كتبت – سما صبري..
في قلب العاصمة البريطانية لندن، يجتمع عشاق السينما بانتظام لإحياء التراث السينمائي القديم الذي كان جزءًا من بدايات الفن السابع. نادي “كينينغتون بيوسكوب” المتخصص في عرض الأفلام الصامتة يعقد جلسات شهرية تقريبًا في متحف السينما بلندن، حيث يُعاد اكتشاف أفلام صامتة نادرة لم تعرض منذ عقود، معظمها غاب عن الذاكرة الجماعية.
عروض تقليدية بمصاحبة موسيقى البيانو
تُعرض الأفلام الصامتة في قاعة صغيرة أمام جمهور محدود من عشاق هذا النوع من السينما، وتُصاحب العروض موسيقى حية يعزفها عازف بيانو. الموسيقى ترتجل بناءً على المشاهد التي تُعرض على الشاشة، وهو تقليد يعود إلى بدايات القرن العشرين عندما كانت الموسيقى جزءًا أساسيًا من تجربة الأفلام الصامتة.
رمزية المكان وتاريخ تشارلي تشابلن
ما يجعل هذه العروض مميزة هو المكان نفسه الذي يضم متحف السينما، حيث كان في يوم من الأيام مأوى للفقراء في منطقة كينينغتون جنوب لندن. هذا المكان تحديدًا شهد طفولة أحد أعظم نجوم السينما الصامتة، تشارلي تشابلن، الذي أُرسل إليه حين كان طفلاً فقيرًا. أليكس كيرستوكاس، أحد عشاق الأفلام الصامتة ودارس الدكتوراه في السينما، يرى في هذا الأمر “مصادفة مذهلة”، معتبرًا أن الأفلام الصامتة تمنح المشاهدين نافذة إلى عالم آخر بأساليب سرد مبتكرة.
اكتشافات مدهشة في تاريخ السينما
ميشيل فيسي، عضو في اللجنة الإدارية لنادي “كينينغتون بيوسكوب”، أشارت إلى أن جاذبية هذه الأفلام لا تتعلق فقط بكونها تحفًا فنية تاريخية، بل أيضًا بتأثيرها العميق على السينما الحديثة. على سبيل المثال، مشهد شهير في فيلم “ذي ترايل” للمخرج أورسون ويلز (1962) يبدو وكأنه مستوحى من مشهد مماثل في فيلم “ذي كراود” (1928) لكينغ فيدور. هذه الاكتشافات تعزز من أهمية دراسة الأفلام الصامتة وإعادة عرضها.
عصر الأفلام الصامتة.. إرث فني منسي
امتد عصر الأفلام الصامتة من ثمانينات القرن التاسع عشر إلى أوائل ثلاثينات القرن العشرين، قبل أن ينتهي مع ظهور الأفلام الناطقة مثل “ذي جاز سينغر” (1927)، الذي اعتُبر تحولاً ثوريًا في تاريخ السينما. ورغم الأهمية الكبيرة للأفلام الصامتة، إلا أن نسبة صغيرة منها فقط نجت لتصل إلى يومنا هذا.
جهود لإحياء الكنوز المفقودة
إيان كريستي، أستاذ تاريخ السينما في جامعة بيركبيك بلندن، أكد على أن العديد من نجوم الأفلام الصامتة لم يُقدّروا حق تقديرهم في الزمن المعاصر، مشيرًا إلى أن العثور على هذه الأفلام أصبح تحديًا كبيرًا، خاصة تلك التي عُرضت في المملكة المتحدة بين 1906 ومطلع العشرينات. أندية مثل “كينينغتون بيوسكوب” تعمل بجد على نبش هذه الأفلام من المحفوظات والمجموعات الخاصة وإعادة عرضها، مما يمنح الجمهور فرصة نادرة لمشاهدة هذه التحف الفنية المنسية.
اكتشافات نادرة تلقي الضوء على عصر منسي
من خلال البحث المستمر في أرشيفات السينما القديمة والمجموعات الخاصة، تمكن أعضاء نادي “كينينغتون بيوسكوب” من اكتشاف أفلام كان يُعتقد أنها فُقدت إلى الأبد. هذه العروض تمكن محبي السينما من تجربة أعمال سينمائية نادرة قد لا تكون متاحة للعرض العام في أي مكان آخر، مما يُضفي أهمية خاصة على هذه الجهود.
قد يهمك تحذيرات من تلوث المياه في لندن بعد اكتشاف بكتيريا «إي كولاي».. يجب غليها أولًا