كتب – محمد أبو الدهب..
اشتعلت قضية مراكز احتجاز المهاجرين، بعد قرار قضائي يُلزم بإعادة المهاجرين المصريين والبنجال الذين تم ترحيلهم إلى مراكز الاحتجاز في ألبانيا إلى إيطاليا، فيما وصف بأنه ضربة لـ«حكومة ميلوني».
القضاء يرفض قرارات حكومة ميلوني
لم يُصدِّق قسم الحقوق الشخصية والهجرة في محكمة روما على احتجاز المهاجرين في مركز الاحتجاز الإيطالي بألبانيا، الذين تم ترحيلهم يوم 17 أكتوبر الجاري.
ورحّلت السُّلطات الإيطالية 16 مُهاجرًا بينهم 10 مصريين و6 من بنجلاديش في أول عملية ترحيل إلى مركز الاحتجاز في جادير بألبانيا، على متن السفينة ليبرا التابعة للبحرية الإيطالية، بحجة أن البلدين ضمن قوائم البلدان الآمنة.
وأعادت السُّلطات الإيطالية أربعة مهاجرين ضمن الـ16 المُرحَّلين مرة أخرى إلى إيطاليا، بينهم قاصران واثنان معرضان للخطر، بينما رفضت طلبات لجوء الآخرين، ولكن لا تزال لديهم إمكانية الاستئناف في غضون أربعة عشر يومًا.
القضاء الإيطالي: مصر وبنجلاديش بلدان غير آمنة
استند القضاء الإيطالي في قراره إلى اعتبار دولتي مصر وبنجلاديش من البلدان غير الآمنة بسبب مزاعم بشأن أوضاع حقوق الإنسان بهما، لذا أمرت بعودة المهاجرين مرة أخرى إلى إيطاليا.
وقال محامو الدفاع عن المهاجرين، سيلفيا كالديروني، باولو لافراتي وأرتورو ساليرني، إن “من واجب سلطاتنا الآن إعادة الأشخاص المحتجزين إلى البلاد”، وبالتالي “السماح لهم بالتمتع بحق اللجوء على الأراضي الإيطالية”.
حكومة ميلوني ترفض القرار
قوبل قرار القضاء الإيطالي برفض واعتراض من «حكومة ميلوني»، التي تُصمم على المُضي في خطتها بنقل المهاجرين إلى مراكز الاحتجاز في ألبانيا.
ووصفت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني القرار بأنه “مُضر”، وقالت: “من الصعب للغاية العمل ومحاولة تقديم إجابات لهذه الأزمة عندما تكون لديك أيضًا معارضة من بعض المؤسسات التي يجب أن تساعد في تقديم الإجابات”.
وأضافت: “سأعقد اجتماعًا لمجلس الوزراء يوم الإثنين المُقبل لحل هذه المشكلة، والموافقة على القواعد اللازمة للتغلب على هذه العقبة، لأنني أعتقد أنه ليس من اختصاص القضاء أن يحدد أي من البلدان آمنة”.
وزير داخلية إيطاليا: سنستأنف القرار
وأعلن وزير داخلية حكومة ميلوني، ماتيو بيانتيدوسي عن استئناف قرار المحكمة، قائلًا: “أنا أحترم القضاة، ولكن سنقاتل ضمن الآليات القضائية التي يقرها القانون الدولي والأوروبي والوطني، وسنستأنف أمام المحكمة العليا”.
وأضاف:”ليس خطأ القضاة، إنه خطأ تطور قانوننا الذي أدى إلى إثبات أن الحكومة والدولة والمُشرّع ليس لهم الحق في التشريع لتفعيل إجراء أسرع”.
وتابع:” لن نمضي قدمًا في الطعون القضائية فحسب، بل سنستمر في هذه المبادرات لأنه اعتبارًا من عام 2026، ستصبح تلك المراكز التي تنفذها إيطاليا في ألبانيا وخارجها قانونًا أوروبيًا”.
ردود أفعال واسعة
أثار قرار محكمة روما حالة من الجدل داخل المجتمع الإيطالي، انتقلت إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وجاءت ردود الفعل ما بين مؤيّد ومعارض لقرار المحكمة.
على المستوى الحقوقي؛ وصفت منظمات إيطالية «اتفاق ألبانيا» بأنه “دعاية مُكلّفة من حكومة ميلوني، وينتهك حقوق الإنسان بالمعاملة غير المتساوية بين المهاجرين الذين يصلون إلى إيطاليا”.
منظمة إيطالية تستنكر احتجاز المهاجرين في ألبانيا
وقالت منظمة «إيميرجنسي» إن “المهاجرين لمجرد محاولتهم العبور من ليبيا إلى إيطاليا بدافع اليأس، سيجدون أنفسهم مُحتجزين في المركز الإيطالي في جادير بألبانيا، وليس في مركز استقبال أول في بلدنا”.
وأضافت أنه “سيتعين على المهاجرين تقديم طلبات اللجوء من هناك، وفي حالة الرفض؛ فإن الاستئناف ممكن من خلال محامين لن يتمكنوا من رؤيتهم إلا عبر الفيديو”.
ولفتت المنظمة إلى أن الاتفاقية قررت نقل واحتجاز المهاجرين بعد إنقاذهم في المياه الدولية بواسطة سفن السلطات الإيطالية إلى بلد ليس جزءًا من الاتحاد الأوروبي وغير مُلزم باحترام مبادئه أو لوائحه الإنسانية”.
القضاة يطبقون القانون
وتعليقًا على قرار المحكمة؛ قال رئيس الرابطة الوطنية للقضاة جوزيبي سانتالوسيا: “إنهم قضاة يُطبقون القواعد التي يقرها نظامنا والنظام الأوروبي الذي نحن جزء لا يتجزأ منه”.
وأضاف أن القاضي الإيطالي وضع في اعتباره أن “النظام فوق الوطني يعتبر مصر وبنغلاديش من بين الدول غير الآمنة”، وهو أيضًا ما يوافق حكم محكمة العدل الأوروبية.
أحزاب المعارضة ترحب بالقرار
ورحبت أحزاب المعارضة بالقرار؛ فدعا سكرتير الحزب الديمقراطي إيلي شلين حكومة ميلوني بالتوقُّف عن سياستها، وإعادة المهاجرين الذين رحّلتهم إلى ألبانيا، متهمًا الاتفاق بأنه “يُخالف القانون الدولي”.
وطالب برلمانيون من حركة 5 نجوم بقيام حكومة ميلوني بدفع تعويضات للدولة من أموالهم الخاصة عن الأموال العامة التي أهدرت في الأيام الأخيرة بسبب الترحيل غير المجدي لـ 16 شخصًا إلى ألبانيا.
مطالبات باعتذار حكومة ميلوني
كما طالبوا حكومة ميلوني بالاعتذار علنًا للمهاجرين؛ فوصف المتحدث الوطني باسم منظمة أوروبا الخضراء أنجيلو بونيلي قرار المحكمة بأنه “دليل آخر على انعدام الضمير من هذه الحكومة”.
وأوضح بونيلي أن “حكومة ميلوني أنفقت ما يقرب من مليار يورو على مجرد عملية دعائية تتناقض مع القوانين الإيطالية والأوروبية”.
وأضاف متسائلًا:”فمن سيدفع ثمن هذا الفشل الذي تم فيه ترحيل 16 مهاجرًا على متن سفينة حربية إيطالية مكوّنة من 80 فردًا بتكلفة 18 ألف يورو؟، هذا إهدار مُخجل للمال العام”.