كتب- محمد أبو الدهب..
خطة صارمة للتعامل مع قضية الهجرة إلى فرنسا، كشف عن ملامحها وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، في تصريحات له، دعا خلالها إلى تقليص أعداد المهاجرين بطرق وصفت بـ “القمعية”، الأمر الذي قوبل بانتقادات حقوقية واسعة.
تصريحات مؤسفة بشأن الهجرة إلى فرنسا
وصفت منظمات مجتمع مدني بينها جمعيات حقوقية تتخصص في تقديم المساعدات للمهاجرين، تصريحات وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو بشأن قضية الهجرة إلى فرنسا بـ “المؤسفة”.
أمين عام جمعية «لا سيماد» (la Cimade)، فانيلي كاري، أعربت عن انزعاجها من تصريحات وزير الداخلية الفرنسي، قائلة:” التصعيد القمعي سيقودنا إلى طريق مسدود”.
وأضافت فانيلي كاري إلى أن ” السياسات القمعية تُنظّم السرية للمُهاجرين الذين لا يطمحون إلا للعمل لكسب عيشهم من جراء الهجرة إلى فرنسا”.
تحوّل فرنسي اتجاه المهاجرين
منذ تولّي برونو ريتايو منصب وزير الداخلية في سبتمبر الماضي، تشهد فرنسا تحولًا ملحوظًا نحو سياسات أكثر تشددًا في التعامل مع الهجرة إلى فرنسا، سواء القانونية أو غير الشرعية.
ريتايو الذي يشتهر بمواقفه الحازمة؛ يسعى إلى تعزيز الإجراءات الهادفة إلى تقليص عدد المهاجرين غير الشرعيين وترحيلهم بشكل أكثر فعالية، وتنظيم عمليات الهجرة إلى فرنسا.
تقليص دور الجمعيات الحقوقية
أفصح وزير الداخلية الفرنسي عن رغبته في تقليص دور الجمعيات الحقوقية في مساعدة المهاجرين الذين ينتظرون الترحيل.
وأعلن ريتايو عن اعتزامه تكليف المكتب الفرنسي للهجرة والإدماج (OFII) الخاضع لسيادة الدولة، بالقيام بمهام الجمعيات في مراكز الاحتجاز الإداري.
قضاة وخصوم
وقال وزير داخلية فرنسا إنه: ” رُغم تلقي الجمعيات الحقوقية الدعم من الدولة بمبلغ إجمالي مليار يورو؛ فإن هناك طعون قانونية ضدها”، وهي التصريحات التي أشعلت غضب المجتمع المدني.
وفي مُجمل تصريحاته؛ وصف ريتايو جمعيات مثل «لاسيما»، و«فرنسا أرض اللجوء»، التي تُكلّف بتقديم المشورة القانونية للمهاجرين في مراكز الترحيل، بأنهم ” قضاة وخصوم في نفس الوقت”.
سياسة جديدة لتنظيم الهجرة إلى فرنسا
أعلن ريتايو تأييده لفكرة نقل المهاجرين غير الشرعيين إلى مراكز خارج الاتحاد الأوروبي، وهي فكرة دعمتها إيطاليا والمجر، وبدأت بريطانيا في تنفيذها بالفعل.
ودعا إلى مراجعة عاجلة لتشريع «توجيهات العودة» لعام 2008، الذي يُنظّم عمليات ترحيل المهاجرين، وهي دعوة تؤيّدها دول أوروبية عدة، مثل هولندا والنمسا وألمانيا، بهدف تسهيل وتسريع عمليات الترحيل.
وأفصح ريتايو عن نيته إعادة فرض جريمة الإقامة غير النظامية، وتمديد فترة احتجاز بعض المهاجرين غير الشرعيين في المراكز إلى 210 أيام، وتعزيز عمليات التفتيش على الحدود لتنظيم رحلات الهجرة إلى فرنسا.
وأعرب عن رغبته في تقليص الحقوق الاجتماعية للمهاجرين، وهو ما ترفضه العديد من الجمعيات الحقوقية التي تعمل في مجال تقديم المساعدات فيي ملف الهجرة إلى فرنسا.
توجّه أوروبي
تأتي هذه التصريحات في ظل الضغط المتزايد على الحكومات الأوروبية لتبني سياسات أكثر صرامة تجاه الهجرة، لا سيما في ظل تصاعد نفوذ الأحزاب اليمينية المتطرفة.
ومن المقرر أن تتصدّر قضية الهجرة جدول أعمال القمة الأوروبية المنعقدة في بروكسل، يومي 17 و18 أكتوبر المقبل؛ خصوصًا بعد اعتماد ميثاق اللجوء والهجرة في منتصف مايو الماضي.
مراكز الاستقبال
وتعدُّ «مراكز الاستقبال»، وهي معسكرات سينقل المهاجرون غير شرعيين إليها، وتقع في دول خارج الاتحاد الأوروبي؛ من الحلول المُبتكرة، التي من المقرر أن تناقش في القمة من قبل وزراء الدول الأعضاء الـ27.
واستوحت هذه الفكرة من الاتفاق المُثير للجدل الذي أبرمته حكومة ميلوني الإيطالية مع ألبانيا، حيث من المقرر أن يستقبل مركزان المهاجرين غير النظامين إلى إيطاليا.
رد فعل حقوقي
قالت مديرة أبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي (CNRS) كاثرين ويتول دو ويندن إن “الهجرة قضية اجتماعية، تتعلق بسوق العمل وحقوق الإنسان، وترتبط بالوضع الديموغرافي”.
أمين عام جمعية «لا سيماد» فانيلي كاري، أضافت:” في غياب الأوراق، يُحصر المهاجرون في وظائف غير مستقرّة وغير معلنة، وبدون عقود عمل، لا يمكنهم العثور على سكن طبيعي”.
وشدد المدير العام لمنظمة «Singa» بينوا هامون، على ضرورة وجود نهج وزاري شامل يسهم في تسهيل تسوية أوضاع المهاجرين عبر العمل، وتقليل فترات دراسة الملفات الإدارية في مكاتب المحافظات.
و«Singa»، هي منظمة غير حكومية تعمل على إدماج اللاجئين والمهاجرين في الحياة العملية.
إحصائيات حول الهجرة إلى فرنسا
بلغ عدد المهاجرين في فرنسا 7,3 ملايين شخص في عام 2023، ما يعادل 10,7% من السكان، وفقًا للمعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية (Insee).
وسجّل المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية (Ofpra)، المسؤول عن دراسة طلبات اللجوء للأشخاص الفارين من الاضطهاد في بلدانهم، 142 ألفًا و500 طلب، وهو أعلى رقم تم تسجيله.
وتشير الإحصائيات الصادرة عن يوروستات لعام 2023 إلى أن 484,160 شخصًا تلقوا أوامر بمغادرة الاتحاد الأوروبي، ولكن 18.9٪ فقط من هذه الأوامر تم تنفيذها بشكل فعلي.
وتحتاج فرنسا إلى 3,9 مليون مُهاجر في سوق العمل حتى عام 2050، وفقًا لرئيس منظمة أرباب العمل (Medef)، باتريك مارتن.
اقرأ أيضًا:
«مرسوم الهجرة» يقر قواعد جديدة لدخول إيطاليا.. و10 آلاف تأشيرة إضافية لهؤلاء
إيطاليا تبحث عن مخرج من أزمة الهجرة غير الشرعية