كتبت – وفاء عثمان..
هجرة الأطباء المصريين أصبحت ظاهرة مقلقة تُلقي بظلالها على مستقبل النظام الصحي في مصر، ففي السنوات الأخيرة، ازدادت أعداد الأطباء الذين يهاجرون للعمل في الخارج، بحثًا عن فرص أفضل وأجور أعلى وبيئة عمل أكثر استقرارًا.
وردًا على ارتفاع معدلات هجرة الأطباء المصريين بالخارج، قال وزير الصحة والسكان الدكتور خالد عبد الغفار، في تصريحات صحفية مؤخرًا إن هناك حالة من العزوف عن ممارسة مهنة الطب على مستوى العالم، وهجرة الأطباء ليست في مصر فقط.
الرواتب لا تناسب الأطباء المصريين
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، علّق في وقت سابق على هجرة الكثير من الأطباء في الفترة الأخيرة من مصر، موضحًا أن الرواتب التي يحصلون عليها في مصر “لا تناسبهم”، موجهًا في الوقت نفسه بضرورة فتح الباب لقبول عدد أكبر من طلاب كليات الطب بالجامعات المصرية لتعويض العجز.
آراء أطباء مصريين هاجروا للخارج
الدكتور عبد البديع أحمد طبيب بقسم التخدير في ألمانيا قال: “غادرت مصر قبل 5 سنوات بعد تخرجي مباشرة، لم أجد أي فرصة للعمل في مصر براتب مناسب يليق بمستوى تعليمي وخبرتي ولم أستطع العيش براتب التعيين في مستشفى الحسين الجامعي، كما أن ظروف العمل في المستشفيات المصرية كانت ولا تزال صعبة للغاية، حيث يعاني الأطباء من نقص في الأدوات والمعدات الطبية، وازدحام في أعداد المرضى، ونقص في الكوادر التمريضية، بالإضافة إلى تدني مستوى الرواتب ما أجبرني على التفكير في الهجرة إلى الخارج والعمل في أي دولة أوربية حتى استطيع توفير حياة أفضل لأولادي”.
أما الدكتورة فاطمة، طبيبة نساء وتوليد في السعودية أكدت أنها قررت الهجرة إلى السعودية بعد سنوات حاولت فيها في مصر أن تحقق آمالها وتجد مستقبلًا آمنًا لها ولكنها بعدما سافرت وجدت هنا بيئة عمل مناسبة للغاية، حيث تتمتع براتب مرتفع وتأمين صحي شامل، وتعمل في مستشفى حديث مجهز بأحدث المعدات الطبية، كما أنها تحظى بتقدير كبير من المرضى والإدارة.
وأشارت إلى أنها لم تتردد لحظة عندما سنحت لها الفرصة للعمل كطبيبة للخارج لتتمتع بحياة كريمة وتستطيع توفير احتياجات عائلتها وتوفير مستقبل أفضل لأولادها، مؤكدة أنها تعمل ضمن نظام صحي متطور يقدم رعاية صحية عالية الجودة للمرضى.
أسباب هجرة الأطباء المصريين
يعد الراتب أحد أهم أسباب هجرة الأطباء المصريين، حيث تعاني مصر من أزمة في الرواتب، خاصة في القطاع العام.
فراتب الطبيب في مصر لا يتناسب مع مستواه التعليمي وخبرته، مما يدفعه للبحث عن فرص أفضل في الخارج.
ويعاني الأطباء في مصر من ظروف عمل صعبة للغاية، حيث يعانون من نقص في الأدوات والمعدات الطبية، وازدحام في أعداد المرضى، ونقص في الكوادر التمريضية.
ويسعى العديد من الأطباء المصريين إلى الهجرة للخارج بحثًا عن الاستقرار، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية في مصر، حيث يرغب بعض الأطباء المصريين في الهجرة للخارج للعيش في بيئة أفضل، حيث توفر العديد من الدول بيئة آمنة ونظيفة ونظامًا تعليميًا جيدًا وخدمات صحية متميزة”.
ما الآثار المترتبة على هجرة الأطباء؟
وتُؤدي هجرة الأطباء إلى تراجع جودة الخدمات الصحية في مصر، حيث يعاني المرضى من نقص في الكوادر الطبية المتخصصة، وازدحام في أعداد المرضى في المستشفيات، وصعوبة الحصول على الرعاية الطبية اللازمة.
وتُؤدي هجرة الأطباء إلى زيادة تكاليف الرعاية الصحية، حيث يضطر المستشفيات إلى تعويض نقص الكوادر الطبية بزيادة رواتب الأطباء المتبقيين، أو بالاستعانة بأطباء من الخارج براتب مرتفع.
جهود الحكومة المصرية للحد من هجرة الأطباء
وبدأت الحكومة المصرية، منذ مارس الماضي، تطبيق حزمة الحماية الاجتماعية التي أعلن عنها الرئيس السيسي؛ للأطباء وأعضاء المهن الطبية وهيئات التمريض، التي تضمنت تخصيص 4.5 مليار جنيه لإقرار زيادة إضافية لأعضاء المهن الطبية وهيئات التمريض، تتراوح من 250 إلى 300 جنيه في بدل المخاطر للمهن الطبية، وزيادة تقترب من 100% في بدل السهر والمبيت.
وتضمنت التوجيهات الرئاسية كذلك، تخصيص 1.6 مليار جنيه لإقرار زيادة إضافية لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بالجامعات والمعاهد والمراكز البحثية، إلى جانب 6 مليارات جنيه لتعيين 120 ألفًا من أعضاء المهن الطبية والمعلمين والعاملين بالجهات الإدارية الأخرى، وتخصيص 15 مليار جنيه زيادات إضافية للأطباء والتمريض والمعلمين وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات.
وقال وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، في وقت سابق، إن “تعليم الطبيب الواحد يُكلف الدولة ما بين 55 ألفًا إلى 70 ألف جنيه”، مضيفًا: “نحن في النهاية بشر، والطبيب يهاجر حينما تتاح له فرصة أفضل”.
وأشار “عبد الغفار” إلى أن الدولة توسعت في افتتاح كليات الطب خلال الفترة الماضية، موضحًا أنه تم إنشاء ما يقرب من 9 كليات طب جديدة خلال الأعوام الماضية.