كتبت ـ فاتن علي..
فى ظل تزايد القلق حول التأثيرات الصحية والبيئية للسجائر الإلكترونية، تتجه العديد من الدول حول العالم نحو حظر هذه المنتجات أو تقنين استخدامها بصرامة، فمع تزايد استخدام السجائر الإلكترونية بين الشباب، وتفاقم النفايات الناتجة عنها، يرى خبراء الصحة والبيئة أن الوقت قد حان لاتخاذ خطوات جدية للحد من انتشارها، فى ظل وجود أدلة حول خطورتها الصحية.
قرار حظر السجائر الإلكترونية فى بريطانيا
أعلنت الحكومة البريطانية عن قرار تاريخي يقضي بحظر السجائر الإلكترونية أحادية الاستخدام اعتباراً من يونيو 2025، وذلك في إطار استراتيجية شاملة لحماية البيئة والحد من التأثيرات السلبية لهذه المنتجات على المجتمع، خاصةً فئة الشباب.
جاء هذا القرار بعد مراجعة شاملة لدراسات أكدت أن السجائر الإلكترونية غير قابلة للتدوير، ما يؤدي إلى تفاقم التلوث البيئي بفعل النفايات البلاستيكية التي تضر البيئة بشكل ملحوظ.
وفي بيان مشترك بين وزارتي الصحة والبيئة، أوضح المسؤولون أن الحظر يأتي في إطار جهود الحكومة البريطانية لمكافحة ارتفاع معدلات استهلاك السجائر الإلكترونية بين الشباب، وهو ما يمثل تهديدًا متزايدًا لصحة الأجيال القادمة.
وأكد البيان أن السجائر الإلكترونية أحادية الاستخدام أصبحت منتشرة بين الشباب، وهو ما دفع الحكومة لاتخاذ هذه الخطوة الوقائية للحفاظ على الصحة العامة والبيئة.
انتشار مقلق بين الشباب
تزايدت معدلات استخدام السجائر الإلكترونية بين الشباب بشكل كبير، حيث أشار وزير الصحة العامة والوقاية، أندرو جوين، إلى أن حوالي 25% من الأطفال في الفئة العمرية بين 11 و15 عامًا قاموا باستخدام السجائر الإلكترونية العام الماضي، وهو ما يعكس انتشارًا مقلقًا لهذه العادة بين الفئات العمرية الصغيرة.
ويؤكد وزير الصحة أن هذا الانتشار الكبير بين الشباب يتطلب إجراءات عاجلة للحد من تفاقم الأزمة وحماية الأجيال المستقبلية من التدخين الإلكتروني.
كما كشف استطلاع حديث في إنجلترا أن استخدام السجائر الإلكترونية لم يقتصر على المدخنين الحاليين، بل بدأ غير المدخنين، وخاصةً في الفئة العمرية بين 18 و24 عامًا، في تجربة هذه المنتجات، حيث ارتفعت نسبة استخدام السجائر الإلكترونية في إنجلترا بأكثر من 400% بين عامي 2012 و2023، مما يعكس توسعًا كبيرًا في استخدام هذا المنتج بين الشباب، حتى بين من لم يسبق لهم التدخين.
تأثير السجائر الإلكترونية على البيئة
الآثار البيئية كانت أيضاً جزءًا أساسيًا من مبررات الحظر، حيث أظهرت تقارير من مجموعة “ماتيريال فوكس” غير الربحية أن حوالي 5 ملايين سيجارة إلكترونية يتم التخلص منها أسبوعيًا في بريطانيا، ويسبب هذا الحجم الهائل من النفايات عبئاً بيئيًا كبيراً، إذ أن معظم هذه السجائر غير قابلة للتدوير، وتبقى لفترات طويلة في الطبيعة، مما يساهم في زيادة التلوث البلاستيكي.
وأشار البيان الحكومي إلى أن حظر هذه السجائر سيشمل منح الشركات مهلة زمنية حتى يتمكنوا من بيع المخزون المتبقي، مع تحديد مطلع يونيو 2025 كموعد رسمي لتنفيذ الحظر الكامل.
دول أوروبية حظرت السجائر الإلكترونية
بهذا القرار، تنضم بريطانيا إلى دول أوروبية أخرى مثل فرنسا وبلجيكا، التي اعتمدت تشريعات مماثلة، حيث وافقت المفوضية الأوروبية على حظر السجائر الإلكترونية أحادية الاستخدام في محاولة لحماية الصحة العامة والبيئة.
ويُعد هذا التوجه جزءًا من جهود الاتحاد الأوروبي للحد من استخدام السجائر الإلكترونية ومكافحة انتشار التدخين الإلكتروني بين الشباب.
المخاطر الصحية للسجائر الإلكترونية
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن السجائر الإلكترونية ليست بديلاً آمنًا عن التدخين التقليدي، بل إنها قد تزيد من احتمالات الإصابة بأمراض خطيرة على المدى الطويل، وتتضمن بعض المخاطر الصحية ما يلي:
– أمراض الجهاز التنفسي: تحتوي السجائر الإلكترونية على مواد مثل ثنائي الأسيتيل، والذي ربطته الدراسات بالإصابة بأمراض الرئة المزمنة.
– ارتفاع معدلات الإدمان: النيكوتين في السجائر الإلكترونية يؤدي إلى الإدمان السريع، مما يجعل من الصعب على المستخدمين التوقف عن استخدامها.
– أمراض القلب: النيكوتين يؤثر على الأوعية الدموية والقلب، مما يزيد من احتمالات الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.
عقوبة خرق الحظر
أعلنت الحكومة البريطانية عن عقوبات صارمة للأفراد أو المتاجر التي تتجاوز الحظر، وذلك بهدف ردع الجميع عن تداول أو استخدام السجائر الإلكترونية، تشمل العقوبات غرامات مالية قد تصل إلى آلاف الجنيهات، وفي بعض الحالات، قد يواجه المخالفون السجن لفترة تصل إلى ستة أشهر.
كما أكدت السلطات أنها ستكثف جهود الرقابة على المتاجر والأماكن التي قد تروج أو تبيع هذه المنتجات بشكل غير قانوني، ويتم تحذير الجميع من استخدام هذه المنتجات أو نشر إعلانات ترويجية عنها.
ردود الأفعال
لاقى قرار الحظر تباينًا في ردود الأفعال؛ فقد أشادت منظمة الصحة العامة بالقرار باعتباره خطوة ضرورية لحماية صحة المواطنين، إلا أن بعض المستخدمين والنشطاء في صناعة التبغ يرون أنه قد يؤدي إلى زيادة الإقبال على التدخين التقليدي كبديل.