كتبت – أميرة سلطان..

سيطرت حالة من الشلل التام على مختلف المرافق الحيوية من مطارات وبنوك ومستشفيات على مستوى العالم، بالتزامن مع عطل تقني ضرب منصة الأمن السيبراني “كراود سترايك” ما تسبب فى انقطاع خدمات مايكروسوفت عالميًا منذ صباح اليوم الجمعة.

أصاب العطل المفاجئ والضخم عدد كبير من دول أوروبا وآسيا، التى خرجت مطاراتها عن الخدمة تمامًا، واضطرت لإلغاء معظم رحلاتها الجوية وتأجيل البعض الآخر بسبب صعوبة تسجيل بيانات المسافرين، وإتمام إجراءات الحجز والسفر، بل اعتمد البعض تنفيذ العمليات باستخدام أنظمة يدوية، فضلًا عن تعطل العمل فى البورصات العالمية والبنوك وخطوط السكك الحديدية.

أسباب عطل مايكروسوفت

وبعد عدة ساعات من الغموض، أصدرت شركة كراودسترايك الأميركية للأمن السيبراني، ردا أوضحت خلاله أسباب انقطاع خدمات مايكروسوفت على مستوى العالم، التى أرجعتها إلى وجود مشكلة في التحديث الأخير للخدمة.

وذكرت الشركة على لسان مديرها التنفيذى جورج كورتز -على منصة إكس- أن الشركة تعمل بشكل نشط مع العملاء المتأثرين بالخلل الموجود في تحديث محتوى واحد لمضيفي Windows، مؤكداً أن هذا ليس حادثاً أمنياً أو هجوماً إلكترونياً.

وتعليقًا على ذلك، قال الدكتور محمد رفعت، خبير أمن المعلومات، إن الخلل التقني يمكن أن يكون نتيجة لعوامل طبيعية، مثل الأخطاء البرمجية أو فشل الأجهزة، ويمكن أن يكون نتيجة لهجمات سيبرانية متعمدة. ولتحديد ما إذا كان الخلل طبيعيًا أو مدبرًا، يجب النظر في الأدلة المتاحة مثل: التحليلات الأمنية فالتحقيق في الأدلة الرقمية والشبكية يمكن أن يكشف عن وجود برمجيات خبيثة أو نماذج للهجوم السيبراني، وكذلك التقارير الرسمية خاصة وأن الشركات المعنية مثل CrowdStrike قد تصدر تقارير توضح طبيعة الخلل، والتي تعتمد على التحقيقات الداخلية والتعاون مع السلطات المختصة.

وأشار خبير أمن المعلومات، فى تصريح لـ”وصال”، إلى تأثير العطل على الأمن السيبراني، موضحًا أنه عندما يتعرض النظام لعطل يؤثر على مختلف المرافق، فهذا يمكن أن يكون مؤشرًا على تحديات في تحقيق الأمن السيبراني. ومع ذلك، من المهم تحليل الأسباب الحقيقية وراء هذا العطل، والعمل على فحص الأنظمة المتضررة لتحليل الثغرات ونقاط الضعف التي استغلها المهاجمون، وكذلك تقييم ردود الفعل السريعة والإجراءات التصحيحية التي تم اتخاذها بعد العطل، مثل تحديثات الأمان وتحسينات النظام.

سرية البيانات وأرصدة البنوك

وحول خطورة الأمر على سرية بيانات وأرصدة عملاء البنوك، أوضح أنه إذا كان العطل قد أثر على أنظمة البنوك، فإن هناك مخاوف مشروعة بشأن سرية البيانات والأرصدة، وفى هذه الحالة يجب اتخاذ خطوات سريعة لضمان الحماية، مثل: إجراء تحقيق شامل لتقييم مدى تأثير العطل على بيانات العملاء والأرصدة المالية، وتعزيز الأمان عن طريق تطبيق بروتوكولات أمان إضافية مثل التشفير والمصادقة متعددة العوامل، بالإضافة إلى إخطار العملاء بأي اختراق محتمل واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة.

تعزيز الأمن السيبرانى

أما فيما يخص مصر، شدد على ضرورة تعزيز حماية البيانات وأنظمة التشغيل عبر مجموعة من الإجراءات أهمها تحديث البنية التحتية وتحسين البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات وتطبيق أحدث تقنيات الأمان، وتدريب الموظفين على أفضل ممارسات الأمن السيبراني وتوعية الجمهور بأهمية الحماية الشخصية، ووضع قوانين وتشريعات صارمة لتنظيم الأمن السيبراني وفرض عقوبات على المخالفي، إلى جانب تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية والشركات الرائدة في مجال الأمن السيبراني لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات.

وتابع: مثال واقعي على ذلك ما حدث في عام 2020، حينما تعرضت شركة SolarWinds لهجوم سيبراني ضخم أثر على العديد من الشركات والوكالات الحكومية حول العالم. أظهر التحقيق أن الهجوم كان مدبرًا وموجهًا من قبل جهات متقدمة، مما سلط الضوء على أهمية تعزيز الدفاعات السيبرانية على جميع المستويات، وتوضح هذه النقاط أهمية تعزيز الأمان السيبراني واتخاذ إجراءات وقائية مستمرة لحماية الأنظمة والبيانات من الهجمات السيبرانية.

خسائر اقتصادية

من جهته، توقع الدكتور وائل النحاس خبير اقتصادى ومحلل مال، تكبد دول العالم خسائر فادحة تصل إلى تريليونات الدولار، نتيجة امتداد تأثير العطل التقنى إلى قطاعات عديدة على مستوى العالم من شركات طيران وخطوط جوية وخدمات فندقية وبنوك وشركات وحتى البورصات العالمية.

وأضاف الخبير الاقتصادى، فى تصريحات خاصة، أن الوضع فى مصر مختلف بعض الشئ، نظرًا لاعتمادها على أنظمة معلوماتية ودوائر مغلقة على نفسها سواء يخص عمل القطاع المصرفى أوالبورصات، وبالتالى فمن الصعب تأثرها بتبعات العطل العالمى، مؤكدًا أن أرصدة العملاء لدى البنوك سواء محلية أو أجنبية آمنة، ولكن عمليات الإيداع أو التحويل ستكون معلقة لحين إنتهاء الأزمة وعودة الأنظمة للعمل بشكل طبيعى، وبالتالى أى عملية تحويل أو إيداع تمت فى تلك الأثناء ستتطلب مزيد من الوقت لحين إتمامها على نحو صحيح.

وأشار “النحاس”، إلى أن تكرار الأعطال التقنية العالمية بداية من قيام إسرائيل بتغيير الخرائط الملاحية قبيل حادث طائرة الرئيس الإيرانى، وبعدها تعطل أنظمة مايكروسوفت قد يكون أمرًا مدبر و”بروفة” لنظام عالمى جديد تسعى أمريكا لبلورته فى مواجهة روسيا والصين.