كتبت – إسراء محمد علي..
رغم ملامحه التي تشبه كثير من المهاجرين لكونه من أصول هندية، إلا أن رئيس الوزراء البريطاني ريتشي سوناك تحول إلى شوكة في حلق المهاجرين والأجانب في المملكة المتحدة وخاب به أملهم في تحسين أوضاعهم وتقنينها، وذلك بسبب تصريحاته العنصرية ضدهم أو قراراته الصادمة من أجل تقليص أعدادهم في بلاده ومنعهم من لم الشمل مع عائلاتهم بسياسات حكومته التي وصفت بغير الأخلاقية وأنها ممارسات تنتهك حقوق الإنسان.
خطة تقليص المهاجرين
قبل أيام، أعلنت الحكومة البريطانية اتخاذ قيود جديدة بحق المهاجرين، تشمل هذه المرة الأجانب الراغبين في الدراسة أو الباحثين عن عمل في بريطانيا، لتقليص عدد الوافدين الأجانب في بريطانيا.
وأعلن وزير الداخلية البريطاني جيمس كليفرلي أمام مجلس العموم خطته الجديدة لخفض أعداد القادمين إلى بريطانيا بغرض العمل والدراسة.
وتتجسد خطة الحكومة لمواجهة الهجرة الشرعية في 5 نقاط، كلها تدور حول محور واحد، وهو زيادة القيود على التأشيرات، ورفع كلفة السفر على الراغبين بالقدوم إلى بريطانيا من أجل العمل أو الدراسة.
النقطة الأولى في خطة الحكومة هي منع العمال الأجانب من جلب أفراد عائلاتهم إلى المملكة المتحدة، وبرر وزير الداخلية هذا المنع بأن أولاد وأزواج العمال الأجانب يخلقون ضغوطاً على الخدمات المقدمة للمجتمعات المحلية، بما في ذلك الأجانب العاملين في القطاع الصحي الذي يعاني نقصاً حاداً في الموظفين، لن يتمكنوا من جلب عائلاتهم.
رفع شرط الحد الأدنى لأجور الأجانب
النقطة الثانية، فقد قررت الحكومة البريطانية رفع الحد الأدنى لأجور الأجانب الذين ترغب المؤسسات والشركات المحلية باستقدامهم، بنسبة 50% إلى 38 ألفاً و700 جنيه إسترليني سنوياً، مقارنة بـ 26 ألفاً و200 جنيه في الوقت الراهن، أما البديل فهو الاستعانة ببريطاني قد لا يقبل بهذا الرقم إن وجد.
والنقطة الثالثة من الخطة المثيرة للجدل، هي تقليص قائمة المهن التي تسهل الحكومة استقدام العمالة الأجنبية فيها. كما قررت أيضاً وقف العمل باستثناء بعض القطاعات التي تعاني نقصاً حاداً في الموظفين، من شروط الحد الأدنى لأجور الأجانب.
الطلاب الأجانب في مأزق
أعلن وزير الداخلية أنه اعتباراً من يناير 2024، لن يعود بمقدور الوافدين من الخارج بغرض الدراسة في جامعات بريطانيا، جلب أفراد عائلاتهم أو الأشخاص الذين يعيلونهم إلى المملكة المتحدة.
ويستثني القرار الطلبة الذين يدرسون تخصصات بحثية محددة، لكن هذا الاستثناء لن يلغي حقيقة أن جلب الطلبة لأفراد عائلاتهم سوف يصبح أكثر كلفة بكثير، بعدما رفعت الحكومة قيمة تأمين الأجانب للاستفادة من خدمات النظام الصحي بنسبة 66% لتزيد عن ألف جنيه سنوياً عن الفرد الواحد، مقابل 624 جنيهاً حاليًا.
النقطة الخامسة في خطة الحكومة تتعلق بتأشيرات الأجانب المتزوجين لبريطانيين أو بريطانيات، أو المتزوجين لأشخاص حصلوا على حق اللجوء في المملكة المتحدة، وباتوا يعاملون معاملة المواطنين البريطانيين في المسائل العائلية القانونية، وقد قدرت أعداد هؤلاء بـ70 ألفاً خلال العام الممتد بين يونيو 2022 ونظيره في 2023.
وقررت الحكومة رفع الحد الأدنى للدخل لمن يريد استقدام زوج أو زوجة إلى بريطانيا إلى 38 ألفاً و700 جنيه استرليني، بدلاً من الحد المطبق منذ عام 2012، وهو 18 ألفاً و600 جنيه إسترليني، أي بواقع زيادة تفوق الـ20 ألف جنيه، وتشكّل بحد ذاتها راتباً سنوياً يتقاضاه مواطنون أو لاجئون يعملون اليوم في بريطانيا.”
وتهدف الخطة البريطانية إلى خفض عدد المهاجرين بالمملكة المتحدة بمقدار 300 ألف سنويا، إلا أن الجزء المثير للجدل هو التهديد بتقسيم العائلات التي تعيش بالفعل في بريطانيا، حيث قال داونينج ستريت إن البريطانيين يمكنهم رؤية شركائهم وأزواجهم الأجانب الذين سيطلب منهم مغادرة البلاد حتى الوقت الذي سيحين فيه تجديد تأشيرتهم إذا لم تكسب الأسرة 38 ألفا و700 جنيه إسترليني وهي زيادة كبيرة عن الرقم الحالي البالغ 18.600 جنيه إسترليني، وما تم وصفه بأنه “ضريبة على الحب”.
وقال جافين بارويل، وزير حزب المحافظين السابق، إنه “من الخطأ الأخلاقي وغير المحافظ القول إن الأغنياء فقط هم الذين يمكنهم الوقوع في الحب، والزواج من شخص ما ثم إحضاره إلى المملكة المتحدة”.
وردا على سؤال عما إذا كان سيتم تطبيقه على الشركاء والازواج عندما يأتون لتجديد تأشيراتهم، قال داونينج ستريت إن التغيير “ليس بأثر رجعي، ولكنه سينطبق على التجديدات في المستقبل”، وفي تلك المرحلة، يُتوقع من الأشخاص “استيفاء متطلبات التأشيرة اليوم”.
وأضاف المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء: “لدى الأشخاص دائمًا مدة زمنية محددة للحصول على تأشيراتهم، وسيدركون في نهاية وقت التأشيرة أنه ليس لديهم ضمان بأنهم سيبقون بوضوح في البلاد”.
ووفقا للتقرير، هناك استثناءات، لكنها ستكون على أساس كل حالة على حدة، وشددت على أنه يمكن توزيع المبلغ على جميع أفراد الأسرة.
خطة رواندا
رغم العقبات القانونية التي واجهتها الخطة منذ إعلانها من قبل رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون عام 2022، إلّا أن الحكومات المتعاقبة لا ترى سواها خياراً لوقف ما يعرف بـ”هجرة القوارب”
فقد تم تعطيل “خطة راوندا” في يوليو الماضي من قبل المحكمة العليا البريطانية، بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، ما دفع بحكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك إلى إبرام اتفاقية جديدة مع كيجالي، تبدد هذه المخاوف، وتتيح للقضاء إعطاء الإشارة الخضراء للبدء بترحيل من يدخلون البلاد عبر قنوات غير شرعية، ويجرمون وفق القوانين الجديدة.
وقال وزير الداخلية جيمس كليفرلى، بعد توقيعه الاتفاقية الجديدة مع نظيره الراوندي فينسنت بيروتا، إن “خطة رواندا الجديدة ستنال قبول القضاء البريطاني”، وبسبب استمرار الاعتراضات الحقوقية عليها، أعدت حكومة لندن مشروع قانون يعطل 5 ادعاءات قانونية رئيسية، يلجأ إليها المهاجرون عادة من أجل وقف عملية ترحيلهم القسري.
ورغم كل هذا القرارات العنصرية ضد المهاجرين، فبعض نواب اليمين في حزب المحافظين الحاكم يرون أن ما يفعله سوناك لمواجهة «هجرة القوارب» ليس كافياً، حتى أن وزير الهجرة روبرت جينريك، استقال احتجاجًا على ضعف الحكومة في هذا الشأن، فيما اعتبرت وزيرة الداخلية السابقة سويلا برافرمان أن رئيس الوزراء لم يتخذ كل التدابير المطلوبة في هذا الملف بعد.
وتشير الإحصائيات الرسمية الحديثة إلى أن صافي الهجرة إلى المملكة المتحدة، وصل نهاية العام الجاري إلى 672 ألف مهاجر، مقارنة بـ745 ألفاً نهاية 2022. ورغم ذلك، لا تبدو الحكومة راضية عن هذه الأرقام، وهي تتطلع إلى تقليص أعداد المهاجرين الشرعيين عبر الخطة الجديدة، بنحو 300 ألف مهاجر سنويًا.