كتب- محمد أبو الدهب..
فجّرت قضية الهجرة صدامًا جديدًا بين الحكومة والقضاء في إيطاليا، بعد رفض محكمة كاتانيا التصديق على قرار الحكومة باحتجاز 5 مهاجرين بينهم ثلاثة مصريين، واثنين من بنجلاديش.
محطات الصدام بين القضاء والحكومة
يُعتبر قرار رفض محكمة كاتانيا محطة جديدة في حالة الصدام المُحتدمة بين القضاء الإيطالي، وحكومة ميلوني بسبب الشد والجذب في شأن قضية الهجرة واللجوء.
ولكي تتضح الصورة؛ فإن حكومة ميلوني وضعت إجراءات صارمة لمجابهة الهجرة غير الشرعية، وتقييد حالات اللجوء إلى إيطاليا، بينما يرى القضاء الإيطالي أن تلك الضوابط بها تعسُّف وتناقض القانون الأوروبي.
المحطة الأولى.. حكم محكمة العدل الأوروبية:
بدأ الصدام بين القضاء وحكومات الاتحاد الأوروبي المناهضة للهجرة عمومًا، مع الحكم الصادر عن محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي في 4 أكتوبر الماضي.
ويسمح الحكم للسلطات القضائية المحلية في كل دولة بتقييم كل حالة على حدة؛ فينصُّ الحكم على أن البلدان الأصلية الآمنة يجب أن تكون آمنة في جميع أنحاء أراضيها، ولجميع الأشخاص الذين يعيشون هناك.
وجاء حكم محكمة العدل بالاتحاد الأوروبي، بناءً على التعريف الوارد في التوجيه الأوروبي لعام 2013، وتمتلك الدول الأوروبية قوائم وطنية للدول الآمنة، ولكن من المقرر أن تتوحّد في وثيقة أساسية واحدة مع حلول عام 2026.
المحطة الثانية.. قرار محكمة روما
في 19 أكتوبر الماضي؛ رفض قسم الحقوق الشخصية والهجرة في محكمة روما التصديق على احتجاز المهاجرين في مركز الاحتجاز الإيطالي بألبانيا، الذين تم ترحيلهم يوم 17 أكتوبر الماضي.
ورحّلت السُّلطات الإيطالية 16 مُهاجرًا بينهم 10 مصريين و6 من بنجلاديش في أول عملية ترحيل إلى مركز الاحتجاز في جادير بألبانيا، على متن السفينة ليبرا التابعة للبحرية الإيطالية، بحجة أن البلدين ضمن قوائم البلدان الآمنة.
وأعادت السُّلطات الإيطالية أربعة مهاجرين ضمن الـ16 المُرحَّلين مرة أخرى إلى إيطاليا، بينهم قاصران واثنان معرضان للخطر، بينما رفضت طلبات لجوء الآخرين، ولكن لا تزال لديهم إمكانية الاستئناف في غضون أربعة عشر يومًا.
واستند القضاء الإيطالي في قراره إلى اعتبار دولتي مصر وبنجلاديش من البلدان غير الآمنة بسبب مزاعم بشأن أوضاع حقوق الإنسان بهما، لذا أمرت بعودة المهاجرين مرة أخرى إلى إيطاليا.
ووضع قرار المحكمة الحكومة الإيطالية في مأزق، وهدد بتدمير خطتها الصارمة لمجابهة الهجرة غير الشرعية، بإنشاء مراكز احتجاز للمهاجرين بدول أخرى خارج حدود الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي أنذر وقتها بصدام بين السلطتين القضائية والتنفيذية.
المحطة الثالثة.. الحكومة تتحدى وتصدر مرسوم ألبانيا
بعد قرار المحكمة المُثير للجدل؛ دعت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني إلى اجتماع مجلس الوزراء في محاولة لإيجاد حل لإشكالية قرار القضاء الإيطالي، الذي ترى أنه غير مُختص بتحديد الدول الآمنة.
فكرت السلطة التنفيذية في كيفية التغلُّب على المأزق للحد من نطاق قرارات السلطة القضائية فيما يتعلق باحتجاز طالبي اللجوء المُحتملين والتمكُّن من استئناف عمليات النقل إلى ألبانيا.
وانتهت مناقشة اجتماع مجلس الوزراء الإيطالي، بإقرار «مرسوم ألبانيا»، وهو مرسوم بقانون يُحدد 19 دولة ضمن قائمة «الدول الآمنة» بعد أن كانت 22 دولة.
واستبعدت الحكومة الإيطالية الكاميرون وكولومبيا ونيجيريا من قائمة «الدول الآمنة» التزامًا بمؤشرات الحكم الأوروبي اعتبارات السلامة الإقليمية.
وتشمل قائمة الدول الـ 19 مصر، تونس، الجزائر، المغرب، ألبانيا، بنغلادش، البوسنة والهرسك، الرأس الأخضر، ساحل العاج، غامبيا، جورجيا، غانا، كوسوفو، مقدونيا الشمالية، الجبل الأسود، البيرو، السنغال، صربيا، وسريلانكا.
المحطة الرابعة.. محكمة بولونيا
أحالت محكمة بولونيا في إيطاليا، يوم 29 أكتوبر الماضي قضية مواطن بنجلاديشي طلب الحماية الدولية إلى مؤسسة الاتحاد الأوروبي.
وبالنسبة لقضاة المحكمة، كان من الضروري، توضيح المعيار الذي يتم على أساسه تحديد ما يسمى بالدول الأصلية الآمنة للمهاجرين.
المحطة الخامسة.. قرار محكمة كاتانيا
رفضت محكمة كاتانيا التصديق قرار الحكومة باحتجاز 5 مهاجرين بينهم ثلاثة مصريين، واثنين من بنجلاديش، لوصفها البلدين بأنها “غير آمنتين”.
وانتفض نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية ماتيو سالفيني، بعد القرار الجديد، وقال: «بسبب بعض القضاة الشيوعيين الذين لا يطبقون القوانين، فإن الدولة غير الآمنة هي إيطاليا الآن. لكننا لا نستسلم!”.
صدام مستمر بسبب الهجرة
وبذلك يستمر الصدام بين القضاة والحكومة لحسم مصير الهجرة؛ فالمرسوم الذي أرادته رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني بشدة، لم يكن حاسمًا للمعركة بعد قرارات القضاء المتتابعة ضدها.
كما أن محاولات الحكومة الإيطالية التغلُّب على حكم محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي الصادر في 4 أكتوبر الماضي، من خلال حكم قانوني، باءت جميعها بالفشل حتى الآن؛ فمن سيحسم المعركة لصالحه في النهاية؟!.
اقرأ أيضًا:
«مرسوم ألبانيا».. ما موقف المهاجرين المصريين بعد إقرار قائمة الدولة الآمنة الـ19 في إيطاليا؟
ضربة لـ«حكومة ميلوني».. لماذا رفض القضاء ترحيل 12 مهاجرًا بينهم مصريون من إيطاليا؟