كتبت – فاتن علي..
يترقب الأمريكيون يوم الثلاثاء المقبل الموافق 5 نوفمبر لإجراء انتخابات رئاسية مليئة بالتنافس والتشويق، حيث يسعى الرئيس السابق دونالد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض لفترة ولاية جديدة، بينما تطمح الديمقراطية كامالا هاريس لأن تكون أول امرأة تتولى رئاسة الولايات المتحدة في تاريخ البلاد.
ويثير توقيت إجراء الانتخابات – أول ثلاثاء من نوفمبر – فضول العديدين، حيث يُعتبر هذا التقليد من أبرز سمات النظام الانتخابي الأمريكي، فما هي قصته؟.
كيف تحدد موعد الانتخابات في الولايات المتحدة؟
قبل ما يقرب من 180 عامًا، في عام 1845، سنّ الكونغرس الأمريكي قانونًا يحدد أول ثلاثاء من شهر نوفمبر ليكون يوم الانتخابات الرئاسية في عموم البلاد، بعد أن كانت كل ولاية تُجري انتخاباتها في أيام مختلفة ضمن فترة 34 يومًا تنتهي في أول أربعاء من شهر ديسمبر.
هذه الحرية في تحديد مواعيد الانتخابات أثارت مشكلات متعددة، إذ أن معرفة نتائج الانتخابات المبكرة في بعض الولايات أثرت على اختيارات الولايات المتأخرة، ما أدى إلى تفاوت في نسب المشاركة، وتأثيرات على الرأي العام.
ولتوحيد هذا الإجراء وتحقيق العدالة بين جميع الناخبين، حدد الكونغرس موعدًا ثابتًا يُجرى فيه التصويت في كافة أنحاء الولايات المتحدة، حيث أن اختيار اليوم يعد ارتباطاً تاريخياً بما تشكله المعايير المجتمعية والاعتبارات العملية
لماذا أول ثلاثاء من شهر نوفمبر؟
اختيار أول ثلاثاء من شهر نوفمبر للتصويت فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية لم يكن عشوائيًا، بل جاء مراعاةً لعدة عوامل مجتمعية وعملية، أبرزها:
1. الأعمال الزراعية: في تلك الفترة، كان أغلب الأمريكيين يعملون في الزراعة، ويعتمدون على موسم الحصاد، الذي ينتهي عادةً في نوفمبر، ما يجعلهم أكثر تفرغًا للمشاركة في الانتخابات دون التأثير على مواردهم الاقتصادية.
2. التنقل والظروف الدينية: لم تكن وسائل التنقل سهلة كما هو اليوم، فقد احتاج الناخبون ليوم سفر للوصول إلى صناديق الاقتراع، ومن ثم يوم للعودة.
فاختيار الثلاثاء جاء ليمنح الناخبين فرصة للسفر بعد قضاء يوم الأحد في الكنيسة، دون الحاجة للتصويت يوم الإثنين الذي كان يوم أعمال.
3. الاعتبارات التجارية: الأسواق كانت تُغلق أيام الأحد، وكان اختيار الثلاثاء يسمح للناس بترتيب شؤونهم المالية يوم الإثنين قبل الذهاب للتصويت، ما يسهم في تقليل التأثير على حركة التجارة.
استمرار التقليد رغم التطور التكنولوجي
مع مرور الزمن، شهد المجتمع الأمريكي تطورات كبيرة، بدءًا من الانتقال إلى الاقتصاد الصناعي، ومرورًا بالتطور التكنولوجي، ورغم ذلك حافظت الولايات المتحدة على تقليد إجراء الانتخابات في أول ثلاثاء من نوفمبر.
ويعدّ هذا التمسك بالموعد انعكاسًا لاحترام الإرث الديمقراطي للبلاد، ما يجسد التماسك والاستمرارية في النظام السياسي الأمريكي.
هل سيتغير موعد الانتخابات؟
تشهد الساحة الأمريكية بين الحين والآخر دعوات لمراجعة هذا التوقيت ليصبح أكثر ملاءمة لظروف العصر الحديث، ورغم أن هناك مزيدًا من الحلول التكنولوجية للتصويت، مثل التصويت عبر الإنترنت، إلا أن تعديل هذا اليوم يتطلب تعديلًا دستوريًا، وهي عملية تتسم بالتعقيد وتتطلب موافقة واسعة النطاق.
لذا من المرجح أن يظل أول ثلاثاء من نوفمبر جزءًا أصيلًا من الثقافة السياسية الأمريكية، ويظل رمزًا لوحدة البلاد واستمرارية ديمقراطيتها.