريكا، واستمعت لتجاربهن مع أبنائهن في مرحلة المراهقة، وكيف تجاوزن الأمر، كما استمعت لآراء أساتذة الطب النفسي في هذا الشأن.
رانيا صبري، التي تعيش في الولايات المتحدة منذ فترة طويلة، قالت إنها تعرضت لأزمة كبيرة مع ابنها في فترة المراهقة، فعندما وصل إلى سن 16 سنة بدأ التعلق بالفتيات من زميلاته في المدرسة، ودخل في العديد من العلاقات العاطفية التي اقتصرت على تبادل الرسائل، ودخل في علاقات عاطفية لم تكن تتعدى الشهر مع كل فتاة، إلى أن تعلق بفتاة واستمرت العلاقة بينهما 6 أشهر، ومع التحدث معه لم يقتنع بأن مشاعره ليست حقيقية.
وأضافت أنه أراد أن يصطحب صديقته إلى حفلة راقصة، لكنها رفضت وأقنعته أن العلاقة بينهما لا يجب أن تتطور حتى لا تتطرق إلى أفعال محرمة، لكنه أجابها بأن ذلك لن يحدث، فأخبرته بضرورة الارتباط بفتاة مسلمة، ولم يقتنع بكلامها، بل اتهمها بأنها لا تريده أن يعيش حياة طبيعية كباقي زملاءه في المدرسة.
وتابعت أنها اضطرت للجوء إلى استشاري نفسي ينصحها بكيفية التعامل مع ابنها في سن المراهقة بطريقة تتناسب مع التعاليم الإسلامية، والذي نصحها بتغيير طريقتها في التعامل مع ابنها، ومصاحبته ودعوة صديقته إلى حفل شواء بالمنزل، ومراقبة أفعالهما سويًا، وهو ما قامت بفعله حتى بدأ ابنها في الاستماع إلى نصائحها، وبعد فترة اقتنع بكلامها لكن ما زال يعيش في حالات عاطفية متخبطة، وهو أمر طبيعي، على حد وصفها.
أما عفاف عبد القادر، إحدى المصريات المقيمات في أمريكا أيضا، فقالت إن ابنها وهو في الصف العاشر فاجأها ببكاء شديد في أحد الأيام، وعندما حاولت تهدئته أخبرها بأنه يحب فتاة معه في الصف، لكن أهلها قرروا الهجرة إلى كندا، وأن فراقها يؤلمه.
وأضافت أنها بدأت في التحدث معه بأنه يمكنها التواصل معها عبر فيسبوك وواتساب، وأنه جيل محظوظ بوجود وسائل التواصل، على عكس الأيام السابقة، وقد يلتقيان مرة أخرى، مضيفا أنها استمرت في صداقة ابنها، وبدأ يحكي لها عن أخبار حبيبته عدة أشهر، لكن بعدها انشغل في حياته ودراسته، وأحب فتاة أخرى، مشيرة إلى أنها صدقت مشاعر ابنها واحترمتها، بل وقامت بدعمه حتى تجاوز هذه المرحلة.
وأكدت أن التعامل مع الشباب المراهق في الغربة يختلف عنه في مصر، لأن المجتمع المصري مجتمع مغلق وله عادات وتقاليد يتبعها الجميع، لكن مع العيش في الولايات المتحدة في مجتمع منفتح تماما لا يجب التعامل بصرامة مع الأبناء؛ لأنه قد يؤدي لنتائج عكسية.
أما الأم المصرية منى صالح، فكانت معاناتها أكبر مع ابنها، خاصة وأنها منفصلة عن الأب، وغير متواجدة مع ابنها في أغلب الأوقات بسبب العمل، والرقابة كانت ضعيفة إلى حد كبير، فلم تكن تعلم شيئا عن حياة ابنها المراهق، حتى فوجئت به قادمًا إلى المنزل برفقة فتاة أمريكية ويريد الاختلاء بها في غرفته، لكنها لم تستطيع تمالك أعصابها وقامت بطرد الفتاة.
وأضافت أنها لم تكن لديها المقدرة على احتواء ابنها في ذلك الوقت، بل قامت بالهجوم عليه ما تسبب في اتهام ابنها لها بأنها تقيد حريته وهددها بترك المنزل والابتعاد عنها.
وأشارت إلى أنها قررت التواصل مع والده لحل الأمر، وبعد فترة من المحاولات مع ابنها، اتفقت مع طليقها على احتواء الولد، وقررت مصاحبته وبالتدريج بدأت في التواصل مع ابنها بشكل يتناسب مع عقليته المراهقة، لكنها عانت لفترة استمرت 8 أشهر حتى استطاعت التفاهم مع ابنها، وإخباره بأن يحق له الدخول في علاقة عاطفية لكن مع مراعاة تعاليم دينه.
نصائح أساتذة الطب النفسي
وعلق الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، على الأمر وقال في تصريح لبوابة «وصال» إن الأساس في هذا الأمر يرجع إلى التربية، كلما كانت هناك علاقة ثقة ودعم وتقوية للثقة بالنفس بالنسبة للأولاد، والابتعاد عن النقد المستمر والمقارنات، يستطيع الولد معرفة الطريق الصحيح من الخاطئ ويبتعد عن الخطأ، مضيفا أن العلاقة غير السوية بين الأب والولد، والنقد المستمر يدفع الابن في فترة المراهقة للجوء إلى كل ما هو خاطئ.
أما الدكتور إبراهيم مجدي، استشاري الطب النفسي، فنصح بالاقتراب من الأماكن التي يتواجد فيها العرب في المجتمع الأمريكي، واللجوء إلى المساجد والكنائس، والاهتمام بتعاليم الأبناء التقاليد المصرية، والتعاليم الدينية.
وأشار إلى ضرورة اللجوء إلى المنطقة الآمنة في حال وقع الابن المراهق في علاقة عاطفية، وهي التوازن بين المجتمع المصري والأمريكي، موضحًا أنه يجب عدم التصادم مع الأبناء، بل الاقتراب منهم، ودعوة الطرف الثاني في العلاقة لتكون العلاقة بشكل آمن أمام الأهل، مع ضرورة وضع شروط لهذه العلاقة.