كتب – أحمد إمام..
رغم أن المجر توصف بأنها قبلة مهمة للاجئين المتجهين لغرب أوروبا، فإن حقوقيين يؤكدون أنها لا تزال محل انتقاد العديد من المنظمات الحقوقية و المفوضية الأوروبية بسبب سياسة التعامل مع هذا الملف الإنساني.
وكشف تميم عليان، مسؤول بمنظمة الهجرة الدولية، أن حكومة المجر منعت دخول العديد من المهاجرين علي حدود مع بولاندا بالقوة إلى أراضيها.
وأشار تميم، إلى أن السلطات المجرية تتبع سياسة متشددة تجاه اللاجئين وترفض استقبالهم بلرغم من أنها أعلنت سابقاً أنها ستستقبل جميع اللاجئين الفارين من الحرب الروسية الأوكرانية علي أرضيها.
وتشهد المجر حالة من تخبط في سياستها تجاه ملف اللجوء و الهجرة غير شرعية، حيث شدد وزير الشؤون الخارجية والتجارة المجري، بيتر زيالتو، هذا الأسبوع على ضرورة تغيير سياسة الاتحاد الأوروبي، من أجل مكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية بنجاح من خلال عدم التعاون مع شبكات تهريب البشر وعدم دعم المنظمات غير الحكومية التي تنقل المهاجرين من أفريقيا عبر البحر الأبيض المتوسط إلى الشواطئ الأوروبية مقابل أجر.
وطالب الوزير المجري من الاتحاد الأوروبي التخلي عن “سياسة الإملاءات” في تعامله مع دول شمال إفريقيا، وإرساء علاقات معها قوامها الاحترام المتبادل، وتأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المحلية لهذه الدول.
وفي 2023، عثرت الشرطة المجرية على 17 مهاجراً مكدسين في شاحنة مغلقة من دون تهوية مناسبة عندما أوقفت شاحنة تحمل لوحة ترخيص تركية بالقرب من الحدود الجنوبية.
وكشفت السلطات المجرية على موقعها على الإنترنت إن المهاجرين، وهم 16 من مصر وواحد من ليبيا، كانوا بحاجة إلى رعاية طبية فورية، مضيفة أن التحرك السريع بعد بلاغ من السلطات الرومانية أنقذ حياتهم.
وتم تدمير نظام اللجوء المجري بشكل منهجي -وفقا لما نقلته دويتشه فيله- من خلال سلسلة من التغييرات القانونية، مما أدى إلى نظام “مختل” لا يتماشى مع نظام اللجوء الأوروبي.
فقد حرص رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان خلال السنوات القليلة الماضية وخلال فترة توليه منصب رئيس الوزراء منذ عام 2010، على اتباع سياسة معادية للهجرة، والتي اشتدت مع موجة اللاجئين في عام 2015، حيث قامت حكومة أوربان ببناء جدار مسيَّج على الحدود مع سيبيريا، وشرعنة دفع الناس إلى المنطقة الحدودية و التشريعات التي تمنع الأشخاص من طلب اللجوء على أراضيها، ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة هاينريش بيل الألمانية عام 2017، قامت الحكومة المجرية في بعض الأحيان بملاحقة طالبي اللجوء في المجر واعتبرت بعض طالبي اللجوء تهديدًا للأمن القومي.
وفي عام 2016، بعد توافد موجة ضخمة من اللاجئين إلى أوروبا، أصدرت المجر، وهي إحدى نقاط العبور إلى أوروبا الغربية عبر ما يسمى بطريق البلقان، قانونًا جديداً لتشديد الرقابة على الحدود على مسافة 8 كيلومترات داخل المجر.
وبدأت الحكومة المجرية اعتباراً من 28 مارس 2017 بتطبيق قانون جديد يسمح بإعادة الموجودين في المجر بشكل غير قانوني إلى صربيا من كامل أراضيها، رغم محاولات الكثيرين آنذاك العبور إلى دول أوروبية أخرى، باعتبار أن بعض طالبي اللجوء يشكلون تهديداً للأمن القومي وتزامن ذلك مع انخفاض عدد طلبات اللجوء في المجر.
وتعليقاً على الوضع الحالي لطالبي اللجوء في المجر، قالت أنيكو باكوني، المحامية في لجنة هلسنكي، أصبح من الصعب جدًا على الاتحاد الأوروبي أن يتعامل مع دولة عضو لا ترغب في تطبيق القواعد وتخرق جميع القواعد… سيتعين على المجر أن تدفع غرامة لعدم امتثالها لحكم المحكمة الأوروبية”.
وأوضح باكوني: “اليوم، لا يوجد في المجر نظام لجوء ولا يمكن الوصول إليه بشكل أساسي. وهذا يعني أن الأشخاص الذين يصلون عبر طريق البلقان ممنوعون في الواقع بموجب القانون من دخول المجر وطلب اللجوء هناك، وما يحدث في الواقع هو أن الأشخاص الذين يصلون إلى الحدود الصربية المجرية لا يمكنهم البقاء في المجر إلا لبضع دقائق قبل أن تتم إعادتهم إلى صربيا بموجب القانون وهذا يعني.”
وقال دانيال باغاميلي، المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة في المجر، لـ”مهاجر نيوز” إن هذه الإجراءات التي اتخذتها المجر قد قللت من عدد طالبي اللجوء في البلاد وعدد الأشخاص الذين مُنحوا صفة لاجئ أو حماية مؤقتة في البلاد وقال إن عدد الأشخاص الذين مُنحوا صفة لاجئ أو حماية مؤقتة في البلاد قد انخفض أيضاً.
وأشار “باكوني” إلى أن الإجراءات المتشددة التي اتخذتها المجر كانت مصحوبة بدعاية كراهية مكلفة للغاية من قبل الحكومة التي تعتبر هذا الخطاب المعادي للهجرة واللاجئين أمرًا أساسيًا في أيديولوجيتها السياسية.
وقد استثمرت الحكومة بكثافة في هذه الدعاية، وكان هناك العديد من الإعلانات والملصقات العامة في البلاد التي تعبر عن ذلك. وفي الوقت نفسه، كان الخطاب العام للحكومة يتمحور حول مخاطر الهجرة، وربط الهجرة بالإرهاب، والترويج لفكرة أن هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير صارمة لحماية البلاد من المهاجرين، وأن المجر تلعب دور المنقذ الأوروبي من المهاجرين غير المرغوب فيهم.