كتب- محمد أبو الدهب..
تشهد إيطاليا أزمة سُكَّانية غير مسبوقة بسبب انخفاض معدل المواليد المُتزايد في السنوات الأخيرة، وتسجيل أدنى مستوى تاريخي خلال عام 2023، ما يُمثّل تهديدًا اجتماعيًّا لمستقبل البلاد.
انخفاض معدل المواليد في إيطاليا
أعطى تقرير المعهد الوطني للإحصاء Istat السنوي صورة كاملة حول معدل المواليد في إيطاليا، وأيضًا عن خصوبة السُّكَّان المقيمين، وأفصح التقرير عن حقيقة أصبحت مصدر للقلق بشكل مُتزايد.
كشف التقرير عن انخفاض معدل المواليد في إيطاليا بنسبة 3.4٪ في عام 2023، الذي شهد إنجاب 379.890 طفلًا فقط، مقارنة بالعام السابق.
ويستمر الاتجاه السلبي في عام 2024؛ حيث تُظهر البيانات المؤقتة من يناير إلى يوليو انخفاضًا بمقدار 4600 عملية ولادة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وتُمثّل هذه البيانات أدنى مستوى تاريخي جديد، ما يؤكّد الاتجاه السلبي الذي استمر لسنوات.
أسباب انخفاض معدل المواليد في إيطاليا
تشهد إيطاليا ظاهرة ديموغرافية مُقلقة منذ أكثر من 10 سنوات؛ فتشير البيانات إلى انخفاض عدد المواليد بين عامي 2008 و2023 بُمعدّل 200 ألف مولود، أي بنسبة 34,1%.
وبلغ عدد المواليد في إيطاليا خلال عام 2008 نحو 576 ألف مولود، مقابل ما يقرب من 380 ألفًا في 2023، ما يضع علامات استفهام حول أسباب تلك الظاهرة.
ولاحظ التقرير انخفاضًا كل عام بحوالي 13 ألف ولادة، بمُعدّل تغير سنوي قدره 2.7 لكل ألف.
سن الإنجاب والعزف عن الولادة
يُلفت التقرير إلى أن من ضمن أسباب انخفاض معدل المواليد في إيطاليا، انخفاض عدد الإناث في سن الإنجاب، وانتشار ثقافة عزوف الإناث عن الولادة، وتأجيل الأمومة أو التخلِّي عنها.
ففي عام 2023؛ انخفض متوسط عدد الأطفال لكل امرأة إلى 1.20، بعد أن كان 1.24 في عام 2022، فيما بلغ متوسط عُمر الأمهات عند ولادة طفلهن الأول 31.7 سنة في عام 2023، مقارنة بـ 28 سنة في عام 1995.
انخفاض الخصوبة وزيادة عدد كبار السن
أحد الجوانب الحاسمة في مسح Istat لتفسير ظاهرة انخفاض معدل المواليد في إيطاليا تمثّل في انخفاض الخصوبة، وارتفاع أعداد كبار السن بالمجتمع الإيطالي.
وبمتوسط 1.20 طفل لكل امرأة في 2023؛ تقترب إيطاليا من أدنى مستوياتها التاريخية؛ فباتت وشيكة من تسجيل الرقم القياسي السلبي في عام 1995، الذي بلغ 1.19 طفل لكل امرأة.
ولا يعكس هذا الرقم تغيرًا ثقافيًّا في الخيارات الإنجابية فحسب، بل وأيضًا انخفاضًا تدريجيًّا في عدد الإناث، بحسب المسح الديموغرافي.
فشهدت شريحة السُّكّان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و49 سنة، أي في سن الإنجاب، انخفاضًا كبيرًا، ما أثر بشكل أكبر على الانخفاض العام في المواليد.
الولادة خارج إطار الزواج
تعتبر الولادة خارج إطار الزواج من بين عوامل انخفاض معدل المواليد في إيطاليا التي تطرق إليها التقرير؛ فـ 42.4% من الأطفال المولودين في إيطاليا في عام 2023، ولدوا بدون زواج للأبوين، بزيادة قدرها 0.8 نقطة مئوية مقارنة بعام 2022.
ورُغم الارتفاع الطفيف في نسبة الأطفال المولودين خارج إطار الزواج في إيطاليا؛ فإن مُعدل حدوث تلك الظاهرة يتزايد باستمرار مقارنة بمُعدلات الإنجاب الطبيعية، ما يُشير إلى تراجع الزواج الرسمي.
الإنجاب بين الأجانب الوافدين
رصد التقرير معدل المواليد في إيطاليا بالنسبة للأجانب الوافدين المُقيمين بالمدن الإيطالية؛ فوفقًا للتقرير تُمثّل مُعدلات الإنجاب لأبوين أجنبيين حصة كبيرة من المجموع الكلي لإجمالي عدد المواليد.
وبلغت نسبة الإنجاب لوالد واحد على الأقل من أصل أجنبي 21.3% من إجمالي معدلات الإنجاب في عام 2023، مع انخفاض طفيف مقارنة بعام 2022.
ومن بين المجتمعات الأجنبية الأكثر تمثيلاً هي المجتمعات الرومانية والمغربية والألبانية، التي لا تزال تلعب دورًا مهمًا في معدل المواليد بالقرى.
أزمة تهدد إيطاليا
وسلّط تقرير Istat الضوء على خطورة استمرار ظاهرة انخفاض معدل المواليد في إيطاليا.
ويُشكّل انخفاض المواليد، بجانب شيخوخة السُّكّان، واستمرار انخفاض الخصوبة، مشاكل خطيرة تتعلق باستدامة النظام الاجتماعي ونظام التقاعد الإيطالي.
ومع التناقص المستمر في عدد الشباب وتزايد عدد المسنين؛ تواجه إيطاليا أخطر تحدِّيَّات ديموغرافية في تاريخها الحديث، ما يتطلب تدخُّلات هيكلية وسياسات حاسمة لعكس هذا الاتجاه المُثير للقلق.
وخلص التقرير إلى أنه ” في سياق التحوّل الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، سيكون من الضروري وضع تدابير لدعم الأسرة ومعدل المواليد، وتشجيع مشاركة المرأة في العمل، وتعزيز السياسات التي تدعم المزيد من الاستقرار الاقتصادي للأزواج الشباب.
اقرأ أيضًا:
بطاقة المولود الجديد.. 1000 يورو لكل طفل حديث في إيطاليا.. الشروط وطريقة الطلب