كتب – كريم الصاوي
طرح بنكا الأهلي والقاهرة شهادة دولارية جديدة لمدة 3 سنوات بعائد فوري 27% يصرف فورا بالعملة المحلية، أو بعائد سنوي 7% كل ثلاثة أشهر بالدولار.
وتبلغ فئات الشهادات 1000 دولار ومضاعفاتها، يحتسب العائد اعتبارا من يوم العمل التالي ليوم الشراء، كما يمكن استرداد الشهادات بعد مرور 6 أشهر من تاريخ الشراء وفقا للقواعد المعمول بها وجدول الاسترداد المعلن عنه.
كما أعلن البنك الأهلي، أنه بدءا من اليوم سيتيح للمصريين العاملين بالخارج قرضا شخصيا جديدا، بحد أقصى 3 ملايين جنيه، وبسعر فائدة متناقص بنسبة 2.25% عن معدل الإقراض لدى البنك المركزي، على أن يبدأ تنفيذ القرار بداية من اليوم الأربعاء، على أن يسدد المقترض أقساط القرض بالدولار الأمريكي وفقا لسعر الصرف المعلن وقت سداد القسط.
ومنذ الإعلان عن هذه القرارات سادت حالة من الارتباك والتوتر أوساط العاملين بالخارج، وطرحوا تساؤلات بشأن جدوى شراء الشهادات أو الحصول على القروض.
“وصال” استطلعت آراء خبراء الاقتصاد وكانت كالتالي:
الدكتور كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية، قال إن القرار في إطار مساعي البنك المركزي لتوفير موارد دولارية جديدة من العاملين في الخارج بصورة ثابتة ومنتظمة كإجراء استباقي تحسبًا من حدوث المزيد من التراجع في تحويلات العاملين في الخارج والتي تعتبر أحد أهم مصادر النقد الأجنبي للدولة المصرية.
وفيما يتعلق بالقرض الشخصي المعلن عنه، فهناك مشكلة تتعلق بأنه مع أي انخفاض في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي ستزداد قيمة القسط بصورة غير مباشرة على المقترض، فعلى سبيل المثال إذا كان قسط القرض 500 دولار أمريكي على أساس سعر الصرف 31 جنيها، فإن القسط سيوازي 15500 جنيه، لكن إذا حدوث تراجع في قيمة العملة المحلية ليصبح سعر الصرف 35 جنيه مثلا فإن قيمة القسط آنذاك ستكون 17500 جنيه، وهكذا.
يضاف إلى ذلك أنه يجب على المقترض أن يقدم للبنك عقد عمل خارج مصر موثق ومضمون استمراريته لأن شرط الإقراض أن يكون سداد الأقساط بالعملة الأجنبية، وهذا الأمر شبه مستحيل، لأنه من الوارد أن يترك أي مغترب عمله بشكل مفاجئ، وبالتالي سيتعذر عليه السداد من خلال تحويل جزء من راتبه، ويكون البديل الوحيد أمامه هو تدبير قيمة القسط من السوق الموازية والتي سيترتب عليها مضاعفة قيمة القسط وزيادة قيمة القرض لحين السداد التام.
وعلى مستوى مميزات هذا القرار، يؤكد الدكتور كريم عادل، أنه يمثل فرصة للمصريين بالخارج لتوفير سيولة نقدية من العملة المحلية خاصة في ظل معدل الفائدة المنخفض جداً على قيمة القرض، تمكنهم من شراء أصول عقارية ومن ثم حدوث رواج في سوق العقارات المصري وكافة القطاعات الاقتصادية ذات الصلة به أو شراء أوعية إدخارية بكامل أو جزء من قيمة القرض يحقق عائد يمثل تحوط من أي تغييرات في سعر صرف العملة المحلية خلال فترة سداد أقساط القرض.
وعلى مستوى السيولة النقدية يعكس هذا القرار حجم السيولة النقدية المتوفرة من العملة المحلية بالبنوك المصرية، والتي تستطيع من خلالها البنوك الاستجابة لطلبات القروض المقدمة لها من العاملين في الخارج والمستوفاة للشروط والأحكام.
توقيت خاطئ
أما الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي والمصرفي، فأشار إلى أن توقيت الإعلان عن هذه الشهادات غير مناسب، حيث جاء الطرح في توقيت تعجز فيه الحكومة عن توفير الكهرباء بشكل منتظم نتيجة عدم قدرتها على توفير الغاز، وفي ظل عدم إتمام المراجعة الثانية لصندوق النقد بسبب الخلاف الحالي حول تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الطرفي، وفي ظل عدم وجود مسانده خليجية، وفي ظل وجود عجز ضخم في صافي الأصول الأجنبية، وعدم توفير تغطية دولارية لبعض القطاعات الاستيرادية.
وأضاف النحاس أن الثقة في الحكومة منخفضة للغاية نتيجة هذه العوامل وبالتالي سيؤثر ذلك على إقبال المصريين في الخارج تحديدا على هذه الشهادات، ولو تم طرحها في وقت سابق على هذه الأزمات كما كنا نطالب لكانت معدلات الإقبال عليها والعائد من ورائها أفضل بكثير، وشدد أيضا على أن وجود فجوة بين السعر الرسمي والسعر في السوق الموازية سيدفع كثيرين للتفكير أكثر من مرة قبل الاستثمار في هذه الشهادات خصوصا من يفكر في الحصول على العائد المقدم بالعملة المصرية، لأنه في هذه الحالة سيحاسب بالسعر الرسمي للدولار (31 جنيهًا) وهو أقل 30% تقريبا من السوق الموازية وبالتالي ستصبح الفائدة التي سيحصل عليها أقل كثيرا من الـ27% المعلن عنها.
الفائدة الدولارية أفضل
الدكتور هشام إبراهيم، الخبير المصرفي، أكد أن السبب الخفي وراء طرح هذه الأوعية للعملة الأجنبية بعائد مرتفع هو رغبة القائمين على القرار في إعادة تحويلات المصريين في الخارج إلى معدلاتها الطبيعية بعدما شهدت انخفاضا كبيرا في الفترة الماضية، وكذلك تعويض مالكي الدولار عن الفارق بين السعر الرسمي للدولار وسعره في السوق الموازية وهو أيضا شبه اعتراف بالسعر الموازي، لافتا إلى أن الفارق بين الفائدة بالدولار (7%) وبالجنيه (9%) تتقلص، لذلك فقد يكون الأفضل لدى البعض الحصول على الفائدة بالدولار أيضا وفي هذه الحالة يكون قد حقق عائدا مرتفعا وفي الوقت نفسه حقق عائده أيضا بالدولار دون أن يتضرر بالحصول على الفائدة بالجنيه وفقا للسعر الرسمي.
وعن التخوف من احتمالية تعثر الحكومة وعجزها عن رد هذه الأموال للمودعين بعد نهاية الثلاث سنوات، شدد “إبراهيم” على أن هذا السيناريو بعيد تماما، لأن الدولة المصرية دولة كبيرة بقدراتها الداخلية قبل الخارجية، والمعاناة الاقتصادية الحالية هي معاناة مؤقتة ستنتهي بمجرد هدوء الأوضاع على الساحة العالمية وعودة موارد مصر الدولارية لتضخ بمعدلاتها الطبيعية.