كتبت_ سما صبري وسوزان عبدالغني..

في قرار تاريخي، أقرت المحكمة العليا الأمريكية دستورية حظر تطبيق “تيك توك”، ليصبح التطبيق محظورًا رسميًا في الولايات المتحدة اعتبارًا من يناير 2025، هذا القرار يأتي بعد سنوات من الجدل حول أمان البيانات وارتباط التطبيق بشركته الأم الصينية “بايت دانس”، حيث اعتبرت الحكومة الأمريكية أن هذا الارتباط يشكل تهديدًا للأمن القومي.

وعلى الرغم من أن الحظر يقتصر على الولايات المتحدة، إلا أن تأثيره قد يمتد إلى دول أخرى، مما يثير تساؤلات حول مستقبل التطبيق عالميًا.

في هذا التقرير، نستعرض تفاصيل الحظر، تأثيره على بريطانيا ودول أخرى، والسيناريوهات المحتملة لمستقبل “تيك توك”.

القضية الأمريكية.. بداية الجدل الدولي

بدأت المخاوف الأمنية الأمريكية تجاه “تيك توك” في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث تم اتهام التطبيق بجمع بيانات المستخدمين لصالح الحكومة الصينية هذه المخاوف استمرت في عهد الرئيس جو بايدن، مما دفع الكونجرس إلى إصدار قانون يمنح “بايت دانس” حتى يناير 2025 لبيع التطبيق أو مواجهة الحظر وفي أواخر 2024، رفضت محكمة الاستئناف دفاع الشركة حول انتهاك حرية التعبير، مؤكدة أن التطبيق يشكل “تهديدًا للأمن القومي”. وفي قرار تاريخي، أقرت المحكمة العليا الأمريكية دستورية الحظر، ليصبح “تيك توك” محظورًا رسميًا في الولايات المتحدة اعتبارًا من يناير 2025.

أثر الحظر الأمريكي على بريطانيا

حتى الآن، لم تتخذ الحكومة البريطانية قرارًا نهائيًا بحظر “تيك توك”، لكنها فرضت حظرًا جزئيًا على الأجهزة الحكومية منذ عام 2023. ورغم الضغوط الأمريكية، لم تُظهر الحكومة البريطانية مؤشرات قوية على أنها ستتبع الحظر على الهواتف الشخصية ومع ذلك، فإن استمرار الضغوط الأمنية من دول أخرى قد يؤثر في المدى الطويل على موقف بريطانيا.

هولندا.. موقف محايد وقلق مستمر

في هولندا، يحظى “تيك توك” بشعبية كبيرة، خاصة بين الشباب. ومع ذلك، تتابع الحكومة الهولندية عن كثب التطورات القانونية التي قد تؤثر على التطبيق في الاتحاد الأوروبي.

رغم ذلك، لم يتم فرض أي حظر رسمي على “تيك توك” في هولندا حتى الآن، ولكن تم اتخاذ تدابير لضمان أمان البيانات، حيث تواصل الحكومة مراقبة تطبيقات التواصل الاجتماعي للتأكد من الامتثال للمعايير الأوروبية للأمن الرقمي.

كندا.. إجراءات أمنيّة مشددة

كندا كانت من أوائل الدول التي اتخذت إجراءات أمنية ضد “تيك توك”،حيث فرضت الحكومة الكندية في فبراير 2023، حظرًا على “تيك توك” في الأجهزة الحكومية بسبب المخاوف المتعلقة بالأمن السيبراني وحماية البيانات. وعلى الرغم من أن هذا الحظر لا يشمل الأجهزة الشخصية للمواطنين، فإنه يعكس القلق المتزايد في كندا من المخاطر المحتملة للتطبيق.

دول أخرى.. من الحظر الجزئي إلى الكامل

الهند:
حظرت الهند “تيك توك” في 2020 على خلفية توترات سياسية مع الصين.

أستراليا:
فرضت أستراليا حظرًا جزئيًا على “تيك توك” من الأجهزة الحكومية في أبريل 2023.

فرنسا:
حظرت فرنسا تثبيت “تيك توك” على الهواتف الحكومية في مارس 2023.

ألبانيا:
أقدمت ألبانيا على حظر “تيك توك” في 2024 بعد حادثة اجتماعية مروعة.

روسيا:
فرضت روسيا قيودًا على العديد من منصات الإنترنت الغربية، بما في ذلك “تيك توك”.

مستقبل “تيك توك” في الدول المتحالفة مع أمريكا

من المتوقع أن تتبع بعض الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة، مثل بعض الدول الأوروبية والآسيوية، مواقف مماثلة تجاه “تيك توك”. فمن المتوقع أن تزداد الضغوط على هذه الدول للحفاظ على معايير أمنية مشابهة لتلك التي تتبعها الولايات المتحدة في حال استمرار التوترات بين الصين والدول الغربية.

الشعبية العالمية والتحديات المستقبلية

لا يزال “تيك توك” يتمتع بشعبية كبيرة على مستوى العالم، على الرغم من الحظر الذي يهدد التطبيق في بعض الأسواق الكبرى. ووفقًا لآخر الإحصائيات، يواصل التطبيق جذب ملايين المستخدمين النشطين في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك العديد من الدول الأوروبية والآسيوية.

التوجهات الجديدة في ظل الحظر

وفي ظل الحظر، بدأ مستخدمو “تيك توك” في الولايات المتحدة يتجهون إلى تطبيقات مشابهة مثل “Xiaohongshu”، المعروف أيضًا باسم RedNote، وهو تطبيق صيني لمشاركة الفيديو، بجانب منصات أخرى مثل YouTube Shorts أو Instagram Reels، إذ يُتوقع زيادة استخدامهم في حال استمر هذا الحظر.

السيناريوهات المستقبلية.. ماذا ينتظر “تيك توك”؟

– توسع الحظر عالميًا:

قد تشهد الدول الأخرى مزيدًا من الحظر الجزئي أو الكامل لتطبيق “تيك توك” إذا استمرت المخاوف بشأن الأمان السيبراني.

– تعديلات في السياسات:

قد تضطر “بايت دانس” إلى تعديل سياسات الخصوصية والبيانات لتلبية متطلبات الدول الغربية، مما قد يُخفف من الضغوط عليها.

– ارتفاع شعبية التطبيقات البديلة:

منصات مثل “ريد نوت” و “إنستغرام ريلز” و”يوتيوب شورتس” قد تشهد ازدهارًا في حال زيادة حظر “تيك توك”، خاصة في أسواق مثل أمريكا وبريطانيا.

ختاما، يبقى مستقبل “تيك توك” في خطر، حيث يواجه التطبيق تحديات كبيرة ناتجة عن القلق الأمني المتزايد في عدة دول. وبينما يستمر الحظر الأمريكي في تعزيز الضغوط، فإن بعض الدول قد تظل تدعمه أو تعدل سياساتها لتلبية احتياجات المستخدمين مع الحفاظ على أمان البيانات.

في الوقت نفسه، تبقى الشعبية العالمية لـ “تيك توك” عالية، وهو ما يجعله من الصعب القضاء عليه تمامًا، رغم التحديات السياسية والاقتصادية التي يواجهها.