كتبت – فاتن علي..
تعيش بريطانيا أزمة سكن متفاقمة منذ سنوات، ولكنها شهدت ذروتها العام الحالى 2024، حيث تواجه البلاد نقصًا حادًا في المنازل مع تزايد الطلب، مما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار الإيجارات، وجعل من الصعب على الكثيرين شراء منازل.
أما عم الأسباب وراء أزمة السكن فى بريطانيا فهى متعددة منها التأخير في إصدار تصاريح البناء، ارتفاع تكاليف البناء، وهو ما سنستعرضه فى التقرير التالى، وعلى الرغم من محاولات الحكومة لتخفيف الأزمة عبر مبادرات لبناء منازل جديدة، إلا أن هذه الجهود لم تكن كافية لتلبية الطلب المتزايد.
أسباب زيادة أسعار السكن في بريطانيا
هناك 8 عوامل رئيسية كانت سببًا مباشرًا فى زيادة أسعار السكن في بريطانيا، تشمل…
1. نقص المعروض من المنازل: فهناك فجوة كبيرة بين عدد المنازل المتاحة وعدد الأشخاص الباحثين عن السكن، وهو ما يزيد من الطلب على المنازل ويرفع الأسعار.
2. ارتفاع تكلفة البناء: زيادة تكلفة المواد والعمالة في قطاع البناء تؤدي إلى ارتفاع أسعار المنازل الجديدة، مما ينعكس بدوره على الأسعار بشكل عام.
3. ارتفاع أسعار الفائدة: مع ارتفاع أسعار الفائدة على القروض العقارية، تزيد تكلفة الاقتراض، مما يقلل من قدرة الأفراد على شراء المنازل ويدفعهم للبقاء في سوق الإيجار، مما يزيد الضغط على الإيجارات.
4. زيادة الطلب على السكن: الهجرة المتزايدة إلى المملكة المتحدة، إلى جانب زيادة السكان المحليين، يؤدي إلى ارتفاع الطلب على المنازل والإيجارات، ما يزيد من الأسعار.
5. السياسات الحكومية: إلغاء برامج مثل “Help to Buy” حدّ من قدرة المشترين المحتملين على دخول سوق الشراء، مما أدى إلى زيادة الطلب على الإيجار.
6. المضاربة العقارية: يساهم المستثمرون الأجانب والمحليون في ارتفاع الأسعار من خلال شراء العقارات كاستثمار، الأمر الذى يقلل العرض المتاح للمقيمين المحليين.
7. التأخير في تصاريح البناء: قد يعيق قدرة المطورين على إنشاء منازل جديدة، مما يؤدي إلى تقييد المعروض.
8. تحول المناطق السكنية: بعض المناطق الحضرية تشهد تطورًا سريعًا وتحولًا إلى مناطق مرغوبة، مما يرفع أسعار العقارات في هذه المناطق بشكل كبير.
ساهمت هذه العوامل مجتمعة في زيادة أسعار السكن في بريطانيا، مما يجعل امتلاك المنازل أو استئجارها أكثر تكلفة للمواطنين.
مستقبل سوق السكن في بريطانيا عام 2025
تشير توقعات أسعار المنازل في بريطانيا لعام 2025 إلى احتمالية تباطؤ في وتيرة الارتفاع مقارنة بالسنوات السابقة، وذلك بعد التضخم الذي شهده السوق العقارى في أعقاب جائحة كورونا، ويُتوقع أن تستقر الأسعار أو ترتفع بشكل طفيف بنسبة تتراوح بين 2% و5% على مستوى المملكة المتحدة، وقد تختلف الزيادات من منطقة إلى أخرى، حيث يُتوقع أن تشهد لندن الكبرى زيادة بنسبة 2-3% نتيجة الطلب المستمر، في حين أن مناطق أخرى مثل شمال إنجلترا قد تشهد زيادة أقل أو استقرارًا.
وعلى صعيد آخر، من المتوقع أن تستمر الإيجارات في الارتفاع بسبب الطلب المتزايد على السكن، حيث قد ترتفع الإيجارات بنسبة 3-5% سنويًا في المدن الكبرى مثل مانشستر وبريستول، كما أن أسعار الفائدة قد تنخفض بشكل طفيف بحلول عام 2025، مما قد يسهم في تحسين القدرة على الحصول على تمويل للرهن العقاري ويزيد من الطلب على شراء المنازل، بشكل يؤدي إلى استقرار أو زيادة تدريجية في الأسعار.
سيظل العرض المحدود من المنازل عاملاً رئيسيًا في الحفاظ على الأسعار مرتفعة، خاصة في المناطق التي تشهد طلبًا مرتفعًا، ومع عدم قدرة الحكومة على زيادة بناء المنازل بالوتيرة المطلوبة، من المرجح أن يستمر الضغط على السوق، وقد يستمر السوق البريطاني في جذب المستثمرين المحليين والدوليين، مما يعزز من استقرار الأسعار أو زيادتها بشكل طفيف في المستقبل.
حلول بريطانيا للتعامل مع أزمة السكن
للتعامل مع أزمة السكن في بريطانيا، وضعت الحكومة مجموعة من الحلول والمبادرات التي تهدف إلى معالجة النقص في المنازل، تحسين القدرة على تحمل التكاليف، وزيادة المعروض العقاري، من أبرز هذه الحلول زيادة بناء المنازل، حيث وضعت الحكومة خططًا لبناء مئات الآلاف من المنازل الجديدة سنويًا لمواجهة نقص المعروض، مع التركيز على المناطق الحضرية.
وتدعم الحكومة البريطانية مشاريع البناء عبر تقديم حوافز للمطورين والمستثمرين وتسريع إصدار تصاريح البناء، كما تعمل على تشجيع برامج السكن الميسر وهو جزء أساسي من هذه المبادرات، حيث تعمل الحكومة على التوسع في برامج مثل “Affordable Housing” التي تدعم بناء وحدات سكنية بأسعار أقل لذوي الدخل المنخفض.
تقوم بريطانيا أيضًا بالاستثمار في الإسكان الاجتماعي وتوفير الدعم لمشتري المنازل الأولى عبر برامج مثل “Shared Ownership” و”Help-to-Buy”، كما تقوم بتحفيز تحسين كفاءة الطاقة في المنازل وهو جانب آخر من الحلول التي تشمل تمويل مشاريع لتحسين كفاءة الطاقة، مما يقلل التكاليف على المستأجرين وأصحاب المنازل، ويأتي ذلك ضمن برنامج تمويل كفاءة الطاقة الذي يدعم تحسين المنازل القائمة وجعلها أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة.
الحكومة البريطانية تسعى أيضًا إلى إصلاح سوق الإيجار من خلال فرض لوائح جديدة لتنظيمه، بما في ذلك وضع حدود على زيادة الإيجارات لحماية المستأجرين من الزيادات المفرطة، بالإضافة إلى تحسين حقوق المستأجرين عبر تعديل قوانين الإيجار لتوفير حماية أكبر وإتاحة الاستئجار لفترات أطول بثبات في الأسعار.
تقوم بريطانيا أيضًا بإعادة تطوير الأراضي الحكومية حيث تعمل على تحويل الأراضي المملوكة للدولة إلى مشاريع إسكانية جديدة، ما يوفر المزيد من الأراضي لبناء المنازل بأسعار ميسرة، وتحفز الحكومة أيضًا البناء في المناطق الريفية لتخفيف الضغط عن المناطق الحضرية المزدحمة وتوزيع السكان بشكل أفضل.
من ناحية أخرى، تم تخفيف قواعد التخطيط لتسريع عملية بناء المنازل، حيث قامت الحكومة بتقليص البيروقراطية وتسهيل إجراءات الحصول على التصاريح اللازمة، كما يتم توسيع الشراكات مع القطاع الخاص لزيادة الاستثمار في قطاع الإسكان، وذلك لتسريع بناء المنازل وتوسيع المشاريع العقارية.
خطط لتحسين كفاءة الطاقة في الإسكان الاجتماعي
أعلنت بنوك Barclays وLloyds Banking Group عن خطط لتمويل مشروعات تحسين كفاءة الطاقة في الإسكان الاجتماعي بمليار جنيه إسترليني، وتهدف هذه القروض المدعومة بضمانات حكومية إلى تحسين كفاءة الطاقة في العقارات المملوكة لجمعيات الإسكان والمجالس المحلية، حيث أظهرت الدراسات أن نسبة كبيرة من هذه العقارات تمتلك شهادات أداء طاقة أقل من المستوى المطلوب.