كتبت – وفاء عثمان..
تعتبر الدكتورة جيهان جادو شخصية مرموقة تحمل على عاتقها مسئوليات كبيرة، فهي عضو مجلس حي “فرساي” في فرنسا، وعضو لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس القومي للمرأة، فضلًا عن عملها الأساسي في قصر فرساي.
في هذا الحوار الخاص، غاصت «وصال» في تفاصيل تجاربها المتنوعة، وتناولت دورها كمصرية في مجلس فرساي، وتأثير الأحداث العالمية على حياة المهاجرين في فرنسا، كما كشفت التحديات التي تواجه الجالية المصرية، وإلى نص الحوار:
في البداية ما هي طبيعة عملك ودورك كمصرية في مجلس فرساي؟
كوني المصرية الوحيدة في مجلس حي “فرساي” يمنحني شعورًا هائلًا بالمسئولية، فهذه التجربة الفريدة تُتيح لي اكتساب خبرات واسعة في مجال المحليات، أطمح من خلالها إلى خدمة بلدي مصر بشكل فعال.
وبالطبع تُساعدني خبراتي في هذا المجال على وضع خطط مدروسة لتطوير الحي الذي أقطن فيه، وخلق بيئة أفضل لسكانه، فأنا أعمل جاهدة على تحسين سبل العيش، وتقديم خدمات تلبي احتياجاتهم.
كما أحرص على التواصل المستمر معهم، والعمل على حل أي مشكلات أو شكاوى يتقدمون بها، وذلك من خلال رفعها إلى مجلس المحافظة ليتم اتخاذ الإجراءات اللازمة.
ماذا عن العمل في قصر فرساي؟
عملي الأساسي في قصر فرساي يختلف تمامًا عن عملي في مجلس الحي، فهو يندرج ضمن مجال السياحة، حيث أقوم بمهام متنوعة، منها استقبال السائحين وتقديم المعلومات لهم، وتنظيم المؤتمرات والندوات وحفلات الأوبرا.
كما أُشرف أيضًا على مراسم الاستقبال وتنسيقها مع الجهات الرسمية لاستقبال الشخصيات المهمة.
وحاليًا يشهد قصر فرساي مشاركة فعّالة في دورة الألعاب الأولمبية من خلال فعاليات تُقام في حدائقه، ونحن نستعد بكل جهد لاستقبال السائحين وتقديم أفضل الخدمات لهم خلال هذا الحدث العالمي.
والأكيد أنا أُقدّر الفرصة التي أُتيحت لي للعمل في هذين المنصبين المميزين، حيث أُساهم بشكل فعال في خدمة المجتمع الفرنسي، وتعزيز مكانة مصر في هذا المجال، وأدرك أن المسئولية كبيرة، لكنني أُواجهها بثقة وإصرار، مُؤمنة بقدرتي على تحقيق إنجازات تُفيد بلدي وشعبها.
من وجهة نظرك كيف أثرت أحداث الحرب الإسرائيلية على نظرة الشارع الفرنسي للعرب الموجودين في فرنسا؟
بالطبع هناك تعاطف كبير أبداه الشارع الفرنسي مع الفلسطينيين بسبب وحشية الحرب الإسرائيلية.
ولكن نظرة الشارع الفرنسي تجاه العرب مركبة، حيث يُوجد تعاطف معهم من جهة، بينما تُوجد نظرة سلبية من قبل البعض الآخر، خاصةً مع وجود جالية يهودية كبيرة مؤثرة في فرنسا وتتحكم في اقتصادها.
كيف أثرت الأزمة الاقتصادية على المواطنين الفرنسيين.. وماذا عن أوضاع المهاجرين؟
الأزمة الاقتصادية العالمية أثرت تأثيرًا كبيرًا في الشارع الفرنسي ووجدنا العديد من الفرنسيين الذين خرجوا للشارع بمظاهرات للتعبير عن غضبهم وشكواهم من ارتفاع الأسعار والغلاء وأيضًا النقص في الطاقة والوقود.
فارتفاع الأسعار أثر بشكل كبير جدًا على الحياة في فرنسا وأوروبا عامة بل والعالم أجمع، والحقيقة أن المهاجرين أيضًا تأثروا كثيرًا من تلك الأزمة خاصة وأن هناك العديد من الأعمال قد توقفت وأصبح هناك ركود كبير في سوق الأعمال التي كان يعمل بها العديد من المهاجرين؛ نظرًا لغلاء الأسعار والوقود الذي أثر على حركة التنقلات والمواصلات.
هل الحكومة الفرنسية تقدم مساعدات مالية لدعم المهاجرين المسلمين؟
بالتأكيد الحكومة الفرنسية تقدم مساعدات مالية وإنسانية للاجئين والمهاجرين على أراضيها يغض النظر عن دينهم سواء كانوا مسلمين أو غير ذلك.
لكن هناك صعوبة في تقديم الدعم للمهاجرين غير الشرعيين لعدم وجود بيانات رسمية عنهم، خاصة أن هناك فرق كبير بين المهاجر الرسمي والهجرة غير الشرعية، فالمهاجر غير الشرعي لا يوجد لدى الحكومة الفرنسية أي إثبات لمعرفته لذلك لا تستطيع الحكومة تقديم أي دعم له خاصة وأنه جاء هاربًا عبر البحر من الدول المجاورة، لذلك لا يوجد اعتراف من الدوله الفرنسية بهم.
تُثير مسألة صعود اليمين المتطرف في فرنسا وتحديدًا بعد حصوله على نتائج قوية في الانتخابات الأخيرة تساؤلات حول انعكاس ذلك على سياسات الهجرة في البلاد.. كيف ترين ذلك؟
أريد التأكيد أن وصول حزب اليمين المتطرف إلى السلطة في بعض المجالس الأوروبية، لم يُترجم بالضرورة إلى سيطرة كاملة على المشهد السياسي الفرنسي، حيث لا تزال الآراء حول قضايا الهجرة منقسمة بشكل كبير.
ويُعرب بعض الفرنسيين، خاصةً من مؤيدي اليمين المتطرف، عن مخاوفهم من تزايد أعداد المهاجرين وتأثيرهم على الاقتصاد والمجتمع، ويُطالبون بتشديد السياسات المُتعلقة بالهجرة واللجوء، مُعتقدين أن ذلك سيُساهم في حل المشكلات التي تواجه البلاد.
ولكن في المقابل، يُؤكد العديد من الفرنسيين، خاصة من مؤيدي اليسار، أهمية دور المهاجرين في الاقتصاد والمجتمع، ويُشددون على ضرورة احترام حقوقهم ومعاملتهم بكرامة، مُشيرين إلى أن فرنسا بلد منفتح على الآخر ويستفيد من تنوع ثقافاته.
لكن يجب التأكيد على ضرورة إيجاد حلول متوازنة لقضية الهجرة، تُراعي مصالح جميع الأطراف، وأيضًا أهمية الحوار والنقاش البناء بين مختلف مكونات المجتمع الفرنسي، لبلورة سياسات تُحقق التوازن بين احتياجات البلاد وحقوق المهاجرين بالإضافة لأهمية وجود الحوار والتعاون بين مختلف مكونات المجتمع الفرنسي لبلورة مستقبل يُراعي احتياجات الجميع.
من وجهة نظرك.. ما هي أبرز مشكلات المصريين المقيمين في فرنسا؟
أبرز المشكلات التي تواجه المصريين بفرنسا هي افتقار الجالية المصرية لوجود اتحاد أو مجلس علماء موحد للاستفادة من الخبرات المصرية في فرنسا.
وذلك على الرغم من كثرة الجمعيات والمؤسسات التي تحمل اسم المصريين في الخارج دون أن يكون لها وجود حقيقي لخدمة المصريين في فرنسا.
وأيضًا هناك مشكلة إهمال أبناء الجيل الثاني والثالث من المصريين في فرنسا حيث جعلهم ذلك يفقدون الثقة في الوجوه الموجودة من الجمعيات والاتحادات.
من واقع خبرتك ما هي أكثر المهن المفتوحة أمام المهاجرين لفرنسا؟
أعمال البناء والاستثمار في الخضروات والفاكهة والمطاعم، هذه هي المهن الأكثر انتشارًا بين المصريين في فرنسا.
أبناء الجيل الثاني من المصريين يعملون في وظائف متنوعة مثل البنوك وشركات الاستثمار والمحاماة والمحاسبة.
ما هي نصيحتك للأشخاص الراغبين في الهجرة إلى فرنسا؟
أريد أن يدرك من يرغبون في الهجرة إلى فرنسا أن الأمر ليس سهلًا كما يصوره البعض، ففرنسا مثل أي دولة أخرى تواجه تحدياتها الخاصة، وليست جنة على الأرض.
وبالطبع ينتشر بعض الأشخاص الذين يستغلون طموحات الشباب في الهجرة، ويقنعونهم بأحلام وهمية مقابل الحصول على أموالهم، لذلك يجب الحذر من هؤلاء الأشخاص، والابتعاد عن أي عروض مشبوهة.
لكني أرى أن الهجرة إلى فرنسا بشكل قانوني هي السبيل الوحيد لضمان حقوقك وكرامتك، كما يجب تجنب الوقوع في فخ المهربين الذين يعرضون حياتك للخطر ويضعونك في موقف صعب.
ويجب عليهم قبل الهجرة، التأكد من إجراء بحث شامل حول متطلبات السفر والعمل في فرنسا، وتعلم اللغة الفرنسية، واكتساب مهارات جديدة مطلوبة في سوق العمل الفرنسي، حيث تختلف المعيشة في فرنسا عن عاداتك وثقافتك لتكن مستعدًا للتكيف مع بيئة جديدة.
وأريد أن أوضح أن فرنسا تعاني مثل باقي دول العالم من ارتفاع تكاليف المعيشة، ولهذا تأكد من امتلاكك لمدخرات كافية لتغطية احتياجاتك الأساسية في بداية رحلتك.
اقرأ أيضًا للمقيمين في بريطانيا.. إليك طريقة الحصول على معونة مباشرة بقيمة 300 باوند