كتب – محمد أبو الدهب
تتطلع أعين إيطاليا إلى السماء بداية من ليل اليوم السبت، لمشاهدة شُهب البرشاويات، والاستمتاع ببذوخ النجوم والكواكب في السماء الصافية، فيما يُسمى بـ”ليلة سان لورينزو”.
الإثنين.. ذروة ليلة سان لورينزو في إيطاليا
السماء صافية، وغياب شبه كامل للقمر، كل الأمور ممهدة للاحتفال بليلة فلكية مثالية، ومطالعة هذا العرض السماوي المُذهل.
حيث تتيح حالة الطقس المُستقرة رؤية تصل إلى 100 شهاب في الساعة، ومُطالعة النجوم اللامعة، وهناك فرصة جيدة أيضًا لرؤية زُحل والمريخ والمشتري بوضوح.
وحان الوقت مجددًا لمشاهدة الشهب الأكثر إثارة في الصيف، شهب البرشاويات، يُمكن للأفراد اختيار مكان مناسب، والاستلقاء على غطاء في مكان مفتوح، وانتظار بدء عرض السماء الليلي.
ورُغم أن “ليلة سان لورينزو” التقليدية تكون يوم 10 أغسطس؛ فأنها لن تكون الأبرز هذا العام؛ فجميع التوقعات تُشير إلى أن تصل الذروة بين يومي 11 و13 أغسطس، وتحديدًا بعد غد الإثنين 12 أغسطس.
ولن يكون القمر عائقًا للرؤية كما حدث قبل ذلك، فيكون في الربع الأول من دورته، ويغيب خلف الأفق بعد الساعة 11 مساءً، مما يتيح سماء أكثر ظلامًا لمشاهدة الشهب؛ خصوصًا في الجزء الثاني من الليل الذي يكون الأنسب للرؤية.
ووفقًا لـ «اتحاد الفلكيين الإيطاليين»؛ من المتوقع أن تنتج شهب البرشاويات هذا العام أكثر من 100 شهاب في الساعة، ولكن لسوء الحظ، ستكون هذه الكثافة في الساعات النهارية من 12 أغسطس عندما لا يمكن رؤيتها.
أصل حكاية ليلة سان لورينزو في إيطاليا
يحتفل الإيطاليون في يوم 10 أغسطس من كل عام بما يسموه بـ”عيد استشهاد القديس لورنس”، أو “ليلة سان لورينزو”، ويربطوا هذا العيد بمطالعة حركة السماء في تقليد توارثوه منذ عهود.
و”القديس لورنس” كان أحد شمامسة روما السبعة، وقُتل في 10 أغسطس من عام 258 أثناء الاضطهاد الذي أراده الإمبراطور الروماني فاليريان في 257، لذا تُكرّمه الكنيسة الكاثوليكية كأحد أبرز القديسين في تاريخها.
ومنذ القرن الرابع، أصبح لورينزو واحدًا من أكثر الشهداء تبجيلًا في كنيسة روما، وكان قسطنطين الأول أول من بنى مُصلىً صغيرًا له في موقع استشهاده.
ويعود أصل هذا التقليد إلى أسطورة استشهاد هذا القديس، وتقول هذه الأسطورة إن القديس لورنس أُحرق حيًا على الشواية؛ وكان شكل الشهب لحظة وفاته مثل الجمرات المُشتعلة.
كيف تظهر البرشاويات في ليلة سان لورينزو بإيطاليا؟!
تنتج شُهب البرشاويات عن غُبار خلّفه المُذنّب “سويفت-تتل” الذي يقترب من الأرض كل 135 عامًا تقريبًا، وكان آخر مرور له في عام 1992.
وعند مرور الأرض بالقرب من المسار المداري للمُذنّب “سويفت-تتل” تدخل في سحابة الغبار التي خلفها المذنب حول الشمس، وفقًا لعالم الفلك جيانلوكا ماسي، المسئول العلمي عن مشروع التلسكوب الافتراضي في إيطاليا.
وأوضح ماسي: “عند اختراق جزيئات الغُبار الغُلاف الجوي للأرض بسرعة كبيرة تزيد عن 200 ألف كيلومتر في الساعة؛ تحترق بفعل الاحتكاك، تاركةً خلفها خطوطًا مُضيئة في السماء”.
وتمر الأرض سنويًا بهذه السُّحب من الغبار في الفترة من 17 يوليو إلى 24 أغسطس، مع ذروة قريبة من 10 إلى 13 أغسطس.
وأشار عالم الفلك إلى أن الموقع الظاهري للشهب يختلف قليلاً خلال الأيام، ويُمكن للمراقبين النظر نحو كوكبة برساوس، التي تتواجد في الشمال الشرقي على ارتفاع متوسط في السماء، أو ببساطة الاستلقاء والنظر نحو السماء مباشرةً.
كيف تُشاهد البرشاويات بوضوح في ليلة سان لورينزو في إيطاليا؟
بداية من مساء 11 أغسطس؛ يمكن رؤية بضعة عشرات من الشهب في الساعة إذا اخترنا المكان المناسب؛ فالعاشر من أغسطس ليس دائمًا أفضل وقت لرؤية الشهب بكل روعتها، بل هو يوم استرشادي.
ولرؤية الشُّهب بشكل أفضل؛ يجب التأكد من أنك في الظلام؛ فأضواء المدينة ليست مثالية للرؤية، وإذا كُنت في عُطلة، فمن الأفضل الذهاب للشواطئ والحدائق العامة، والتلال والمرتفعات الأولى لجبال الأبنين، وابقِ طوال الليل وأنفك في الهواء.
وفي خريطة السماء؛ يكون مصدر شهب البرشاويات بين كوكبتي برساوس “رأس الغول”، وذات الكرسي على شكل “W” في الشمال الشرقي.
ويُمكن تتبع هذه الكوكبة من خلال النظر إلى نجم القطب الشمالي، وتحريك النظر قليلاً إلى اليمين، أو الاستعانة ببعض تطبيقات علم الفلك المُتاحة على شبكة الأنترنت.
ويستهل كوكب زُحل العرض؛ فيظهر في الساعات الأولى من الليل بعد الساعة 9:30 مساءً، ويظل مرئيًا طوال الليل.
كما يظهر كوكبا المريخ والمشتري في السماء مع كوكبة الثور، وبالقرب من تجمُّع نجوم الثريا، ويحدث بينهما اقتران مُثير في صباح يوم 14 أغسطس، الذي يستمر حتى 17 أغسطس المُقبل.
وتُنظّم العديد من المراصد الفلكية أمسيات خاصة لمشاهدة الشهب والكواكب ومجموعات النجوم، باستخدام التلسكوبات.
فعاليات رائعة في ليلة سان لورينزو في إيطاليا
تُقام العديد من الفعاليات والأمسيات في أماكن عدة لمتابعة هذا الحدث الفلكي المُثير، الذي يجذب اهتمام الجمهور الكبير.
ويُنظم «اتحاد الفلكيين الإيطاليين» مبادرة “ليالي النجوم” بالتعاون مع فعالية “كؤوس النجوم”، التي ينظمها حركة سياحة النبيذ والجمعية الوطنية لمدن النبيذ، من 10 إلى 12 أغسطس.
وهناك أيضًا فعالية “بيتزا تحت النجوم”، التي تُنظمها جمعية فلكية أخرى بالقرب من رافينا. وتعتمد هذه الفعاليات على تناول الأطعمة والمشروبات المُفضّلة أثناء مطالعة السماء في الليل.
وفي 11 أغسطس؛ تكون شهب البرشاويات محور اهتمام في منطقة مانسيانو، بمقاطعة غروسيتو؛ لذا تُقام فعالية “نميرا ستيللاس” من بلدية مانسيانو، التي تُقدّم للمشاركين عرضًا كونيًا شاملًا.
وتُنظم بمنتزه “مونتي فيسيجي” العلمي في ليغوريا، جولة ليلية على ضوء المشاعل في “فيلا بيتيجنان”، بمقاطعة بيروجيا.
وتُقيم جمعية «أجمل القرى الإيطالية»، احتفالية، تشمل تناول العشاء في القرى بين “أومبريا” و”بيدمونت”، والمشاركة في مسابقة الرغبات؛ فيسجّل كل زائر أمنياته على ورقة.
ويترك الزائر الورقة في مكان مميز بالقرية “بئر أو نافورة أو جسر أو حديقة”، ثم تُجمع كل الرغبات، وتختار لجنة من الجمعية الثلاثة الأكثر تميُّزًا منها، ويكافئ أصحابها بمجموعة صور لأجمل الأماكن بالقرى.
وتُصاحب الأمسيات، فعاليات ومبادرات ثقافية تقيمها كل قرية بما في ذلك الموسيقى والمسرح والفن والجولات بصحبة المرشدين وزيارات التذوق.