كتب- محمد أبو الدهب..
شهدت مدينتا ميلانو وتورينو في إيطاليا، مسيرات احتجاجية حاشدة لإحياء ذكرى الشاب المصري رامي الجمل، الذي توفي في حادث مطاردة مع الشرطة في 24 نوفمبر الماضي.
المظاهرات، التي بدأت سلمية في البداية، سُرعان ما تصاعدت لتتحول إلى مواجهات عنيفة واشتباكات مع قوات الشرطة؛ خصوصًا بعد نشر مقطع فيديو كشف تعمُّد الشرطة صدم الدراجة النارية.
مظاهرات ضد الشرطة الإيطالية في ذكرى وفاة رامي الجمل
في مدينة ميلانو التي شهدت شوارعها المطاردة الأمنية، تجمّع مئات الأشخاص في ساحة XXIV Maggio، حيث ردد المحتشدون هتافات تندد بالشرطة، واصفين إياهم بـ”القتلة”.
وخرجت مسيرات مماثلة في مدينة تورينو، لكنها أخذت منحى أكثر تصعيدًا، حيث تم استهداف مركز للشرطة وثكنة للكارابينيري بالقنابل الورقية، مع إطلاق هتافات تهديدية مثل: “عليك أن تدفع الثمن”.
اشتباكات عنيفة
ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بالقصاص لمقتل رامي الجمل، كما حمل البعض الأعلام الفلسطينية، واحتشدت قوات الشرطة، ووضعوا حواجز أمام المتظاهرين، وأطلقت قنابل الغاز عليهم.
وأثار الحادث موجة غضب في أوساط الجالية المصرية والمجتمع الإيطالي، حيث يرى البعض أن أسلوب المطاردة كان مفرطًا وغير مبرر؛ خصوصًا مع ظهور الأدلة الجديدة.
الحقيقة بين تقارير الشرطة والتسجيلات
برَّأت الشرطة نفسها من دماء رامي الجمل؛ إذ خلصت في تقريرها إلى أنه لم يكن هناك اصطدام مباشر بين الدراجة النارية التي كان يقلها رامي مع صديقه التونسي وسيارة الشرطة.
ولفت التقرير إن الكاميرات أظهرت مسافة فاصلة بين المركبتين أثناء الحادث، موضّحًا أن الدراجة النارية فقدت توازنها وانزلقت قبل الاصطدام بالرصيف، ما أدّى إلى وفاة رامي.
رُغم ذلك؛ فإن تسجيلات الراديو بين أفراد الشرطة أثناء الحادث أثبتت تعمُّد صدم الدراجة النارية وإسقاط من عليها بأي طريقة، وتضمّنت التسجيلات عبارات مثل: “هل سقط؟ جيد”، “أوقفوه بأي ثمن”.
فيديو يغير مسار قضية رامي الجمل
بث التليفزيون الإيطالي مقطع فيديو جديد، قد يحدث تغيُّرًا جذريًّا في مسار قضية الشاب المصري رامي الجمل، قتيل المطاردة الأمنية، ويضع ضباط الشرطة في وضع اتهام بالقتل العمد.
ويختلف الفيديو الجديد عن المقاطع السابقة في كونه يعرض تفاصيل جديدة للمطاردة الأمنية؛ خصوصًا المشاهد الأخيرة التي تتمثّل في لحظة الاصطدام، وما تبعها من أحداث، فضلًا عن المحادثات الصوتية لضباط الدورية.
فيديو جديد يغير مسار قضية المصري رامي الجمل.. هل تعمّدت الشرطة الإيطالية قتله؟
ردود الفعل السياسية
قال رئيس بلدية ميلانو، بيبي سالا: “الصور الملتقطة ترسل إشارة سيئة للغاية، لكن علينا أن ننتظر نتائج التحقيق قبل إصدار الأحكام”.
وأضاف فرانكو غابرييلي، مستشار الأمن لرئيس البلدية: “لم تكن هذه الطريقة المثلى لإجراء المطاردة؛ فالمركبة كانت تحمل لوحة ترخيص تُمكّن الشرطة من تعقبها لاحقًا”.
ورأى ماتيو سالفيني، نائب رئيس الوزراء ووزير البنية التحتية، والمعروف بانحيازه للشرطة أن “وفاة أي شاب هي مأساة، لكن لا يجب أن نلقي اللوم على الكارابينيري الذين كانوا يقومون بعملهم”.
المحققون يعيدون بناء الأحداث
اعتمد المحققون على تحليل تسجيلات الكاميرات، حيث قُسّم الفيديو إلى عشرات الإطارات لتوضيح:
- المركبتان كانتا تسيران بسرعة كبيرة على طريق مضاء بالمصابيح الأمامية.
- الدراجة النارية فقدت توازنها قبل الاصطدام بالرصيف.
- سيارة الشرطة كانت خلف الدراجة بمسافة قصيرة لكنها لم تصطدم بها بشكل مباشر.
- التقرير الفني يشير إلى أن الدراجة النارية انزلقت بسبب فقدان التوازن أثناء محاولة الانعطاف، ما أدّى إلى خروجها عن الطريق واصطدامها بالرصيف.
خلفيات قضية رامي الجمل
في الساعات الأولى من صباح 24 نوفمبر 2024، لقي الشاب رامي الجمل، البالغ من العمر 19 عامًا، حتفه بعد مطاردة مع الشرطة استمرت 8 كيلومترات في شوارع ميلانو.
الحادث الذي وقع عند تقاطع طريق ريبامونتي وعبر كوارانتا، أثار اشتباكات عنيفة بين قوات الشرطة والشباب المصري الغاضب بحي كورفيتو في ضواحي ميلانو.
ماذا حدث؟
وفقًا للتقارير، كان رامي وصديقه فارس بوزيدي، 22 عامًا، يستقلان دراجة نارية من طراز T-Max عندما بدأت مطاردة مع سيارة تابعة لوحدة الراديو المتنقلة “فولبي 40”.
وأظهرت الفيديوهات المُسجّلة، والتي أصبحت جزءً من تحقيقات النيابة، أن سيارة الشرطة اصطدمت بالدراجة النارية 3 مرات على الأقل، ما أدى إلى فقدان السيطرة عليها واصطدامها برصيف وعمود إشارة مرور.