كتبت_ سما صبري..
تشتد الدعوات في بريطانيا لوضع مقاربات رحيمة للأمراض المستعصية على العلاج، بحيث يسمح للمرضى بمزيد من التحكم في أيامهم الأخيرة.
في المقابل، يتحدث المعارضون عن قدسية الحياة وتسكين آلام من يواجه مرضا مستعصيا باحترام لما تنص عليه الأديان.
كما يتحدث الإعلام في الآونة الأخيرة عن بريطاني أمضى 19 شهرًا في السجن بتهمة مساعدة زوجته المريضة على الانتحار، مدعيا أنها توسلت إليه لإنهاء معاناتها من سرطان الدم، فما الحجج المؤيدة والمعارضة للقتل الرحيم في بريطانيا؟ وما المخاطر المحتملة لإضفاء الشرعية عليه؟
قانون الموت الرحيم
القتل الرحيم أو الموت بمساعدة طبية هو أمر غير قانوني حالياً في كل من المملكة المتحدة والجزر البريطانية الأوسع، وأي طبيب أو شخص يقدم على هذه الممارسة يواجه المحاكمة بتهمة القتل غير العمد أو حتى العمد، ويشمل ذلك حتى مساعدة شخص مصاب بمرض عضال على الانتحار، وهو ما يسمى بالانتحار بمساعدة، ويُعاقب عليه بالسجن لمدة تصل إلى 14 عاماً.
وعلى رغم عدم وجود قانون محدد في شأن الانتحار بمساعدة طبية في المملكة المتحدة، إلا إن إعانة شخص ما على إنهاء حياته يمكن أن تؤدي إلى محاكمة بتهمة القتل العمد في الظروف التي تحدد فيها المحكمة أن وفاته لم تكن طوعية تماماً.
ومن المتوقع أن يشهد البرلمان البريطاني قريبًا تصويتًا مثيرًا للجدل بشأن مشروع قانون يسمح بـ”الموت الرحيم” بمساعدة طبية، بعدما كشفت تقارير دعم رئيس الوزراء كير ستارمر لتسريع عملية طرح هذا التشريع في مجلس العموم، بحيث يُصوت عليه قبل عيد الميلاد.
ووفقًا لما نقلته صحيفة “ذا ميل أون صنداي”، يعمل ستارمر خلف الكواليس لدفع مشروع القانون قدمًا في فترة زمنية أقصر من المتوقع، ما يجعل هذا التشريع من أكبر التحولات الاجتماعية التي قد يناقشها البرلمان منذ إقرار قانون الإجهاض عام 1967.
تفاصيل مشروع قانون القتل الرحيم
وإذا تم إقرار القانون، فسيتيح للبالغين الذين يعانون من أمراض عضال، ولا يُتوقع أن يعيشوا أكثر من ستة أشهر، اختيار إنهاء حياتهم بمساعدة طبية.
ورغم أن ستارمر لم يحدد موعدًا نهائيًا للتصويت، فإن النجاح في اقتراع “مشروع قانون الأعضاء الخاص” الذي يمكن النواب غير المنتمين للحكومة من تقديم تشريعات، عجّل بإجراءات طرحه.
وقد عرض جيك ريتشاردز، النائب عن حزب العمال الذي حصل على المركز الحادي عشر في الاقتراع، تقديم مشروع القانون، كذلك، شُجِعَ النواب الذين حصلوا على مراكز متقدمة في الاقتراع على تبني هذا المشروع، من بينهم كيم ليدبيتر، النائبة عن سبين فالي، التي تصدرت الاقتراع، وكلايف لويس، النائب عن نورويتش الجنوبية الذي جاء رابعًا.
الوضع القانوني الحالي
في الوقت الراهن، يعد تقديم المساعدة في الانتحار جريمة في بريطانيا. وسيشبه مشروع القانون المقترح تشريع “الموت الرحيم” الذي قدمه سابقًا اللورد فولكنر، وزير العدل السابق في حكومة حزب العمال، في مجلس اللوردات.
حيث يص التشريع على أن الأشخاص الذين يتمتعون بقدرات عقلية كافية فقط يمكنهم اتخاذ هذا القرار، وبشرط موافقة طبيبين والمحكمة العليا.
كان آخر نقاش بشأن موضوع الموت الرحيم في مجلس العموم عام 2015، حيث رفض في تصويت حر بأغلبية 330 صوتًا مقابل 118 إلا أن التوقعات بتمرير القانون هذه المرة باتت أعلى، بفضل دخول عدد كبير من النواب الجدد من حزب العمال، الذين يُرجح دعمهم له، إلى جانب دعم رئيس الوزراء.
مع ذلك، من المتوقع أن يُسمح للنواب بالتصويت وفقًا لآرائهم الشخصية، دون الالتزام بموقف حزبي رسمي.
جدل أخلاقي واسع
وكان قد أثار البرلمان الاسكتلندي تساؤلات عقب نقاشات أخيرة بشأن حرمة الحياة البشرية والمخاوف من إساءة استخدام التشريع، وقد وصف وزير العدل مشروع القانون بأنه “تصريح بقتل كبار السن”، مبديًا قلقه من إمكانية استغلاله.
بدوره عبر وزير الصحة، ويس ستريتينج، عن تحفظاته قائلًا: “يجب ضمان وجود تدابير حماية كافية حتى لا يشعر المرضى بأن الموت الرحيم هو خيارهم الوحيد بسبب خوفهم من أن يصبحوا عبئًا على أسرهم”.
وأضاف ستريتينج أنه يشعر بعدم الارتياح إزاء تشريع الموت الرحيم في ظل الظروف الحالية لنظام الرعاية الصحية، مشيرًا إلى أن “رعاية نهاية الحياة في بريطانيا ليست في مستوى يتيح للمرضى اتخاذ قرار حر دون التأثر بالنقص في الدعم المتاح”.
دعم شعبي متزايد
في المقابل، صرحت منظمة “الكرامة في الموت”، التي تدعو إلى تشريع الموت الرحيم، بأن “الشعب البريطاني يطالب بقانون يتيح الموت الرحيم… وهذا بات حقيقة لا يمكن تجاهلها”، مضيفة أن جيل النواب الجديد يدرك هذا التوجه الشعبي، وأن الوقت قد حان للتغيير