كتبت – فاتن علي..
بينما يسابق رجال الإطفاء الزمن للسيطرة على الحرائق المشتعلة التي أجبرت الآلاف على الفرار من منازلهم، فإن التكلفة المالية المتزايدة لأكبر حريق مدمر في تاريخ لوس أنجلوس قد تُشكل ضربة قاصمة لسوق تأمين الممتلكات وسكان كاليفورنيا الذين يعتمدون عليه، وقد تؤدي تأثيرات هذه الحرائق الكارثية إلى ارتفاع أقساط التأمين المرتفعة أصلاً، وإلى موجة جديدة من شركات التأمين الخاصة التي تسحب سياساتها أو ترفض إصدار سياسات جديدة – وليس فقط في منطقة لوس أنجلوس.
وقال مارك نيومان-كوزيل، رئيس ومالك وكالة “مارك نيومان-كوزيل” في لوس أنجلوس؛ “سيصبح الحصول على التأمين أكثر صعوبة وسيصبح أكثر تكلفة بشكل كبير مما هو عليه بالفعل، الناس بحاجة إلى الاستعداد لذلك”.
وأضاف أن ستة على الأقل من عملائه فقدوا منازلهم حتى الآن، فيما اتصل الكثيرون للاستفسار عن تغطية التأمين الخاصة بهم، قائلاً: “كما أقول لعملائي أثناء مراجعات السياسات السنوية، أنتم محظوظون لأنكم لم تُلغَ سياساتكم”.
مع تقديرات الخسائر الاقتصادية التي تجاوزت 135 مليار دولار، حذر المدافعون عن حقوق المستهلكين من أن خطة التأمين FAIR، التي تُعد الملاذ الأخير للعديد من أصحاب المنازل في الولاية، قد تنفد أموالها، مما يضطرها إلى الاعتماد على شركات التأمين الخاصة العاملة في الولاية لتعويض خسائرها، مما يجعل من الصعب على أصحاب المنازل العثور على تغطية تأمينية بأسعار معقولة.
وقالت آمي باخ، المديرة التنفيذية لمنظمة “سياسة موحدة”، وهي مجموعة معنية بحقوق المستهلك: “نحن قلقون للغاية بشأن كيفية تأثير هذا الوضع على توافر التأمين وإمكانية تحمله في المستقبل”.
كيف تؤثر الحرائق على سوق التأمين في كاليفورنيا؟
تراجعت شركات التأمين عن السوق في كاليفورنيا بعد حرائق الغابات العنيفة في عامي 2017 و2018، حيث ألحقت أضرارًا كبيرة بالأرباح، مما ترك أصحاب المنازل يكافحون للعثور على تغطية بأسعار معقولة.
ووفقًا لتحليل لبيانات التأمين أجرته صحيفة “سان فرانسيسكو كرونيكل”، فإنه فقد أكثر من 100,000 من سكان كاليفورنيا تغطيتهم التأمينية بين عامي 2019 و2024، وفي الصيف الماضي، ألغت شركة “ستيت فارم” أكثر من 1,600 بوليصة تأمين لأصحاب المنازل في منطقة باسيفيك باليسيدز، وهي واحدة من المناطق المتضررة بالحرائق.
وقال تيم زواكي، المحلل الرئيسي لأبحاث التأمين في “إس آند بي جلوبال ماركت إنتليجنس”؛ “ما زالت الصناعة في مرحلة التعافي من حرائق الغابات التي وقعت في 2017 و2018، وها نحن في بداية عام 2025، الجرح عميق للغاية، وأعتقد أن الصناعة ستستمر في التعامل مع هذا السوق بحذر شديد”.
قواعد شركات التأمين
كانت الأمور تتحسن بالنسبة لسوق التأمين في كاليفورنيا مع اقتراب عام 2025، فقد أعلنت إدارة التأمين في كاليفورنيا الشهر الماضي عن لوائح جديدة تهدف إلى إقناع شركات التأمين بقبول عملاء جدد في المناطق عالية المخاطر، مما يسمح لها بتمرير تكاليف إعادة التأمين إلى العملاء واستخدام نماذج كارثية للحرائق لزيادة الأسعار.
وقالت جانيت رويز، المتحدثة باسم معهد معلومات التأمين ومقرها كاليفورنيا، إن القواعد الجديدة يجب أن تؤدي إلى “سوق تأمين أكثر تنافسية”، كما أعلنت شركة “فارمرز إنشورانس” الشهر الماضي عن خطط لتوسيع التغطية داخل الولاية.
ومع ذلك، يرى البعض أن هذه اللوائح الجديدة قد لا تكون كافية لإقناع شركات التأمين بالبقاء في كاليفورنيا، خاصة بعد حرائق هذا الأسبوع المميتة التي دمرت أكثر من 9,000 منشأة حتى مساء الخميس.
وقالت آمي باخ إن المبالغ الكبيرة للمدفوعات المتعلقة بالمطالبات، بالإضافة إلى الصور المرئية للدمار، ستطارد المسؤولين التنفيذيين وقد تخفف الحماس المتجدد لتأمين المنازل في كاليفورنيا الذي كنا نعتمد على الإصلاحات لتحقيقه.
وقدرت شركة “أكيوويذر” أن إجمالي الأضرار والخسائر الاقتصادية يتراوح بين 135 مليار و150 مليار دولار، وقال جوناثان بورتر، كبير خبراء الأرصاد الجوية بالشركة، “لقد تسببت الحرائق التي تحركها الرياح في واحدة من أكثر كوارث حرائق الغابات تكلفة في التاريخ الحديث للولايات المتحدة”.
ووفقًا لتقرير صادر عن “جيه بي مورجان”، من المتوقع أن تتركز “الغالبية العظمى” من الخسائر في تأمين المنازل، مع تعرض كل من شركات التأمين الرئيسية وشركات إعادة التأمين “لخسائر كبيرة”.
وقال ديفيد راسل، أستاذ التأمين والمالية في جامعة ولاية كاليفورنيا: “نحن نواجه أزمة حقيقية، حيث أن مكتب المفوض سيضطر إلى الموافقة على هذه الزيادات في الأسعار، وإلا فإن مشكلة توافر التأمين ستصبح أكثر حدة”.
من ناحية أخرى، قالت ديني ريتر، نائبة رئيس قسم العلاقات الحكومية للدولة في الجمعية الأمريكية للتأمين على الممتلكات والمسؤولية، إنه من المبكر جدًا التكهن بتأثير الحرائق على السوق.
وقالت ريتر: “الإصلاحات الأخيرة لتحقيق استقرار سوق التأمين في كاليفورنيا مهمة، لكنها لم تُنفذ بالكامل بعد”.
ماذا يعني ذلك لخطة FAIR؟
زاد عدد أصحاب المنازل الذين لجأوا إلى خطة FAIR، الملاذ الأخير للتأمين في كاليفورنيا، في السنوات الأخيرة، ورغم أن الخطة تقدم أقساطًا أعلى وتغطية محدودة، إلا أن قاعدة مستخدميها ارتفعت بشكل كبير مع كفاح أصحاب المنازل للحصول على تأمين من السوق الخاصة.
ومع استمرار الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحرائق في الارتفاع، يزداد القلق من أن خطة FAIR قد تضطر إلى الاعتماد على شركات التأمين الرئيسية العاملة في الولاية للتمويل، مما قد يدفع المزيد من الشركات إلى مغادرة السوق.
وقال ديفيد راسل: عندما تضطر إلى إنقاذ شركة تأمين أخرى كشركة تأمين خاصة، تبدأ في التفكير فيما إذا كان البقاء في هذه المنطقة مجديًا أم لا.
وأضافت رئيسة خطة FAIR في كاليفورنيا، فيكتوريا روش، خلال جلسة استماع في الولاية في مارس: “نحن على بعد حدث واحد فقط من تقييم كبير، ولا يمكننا قول غير ذلك، لأننا لا نملك الكثير من الأموال المتوفرة، ولدينا الكثير من التعرض للخطر”.
ورغم أنه من السابق لأوانه تقديم تقديرات للخسائر الناجمة عن الحرائق الأخيرة، قالت المتحدثة باسم خطة FAIR، هيلاري مكلاين، إن الخطة “تمتلك آليات دفع، بما في ذلك إعادة التأمين، لضمان دفع جميع المطالبات المغطاة”.
وقالت مايك ديلونج، الباحث في اتحاد المستهلكين الأمريكي: “قد تحتاج الخطة إلى مزيد من الأموال أو الدعم الإضافي، لكن بدونها، سيكون وضع أصحاب المنازل في كاليفورنيا أسوأ بكثير”.