كتب- محمد أبو الدهب..
صبغت الأضواء الشمالية سماء شمال إيطاليا باللونين الأحمر والأرجواني، مع مشاهدات مُذهلة ترى بالعين المجردة لظاهرة الشفق القطبي، التي وصلت بسبب ظروف استثنائية إلى حدود الشمالية لإيطاليا.
الشفق القطبي يُزيّن سماء إيطاليا
وشهدت مدن إيطاليا الشمالية أعظم نشاط شفقي بعد الشفق الذي حدث في 10 مايو الماضي، بسبب تأثّر إيطاليا بعاصفة جيومغناطيسية من فئة G4.
والشفق القطبي هو ظاهرة نموذجية تحدث في خطوط العرض العليا، ولكنها أصبحت مُتكررة بشكل متزايد في إيطاليا في الآونة الأخيرة، بسبب اقتراب الشمس من ذروة النشاط المغناطيسي.
ويتميّز الشفق القطبي بصريًّا بأشرطة مُضيئة تأخذ مجموعة واسعة من الأشكال والألوان، وتتغير في الزمان والمكان بسرعة إلى حد ما.
روّاد التواصل الاجتماعي يوثقون الظاهرة الفلكية
وكان الكثير من المقيمين في المناطق الشمالية بإيطاليا على موعد مع عرض بانورامي مُذهل من عروض السماء، الأمر الذي دفع بعضهم إلى مشاركة تلك اللحظات الفريدة على حساباتهم الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي.
وساعدت السماء الصافية في جميع أنحاء إيطاليا، على مشاهدة الظاهرة بالعين المجردة؛ خصوصًا أن العاصفة المغناطيسية الأرضية كانت في أفضل حالاتها أثناء الليل في إيطاليا.
كيف وصل الشفق القطبي إلى إيطاليا؟!
عندما نتحدث عن «الشفق القطبي»، نُفكّر على الفور في المناظر الطبيعية الشمالية في النرويج أو أيسلندا، أو اسكتلندا على الأكثر، ولكن في هذه المرة وصلت الظاهرة إلى الحدود الشمالية لإيطاليا؛ ما تفسير ذلك؟.
عادة ما تحدث ظاهرة «الشفق القطبي» في الأقطاب الشمالية والجنوبية لكوكب الأرض، ولكن بسبب النشاط القوي للشمس في هذه الفترة، والنشاط الاستثنائي للشمس، يُمكن للظاهرة أن تصل خطوط العرض الوسطى.
ووفقًا لبعض العلماء، فإن ما رُصد لم يكن الشفق القطبي الحقيقي، بل ظاهرة سار أو ستيف «أقواس الضوء الأحمر»، التي تحدث بعد العواصف الجيومغناطيسية القوية.
كيف تحدث ظاهرة الشفق القطبي؟
تحدث هذه الظاهرة نتيجة ثورة الشمس؛ فعندما تُثير البقع الشمسية الضخمة على سطح الشمس، تحدث انفجارات شمسية.
والانفجارات الشمسية بدورها تنشر تيارًا من الجسيمات المشحونة كهربائيًّا أو الأيونات في الفضاء، ما يُعرف باسم «الرياح الشمسية».
وعندما يصطدم تيار الجسيمات المشحونة بالغازات في الغلاف الجوي للأرض حول الأقطاب المغناطيسية، ينبعث الضوء بأطوال موجية مختلفة، ما يخلق عروضًا مُلوّنة ومتلألئة في السماء تُعرف بالشفق القطبي.
وعمومًا؛ فإن «الشفق القطبي» هي ظاهرة طبيعية ناتجة عن تفاعُل الجُسيمات المشحونة (البروتونات والإلكترونات)، الصادرة عن (الرياح الشمسية)، مع الغلاف الأيوني الأرضي، ما ينتج عنه ضوء بأطوال موجية مختلفة.
سبب تكرر الظاهرة مؤخرًا
أصبحت هذه الظاهرة تتكرر في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، علل علماء الفلك ذلك إلى وجود الشمس فيما يُسمّى بـ «الحد الأقصى» لدورتها الشمسية التي تبلغ 11 عامًا.
وفي ذروة الدورة الشمسية؛ تنقلب الأقطاب المغناطيسية للشمس، وتنتقل الشمس من التباطؤ إلى النشاط والعاصفة، ويبدو الأمر لو أن القطبين الشمالي والجنوبي يتبادلان الأماكن.
ذروة الدورة الشمسية
وفقًا لوكالة «ناسا»؛ فإن خلال ذروة الدورة الشمسية، تتوهج الشمس بالتوهجات الساطعة والانفجارات الشمسية، المُسببة لظاهرة الشفق في الأطراف الشمالية والجنوبية للأرض.
وبدأت الدورة الحالية التي تستمر 11 عامًا، في عام 2019، وهي الدورة الخامسة والعشرون منذ بدء التسجيل في عام 1755.
ومن المتوقع أن تبلغ الدورة ذروتها العام المقبل، ونتيجة لذلك، فإن الظروف التي أدّت إلى النشاط الأخير ستظل قائمة لعدة أشهر مقبلة.
انفجارات شمسية متزايدة
خلال ذروة الدورة الشمسية، يزداد عدد البقع الشمسية، ما يؤدي إلى المزيد من الانبعاثات الكتلية الإكليلية التي ترسل جسيمات مشحونة إلى الأرض، ما يؤدي إلى ظهور الشفق القطبي.
وفي نصف الكرة الشمالي، يحدث معظم هذا النشاط بالقرب من الدائرة القطبية الشمالية، وعندما يكون النشاط الشمسي قويًّا، يُمكن أن يتوّسع ليغطي مساحة أكبر، بحسب صحيفة الشرق الأوسط.
ومع النشاط العالي للبقع الشمسية على سطح الشمس، هناك فرصة كبيرة للحصول على المزيد من هذه الانبعاثات الكتلية الإكليلية الموجهة إلى الأرض في الأشهر المقبلة.
كيفية مُشاهدة الشفق القطبي بوضوح
ترتبط جودة رؤية ظاهرة الشفق القطبي بعوامل عدة، أبرزها كثافة الرياح الشمسية، وتفاصيل المجال المغناطيسي للأرض.
وللحصول على رؤية جيدة، تأكّد من أنك في مكان مُظلم، بعيدًا عن مصادر الضوء الاصطناعية، ومن أنك في منطقة حيث تكون السماء خالية من أي غيوم.
إيطاليا تتطلع إلى السماء اليوم.. فرصة رائعة لرؤية الكواكب بوضوح في «ليلة سان لورينزو»