كتبت_ سما صبري..
تعدّ السياحة الدينية في الأردن أحد أهم الركائز السياحية التي تساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني، نظرًا لما يمتلكه هذا البلد من تاريخ ديني عريق يدمج بين الحضارات الإسلامية والمسيحية.
يتمتع الأردن بمواقع دينية مقدسة، استقطبت الزوار من جميع أنحاء العالم، خصوصًا الحجاج الذين يزورون المملكة في رحلات الحج المسيحي أو الإسلامي، إذ تحتضن الأردن العديد من المواقع التي شهدت أحداثًا تاريخية ودينية هامة لها قيمة كبيرة في الأديان السماوية.
أهمية السياحة الدينية في الأردن
السياحة الدينية في الأردن لا تقتصر على الحج التقليدي فقط، بل تشمل أيضًا السياحة الثقافية والتاريخية التي تكشف عن العوامل المؤثرة في تطور الديانات السماوية في المنطقة.
تعدّ هذه السياحة وسيلة لتشجيع التفاهم بين الشعوب، وتعزيز التواصل بين الثقافات المختلفة من خلال زيارة المواقع الدينية التي تمثل جزءًا من التراث الروحي المشترك بين الأديان. وبالتالي، تساهم السياحة الدينية في بناء جسور من التفاهم والتسامح بين الثقافات المتنوعة.
أبرز المواقع السياحية الدينية في الأردن
1. موقع المغطس (عماد المسيح)
يعدّ موقع المغطس في نهر الأردن أحد أقدس الأماكن المسيحية في العالم، حيث يعتقد أن يسوع المسيح تعمّد فيه على يد يوحنا المعمدان. الموقع يُعتبر نقطة محورية في الحج المسيحي، ويستقطب الحجاج من جميع أنحاء العالم. منذ أن تم إدراجه ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، أصبح المغطس محطة دينية بارزة تعكس أهميته التاريخية والدينية الكبيرة.
2. جبل نيبو
يُعتبر جبل نيبو من أقدس المواقع في المسيحية والإسلام، ويقع في منطقة مادبا. يقال أن هذا هو المكان الذي نظر فيه النبي موسى إلى أرض الميعاد قبل وفاته، ومن قمة الجبل يمكن للزوار رؤية مشاهد خلابة لوادي الأردن والقدس. الجبل يمثل ذكرى غنية تتجسد في التاريخ الديني.
3. تل مار إلياس
يعدّ تل مار إلياس مسقط رأس النبي إلياس (إليا) عليه السلام، ويقع في شمال الأردن. يعتقد المسيحيون أنه كان موطنًا للنبي إلياس، ويعتبر الموقع أحد محطات الحج المهمة في الأردن.
4. كنيسة سيدة الجبل في عنجرة
تقع كنيسة سيدة الجبل في عنجرة شمال الأردن، وتعدّ من المواقع المسيحية الهامة في المملكة. تخلد الكنيسة ذكرى السيدة مريم العذراء، وتعدّ محطًا من محطات الحج المسيحي.
5. مغارة أهل الكهف
تعدّ مغارة أهل الكهف في منطقة الرقيم، قرب العاصمة عمان، من أبرز المواقع الإسلامية المسيحية. يُعتقد أن الفتية السبعة الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم والإنجيل لجأوا إلى هذه المغارة، مما يجعلها مكانًا مقدسًا يشهد على التعايش بين الديانات.
6. مقام النبي شعيب
يقع مقام النبي شعيب في منطقة السلط، ويعتبر أحد المواقع الإسلامية الهامة في الأردن. يعتقد المسلمون أن النبي شعيب دفن في هذا المكان، مما يجعله محطًا دينيًا مميزًا.
7. مقام النبي هارون
مقام النبي هارون في منطقة البتراء يُعدّ من المواقع الدينية الإسلامية البارزة. يعتقد أن هذا المكان هو موقع دفن النبي هارون، وهو واحد من أقدس الأماكن في التاريخ الإسلامي.
8. قلعة مكاور
قلعة مكاور، التي تقع بالقرب من البحر الميت، تُعدّ واحدة من المواقع المسيحية الهامة. يُعتقد أن هذا هو الموقع الذي استشهد فيه يوحنا المعمدان، مما يجعلها واحدة من محطات الحج المسيحي المميزة.
9. كنيسة القديس جورج في مادبا
تعتبر كنيسة القديس جورج في مادبا واحدة من أبرز المواقع المسيحية في الأردن، وتشتهر بـ خريطة مادبا الفسيفسائية التي تعود إلى القرن السادس الميلادي. الخريطة تُظهر الأراضي المقدسة وتعدّ من أبرز المعالم السياحية في المملكة.
10. معركة اليرموك ومؤتة
تقع مواقع معركتي اليرموك ومؤتة في شمال وجنوب الأردن، وتُعدّ هاتان المعركتان من الأحداث المهمة في التاريخ الإسلامي. كان لهما دور محوري في تاريخ الفتوحات الإسلامية.
دور السياحة الدينية في الاقتصاد الأردني
تعدّ السياحة الدينية إحدى أهم مصادر الدخل في الاقتصاد الأردني، حيث تساهم في زيادة حركة السياحة الدولية، وتنشيط القطاعات المرتبطة بها مثل الفنادق، والمطاعم، والنقل، والأنشطة التجارية. بالإضافة إلى ذلك، فإن السياحة الدينية تشجع على التبادل الثقافي وتساعد في تسويق المملكة كوجهة دينية على المستوى العالمي.
استراتيجيات تطوير السياحة الدينية
أعلنت وزارة السياحة والآثار الأردنية مؤخرًا عن عدد من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز مكانة الأردن كوجهة رائدة للسياحة الدينية. تشمل هذه المبادرات تنظيم فعاليات ومعارض دينية في دول مثل الفاتيكان، وإطلاق حملات تسويقية على مستوى العالم، بالإضافة إلى توفير تجربة سياحية متكاملة تجمع بين التاريخ والدين.
التحديات والفرص
رغم نجاح الأردن في جذب السياح الدينيين، إلا أن هناك بعض التحديات التي تواجه هذا القطاع، مثل الحاجة إلى تحسين البنية التحتية في بعض المواقع الدينية، وتطوير البرامج السياحية المتخصصة. ومع ذلك، فإن الفرص كبيرة لتوسيع هذا النوع من السياحة من خلال مزيد من التعاون مع الكنائس العالمية والمؤسسات الدينية الكبرى.
تستمر السياحة الدينية في الأردن في أن تكون أحد العوامل المحورية التي تساهم في تعزيز الهوية الثقافية والدينية للبلاد، فضلاً عن دورها الكبير في الاقتصاد الوطني. مع استمرار تطوير البنية التحتية وتنفيذ برامج تسويقية مبتكرة، يمكن للأردن أن يعزز مكانته كوجهة دينية عالمية ويدعم التنمية المستدامة في هذا القطاع الحيوي.