كتب – محمد أبو الدهب..
شهدت خمس دول أوروبية تحذيرات صارمة من مخاطر تناول سمك التونة بسبب احتواءها على مادة كيميائية تُسبب أضرارًا صحية بجسم الإنسان، وفقًا لدراسة حديثة.
مادة كيميائية خطرة
أثارت دراسة حديثة أجراها منظمتان غير حكوميتين في فرنسا، هما: بالوم Bloom، وفودواتش Foodwatch، حالة من الجدل، بعد أن أثبتا وجود كميات كبيرة من مادة الزئبق في معلبات التونة.
وقامت منظمتان بيئيتان فرنسيتان بفحص 148 علبة تونة من خمس دول أوروبية، هي: فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإنجلترا وإسبانيا.
وكشفت نتائج الدراسة، التي أجريت خلال 18 شهرًا، عن مستويات وصفت بـ”المُثيرة للقلق” من التلوث في عينات متعددة من المعلبات.
وتبين أن 100% من عينات المُعلبات المُختبرة كانت مُلوَّثة بمادة الزئبق، وتجاوز 57% منها الحد الأوروبي المسموح به.
ملوثة بالزئبق
اختارت منظمة بلوم المعلبات المحفوظة التي تُباع عادة على أرفف المتاجر في الدول المذكورة، وقامت بفحصها من قبل مُختبر مُستقل.
وكانت مفاجأة نتائج العينات احتواء 100% من العينات المُختارة بشكل عشوائي على مادة الزئبق.
وأشارت المنظمة إلى أن أكثر من علبة تحتوي على زئبق يتجاوز الحد الأقصى المحدد للأنواع الأخرى، أي 0.3 ملليجرام لكل كيلو.
ففي عينة من ماركة Petit Navire تم شراؤها من أحد متاجر “كارفور سيتي” في باريس، بلغ تركيز الزئبق مستوىً قياسيًا قدره 3.9 ملغم/كغم، أي أعلى من الحد الأقصى بثلاثة عشر ضعفًا.
مخاطر الزئبق في التونة
تعتبر منظمة الصحة العالمية مادة الزئبق واحدة من أخطر عشر مواد كيميائية على الصحة العامة، مثل الأسبستوس والزرنيخ؛ حيث يُشكِّل الزئبق مخاطر جسيمة على جسم الإنسان.
و”الزئبق هو سم عصبي قوي يرتبط بالدماغ ومن الصعب جدًا التخلص منه”، وفقًا لوصف المؤلفة الرئيسية للدراسة الباحثة جولي غوترمان.
وقالت جولي غوترمان إن “السماح للناس بالاعتقاد بأن تناول التونة آمن من منظور صحي هو كذبة لا تغتفر ولها عواقب وخيمة على صحة الملايين”.
تحذيرات بيئية
تعمل “بلوم” بالتعاون مع منظمة “فودواتش” على تعبئة المستهلكين للضغط على الجهات المعنية في الاتحاد الأوروبي وسلاسل المتاجر الكبرى لحظر المنتجات التي تتجاوز الحدود الصحية.
وأطلقت المنظمتان عريضة دولية تطالب عشرة من أكبر تجار التجزئة الأوروبيين باتخاذ موقف مسئول لحماية صحة المستهلكين.
فرض قيود على البيع
وحثت “بلوم” على ضرورة منع بيع جميع المنتجات التي تحتوي على نسبة زئبق تتجاوز 0.3 ملغم/كغم، لما يشكله ذلك من خطر صحي على المستهلكين.
كما أطلقتا أيضًا نداءً إلى المفوضية الأوروبية للمطالبة بمواءمة التونة المعلبة مع الحد الأقصى من المحتوى المحدد للأنواع الأخرى، أي 0.3 ملليجرام لكل كيلو، مثل سمك القد أو الأنشوجة.
تخاذل أوروبي
حللت بلوم نحو مائة وثيقة رسمية من الهيئات الدولية المسئولة عن اللوائح الصحية المتعلقة بالزئبق.
وكشف التحليل أنه لا يتم استخدام أي طريقة تأخذ في الاعتبار العواقب الصحية للبالغين والأطفال لتحديد الحد الأقصى لمستويات الزئبق في سمك التونة.
وقالت المنظمة: “بدلاً من ذلك، اختارت السلطات العامة الأوروبية نهجًا يتعارض تمامًا مع واجبها في حماية الصحة العامة، وحددت مستويات للزئبق يضمن بيع 95% من أسماك التونة”.
الحدود المسموح بها
حُدد الحد الأقصى لكمية الزئبق الموجودة في سمك التونة المعمول بها حاليًا في أوروبا على أساس مُعدل تلوث سمك التونة الموجود، وليس على أساس الخطر الذي يُمثّله الزئبق على صحة الإنسان.
ويهدف هذا المقياس إلى ضمان بيع 95 في المائة من هذه الأسماك، وحُددت الحدود القصوى عند 1 ملغ لكل كيلو محسوبة على وزن التونة الطازجة، وليس على المنتج النهائي في العلبة.
وتذكر الدراسة أن الزئبق، الذي زادت انبعاثاته العالمية بشكل كبير في القرنين الماضيين، موجود بكميات كبيرة في المحيطات.
ولفتت إلى أنه يتراكم في الأسماك في صورته الأكثر سمية وهي مادة ميثيل الزئبق، وينتهي به الأمر على رفوف المحال والسلاسل التجارية، ثم على أطباق ملايين الأسر.
وجود الزئبق في علب التونة يلبي المتطلبات القانونية
رابطة معلبات الأسماك والتونة في إيطاليا علّقت على الدراسة بقولها: “تتوافق أسماك التونة المعلبة في السوق الإيطالية مع تشريعات الاتحاد الأوروبي بشأن سلامة الأغذية”.
وأضافت في بيان لها:” نظرًا لاحتمال وجود الزئبق في معلبات التونة؛ فإنها تُلبي المتطلبات القانونية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي نفسه”.
أكّدت الرابطة الوطنية لمعلبات الأسماك والتونة الإيطالية (ANCIT) التزامها الصارم بالمعايير الأوروبية، مشيرةً إلى أن التونة المعلبة المتاحة في السوق الإيطالية آمنة ومتوافقة مع التشريعات.