كتبت-أمل محمد..
سادت حالة من الحزن مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية بعد وفاة أحد رموز الإذاعة العربية محمود المسلمي.
أعلن أحد أفراد أسرته عن خبر الوفاة ناعيًا الإعلامي الكبير قائلاً: «يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي» بقلوب صابرة محتسبة تنعي عائلة المسلمي والزفتاوي بمصر وبريطانيا الإعلامي المصري القدير محمود المسلمي».
«محمود المسلمي».. أخر صوت في «بي بي سي عربي»
لُقب الراحل محمود المسلمي بالعديد من الألقاب منها «صوت العرب، رائد التدريب الإذاعي في المنطقة العربية، والخبير الإعلامي» نظرًا لخبرته في الإذاعة والتي استمرت قرابة الـ30 عامًا.
قبل سنوات عديدة انتقل «المسلمي» إلى العمل كمذيع مختص بتقديم البرامج الإخبارية الرئيسية، وذلك في إطار برنامج تطوير جودة وكفاءة العمل في «بي بي سي عربي» وذلك بعد أن كان يعمل في الإذاعة المصرية.
في تلك الفترة التي انتقل فيها لم يكن وقتها الإنترنت قد دخل حيز العمل الفعلي، لكن بالرغم من ذلك كان حجم التفاعل معه كبيرًا للغاية، حيث بلغ مجموع الرسائل البريدية والهاتفية وعبر الفاكس من كافة أرجاء العالم قرابة الألف رسالة في الأسبوع الواحد.
أعد محمود المسلمي برنامجًا بعنوان «رأس السنة» والذي يعد أقدم برنامج وكان يتمتع بمتابعين كُثر، ففي أول عام من بث البرنامج كانت مدته 5 دقائق فقط، ولكن بعد ذلك أصبحت المدة 10 دقائق ثم 15 دقيقة، ثم قدم البرنامج منفردًا لمدة 30 دقيقة باسم «ما لا يعرفه المستمعون».
كان هذا البرنامج على شاكلة مسلسل «ألف ليلة وليلة» أي كحدوتة بالشعر والسجع التقليدي، قائلًا في هذا الشأن في حوار نُشر له في عام 2010: «كانت الساعة تقارب السابعة أو الثامنة مساءً يوم 31 ديسمبر 1979 طقت في دماغي مثلما نقول أن أقدم البرنامج على غرار ألف ليلة وليلة! استعنت بموسيقى ألف ليلة وليلة المشهورة للمؤلف الموسيقي نيكولاي رمسكي كورسالكوف، وبصوت الراوي زميلنا فاروق الدمرداش- وهو ممثل قدير له صوت متميز- وشهرزاد هي التي تفتتح البرنامج.
مع النجاح الكبير للبرنامج كان على «المسلمي» التفكير في شيء جديد، حيث أكد أن فكرة البرنامج موجودة لكن الإبداع لا بد أن يتوافر قائلًا عن ذلك: «أفكار البرامج 13 أو ثلاثين فكرة، لا تتغير، إذًا التنازل هو الذي يتغير، لذا علينا أن نستعمل خيالنا ونربي زملاءنا الجدد على الإبداع وتلمس الجديد وحب التجريب وعدم الاستسهال».
كان «المسلمي» معروفًا بعشقه للأخبار حيث أكد في حواره أنه لا يستطيع العيش بدون أخبار، قائلًا: «الطاقة الإبداعية تجد منفذًا في القراءات الاخبارية لأنني أرفض أن أكون مقدمًا تقليديًا، يجب أن يرى الناس اللمسة الفنية لمحمود المسلمي في النقلة من الفقرة الإخبارية إلى الأخرى».
قدّم الإعلامي الراحل خلال مسيرته مع الإذاعة العربية العديد من النجاحات المذكورة باسمه، ومع كل تلك النجاحات التي تركت في الراحل أثرًا طلبوا منه طلبًا هو الأصعب عليه عندما تم إخباره بأنه من سيعلن عن انتهاء مسيرة إذاعة «البي بي سي العربية» في 27 كانون الثاني 2023، بعد بث إذاعي استمر لـ85 عامًا، ليكون صوته هو أخر ما يُسمع قائلاً هنا: «إنه من الصعب تقبل هذا القرار»، وكتب على حسابه عبر «فيسبوك»: «لا يمكن بأي منطق أن نلقي بأربعة وثمانين عامًا من التربع على عرش الإذاعات الناطقة بالعربية في متاهات الغياب، لا أتصور أن من قرر ذلك استحضر نجاحات الراديو وارتباط الأجيال به وضرورة وحيوية وجوده لهم أولًا قبل العاملين فيه، ولا أتقبل أي حجج أو أرقام تُساق، وأراها مجرد خيالات نظرية وحسابات مجردة وأرقام تدوس على القيمة المعنوية وعطاء الأجيال».