كتب – حسام خاطر..
ناشد مواطن مصري عالق في قطاع غزة السلطات المصرية سرعة إجلائه من القطاع المحاصر، الذي يشهد حربًا إسرائيلية، هي الأعنف والأطول في تاريخ الشعب الفلسطيني بعد حرب عام 1948.
في شهر أبريل الماضي، بث محمود جمال عبد المنعم سيف النصر، مصري الجنسية، مقطع فيديو، من وسط البيوت المدمرة في قطاع غزة، عبر قناته الشخصية على منصة التواصل الاجتماعي «يوتيوب»، في شهر رمضان الماضي، أكد فيه أنه عالق في قطاع غزة ولم يستطع الخروج رغم مرور 7 أشهر على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في ذلك التوقيت.
«مش عارف أخرج من غزة»
وأضاف محمود جمال، 38 عامًا، أن أهله في مصر زاروا مقر وزارة الخارجية في وسط القاهرة عدة مرات، من أجل الحصول على تصريح له بالخروج من قطاع غزة عبر معبر رفح، ولكن دون جدوى، «أهلي راحوا وزارة الخارجية مرة واثنين وثلاثة وأربعة وخمسة، وكل مرة يأخذوا أسامينا، وحتى اليوم 27 رمضان، مش عارفين نخرج من غزة».
وأوضح محمود أن سبب زيارته لقطاع غزة قبل الحرب هو زيارة أهل زوجته الغزية، «كنت هنا في زيارة عند أهل مراتي والحرب حصلت، قلت لهم: عايز أخرج من غزة. قالوا لي: خلي والدتك تروح وزارة الخارجية المصرية»، وتابع: «والدتي امرأة كبيرة في السن وتعاني من أمراض القلب. راحت أكثر من مرة. كل يومين كانت تذهب إلى مقر الوزارة وهي تقع في الطريق، وأنا هنا في غزة، حتى لو موجود مش هقدر أكون معها، لكن نعمل إيه؟! مين يسمع صوتنا؟!».
وأشار الشاب المصري إلى الصعوبات التي يواجهها في الحصول على الطعام والشراب له ولزوجته ولطفلهما الصغير، بسبب الحصار الخانق الذي يفرضه الاحتلال على القطاع، وعرقلته دخول المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، «ربنا وحده الأعلم إحنا عايشين إزاي؟ نأكل ونشرب إزاي؟ تواصلت مع الكثير من الفنانين المشهورين، كلهم شافوا كلامي وقالوا لي: هنشوف. ومردوش تاني».
وطالب الشاب المصري المسؤولين في مصر وأهل الخير، ممن يستطيعوا إخراجه من قطاع غزة، بمساندته، وإعادته وأسرته إلى مصر «سالمين غانمين»، «مين يا جماعة يقف معنا؟ يا ريت تنظروا لموضوعنا إن إحنا نرجع بلدنا تاني!».
وقبل سيطرة الاحتلال على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، في السادس من مايو الماضي، كانت السلطات المصرية تعمل على إجلاء المواطنين المصريين العالقين في قطاع غزة على دفعات صغيرة، بعد الحصول على موافقة حكومة الاحتلال على كشوفات الأسماء التي كانت تُرسل إليها بشكل يومي، ومن ثم تُرسل إلى هيئة المعابر والحدود في قطاع غزة، لتفويج المصريين الواردة أسماؤهم في الكشوفات إلى الأراضي المصرية.
وبعد رفض الاحتلال تسليم معبر رفح للجانب الفلسطيني، قررت الحكومة المصرية عدم فتح حدودها مع غزة، في ظل السيطرة الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من المعبر، لمخالفة ذلك لاتفاقية المعابر الموقعة بين مصر والسلطة الفلسطينية ودولة الكيان في العام 2005، وتنص على أن «معبر رفح يكون تحت إدارة فلسطينية مصرية، وبإشراف طرف ثالث هو السلطة الفلسطينية»، وهو ما أخلت به دولة الاحتلال.
جولة في سوق دير البلح
ووسط تعنت الجانب الإسرائيلي فيما يخص معبر رفح، يبدو أن المواطن المصري محمود جمال قرر التأقلم مع حياته في قطاع غزة رغم ما يواجهه وأسرته من خطر الموت في أي لحظة، وبعد 3 أشهر من نشر «فيديو المناشدة»، بث مقطع فيديو ثان على «يوتيوب» من منطقة السوق في مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، وهي المنطقة الوحيدة في غزة التي تشهد ضربات على مضض من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي.
ظهر «محمود» في الفيديو، الذي نشره على «يوتيوب» في 25 يونيو الماضي، وهو ملتحٍ، وتبدو عليه علامات الإرهاق، بينما يركب على ظهر عربة يجرها الحمار؛ وسيلة النقل الوحيدة الآن في قطاع غزة، بعد إصرار الاحتلال على عرقلة دخول المساعدات الإنسانية وبينها الوقود اللازم لتشغيل مركبات الديزل إلى القطاع.
استطلع «محمود» آراء العاملين في سوق دير البلح في الشعب المصري، وقال في مقطع الفيديو القصير: «دلوقتي أنا رايح أجيب عيش. هنا بيسموه خبز»، وسأل أحد العاملين في المخبز: «إيه رأيك في الشعب المصري»، فأجابه أحدهم: «أحلى شعب والله. وأحلى عالم. قبل شهرين كنت في مصر وأحلى جيران».
وأضاف عامل ثانٍ: «والله أحلى ناس المصريين، وإن شاء الله ربنا يفك الأزمة علينا وبنخش على مصر، ونغير جو، والهم اللي شفناه في الحرب هذه». فيما أجمع جميع الموجودين في المخبز وعددهم 4 أشخاص: «والله أجدع وأحلى ناس المصريين».
وأكد «محمود» أنه لم يشعر بالغربة عن مصر أبدًا داخل قطاع غزة، وقال: «والله يا جماعة أنا بقي لي هنا أكثر من سنة من ساعة ما جيت من مصر، والله ما حسيت إن أنا غريب ولا حسيت بغربة»، ولكن ظروف الحرب القاسية على القطاع هي الهم الوحيد الذي يؤرقه.
المناشدة المليون
وفي مقطع فيديو نشره محمود جمال عبر حسابه على إنستجرام بتاريح 4 يوليو، ناشد محمود جمال الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتدخل لإجلائه من غزة.
View this post on Instagram