كتبت _ سما صبري..
لازالت مافيا تصاريح العمل والحملات الأمنية الشرسة، أكثر ما يؤرق العمالة المصرية في الأردن، فمنذ عشرات السنين لا يزال العاملون المصريون يعانون من التحديات المعيشية والعملية التي تواجههم على الأراضي الأردنية.
فمعاناتهم بدأت قبل رحلة سفرهم إلى الأردن حسب ما رواه العامل المصري المقيم في الأردن منذ 16 عاما الملقب بـ”أبو مصطفى”، فمنذ عقده لنية السفر والعمل في الأردن تعرض لعدة محاولات للنصب والاحتيال من قبل من أطلق عليهم اسم “مافيا التصاريح”، إذ كانوا يقدمون وعودا كاذبة بتأمين تصاريح عمل في الأردن مقابل مبالغ مادية مجزية، ولكنه لاحظ اختلافا في أقوالهم ووعودهم مما دعاه للشك في مصداقيتهم وضرورة البحث عن طرق أكثر مصداقية.
مافيا تصاريح العمل في الأردن
ويضيف “أبو مصطفى” أن معاناتهم لم تنته بعد وصولهم وبدء للعمل في الأردن، بل إن المخاطر والمخاوف من العقوبات والترحيل كانت تلاحقهم دائما، إذ يرى أنهم أجبروا على العمل في مجالات غير المصرح لهم بالعمل بها في رحلتهم التي أطلق عليها “أبو مصطفى” اسم ” فسحة البحث عن العيش”، بقوله “كنا مجبرين على العمل في مجالات الصناعة والإنشاءات لعدم توفر فرص عمل في المزارع حيث إن تصاريحنا كانت زراعية”، إلا أن فسحة البحث عن العيش كما وصفها كانت تعاني من الحملات الأمنية الباحثة عن المخالفين.
انتهاكات صامتة
ويعيش آلاف العمال المصريين كأبو مصطفي “تحت وطأة العمل القسري في القطاع الزراعي والإنشائي بالأردن، بحسب تقارير محلية حقوقية كشفت النقاب عن “انتهاكات صامتة” تمارس بحق العمالة المصرية، دون تدابير رادعة، أو متابعة ملموسة من قبل السلطات الأردنية والمصرية.
“إبراهيم” (39 عاما) أحد الآلاف الذين وقعوا ضحايا لسماسرة تصاريح العمل، فقد باع مقتنيات زوجته الذهبية، وتوجه من قريته في محافظة كفر الشيخ إلى العاصمة الأردنية عمان، بحثا عن فرصة عمل أفضل، إلا أنه وجد نفسه -كما قال لـ”وصال″- حبيس إحدى المزارع قسرا، بعد مصادرة أوراقه الثبوتية من قبل رب العمل، قبل أن يشتري حريته لاحقا ويعمل في الإنشاءات بشكل غير قانوني.
ولكن سوء الحظ رافق إبراهيم إلى عمله الجديد، ووقع مرة أخرى ضحية العمل بلا مقابل، بعد أن رفض صاحب العمل دفع مستحقاته المالية، دون أن يتمكن هو وخمسة عمال آخرين من تقديم شكوى للجهات الرسمية بسبب وضعهم غير القانوني.
وكشف مركز “تمكين” المعني بمتابعة العمالة المهاجرة في الأردن، أن ما نسبته خمسة بالمئة من العمال المصريين قاموا ببيع ممتلكاتهم، مثل الأراضي والمنازل والمجوهرات، للحصول على عقد العمل.
وبين المركز أن العديد من هؤلاء العمال يعيشون في ظروف عمل صعبة، كتقييد الحرية، أو التخويف، أو التهديد وحجز وثائق السفر، مشيرا إلى أن الترهيب أو التهديد غالبا ما يأخذ طابعا ماديا، أو من خلال تقييد العطلات.
ويحتل العمال المصريون أكثر من 65 بالمئة من العمالة في الأردن، ويسيطرون على 97 بالمئة من تصاريح العمل في قطاعي الزراعة والإنشاءات.
انتقادات للسفارة المصرية في الأردن
ورغم أن العمالة المصرية تحتل المرتبة الأولى من حجم العمالة الوافدة في الأردن، إلا أنها فئة تعاني من انتهاكات صامتة كما يقول عمال مصريون منتقدين دور السفارة المصرية في عمان بمتابعة أمورهم.
في حين صرح مصدر مسئول بالسفارة المصرية في الأردن لوكالة أنباء الشرق الأوسط، بإن موضوعات العمالة وتوفيق أوضاعهم القانونية تحتل أولوية متقدمة ومتابعة مستمرة من جانب السفارة، التي تحرص على متابعة كافة القضايا التي تهم أبناء الجالية، وتقديم ما يلزم من استشارات قانونية، أو تسهيلات عديدة في استخراج أو تجديد المستندات الثبوتية”.