كتب – حسام خاطر
بات التعليم الحكومي السعودي المجاني أكثر تطورًا وانفتاحًا منذ أصبح الأمير محمد بن سلمان حاكمًا فعليًا ووليًا لعهد المملكة العربية السعودية قبل 6 سنوات، إذ أشرف على وضع استراتيجية 2030، التي تهيئ المملكة لاقتصاد ما بعد نهاية البترول من خلال خلق انفتاح اجتماعي وثقافي كبير يتضمن تعديل المناهج الدراسية بما يلائم متطلبات العصر.
وتجلى تطلع الأمير السعودي إلى تعليم أفضل في تصريحات وزير التعليم السعودي، حمد آل الشيح، قبل آخر عامين دراسيين بالتحديد العام الدراسي 1443ه والعام الدراسي 1444ه، والذي كشف عن 120 ألف تعديل في 89 كتابًا دراسيًا في مراحل التعليم المختلفة، فضلًا عن استحداث 52 مقررًا دراسيًا جديدًا، مع إلغاء الفصل الكامل بين الجنسين في المدارس الثانوية. كما أعلن وزير التعليم السعودي أن العام الدراسي سيُقسم إلى 3 فصول دراسية بحيث يتكون كل فصل من 13 أسبوعًا، ويتخلل كل فصل دراسي وآخر إجازة مدتها أسبوعين، بجانب إجازة صيفية مدتها 70 يومًا.
تطوير مسارات الثانوية العامة والأكاديميات في السعودية
بدأت المملكة خلال العام الدراسي 1443ه في تطبيق مشروع تطوير مسارات الثانوية العامة والأكاديميات المتخصصة، بهدف تحسين مخرجات العملية التعليمية ومواكبة الرؤية العالمية الجديدة لدور المرحلتين المتوسطة والثانوية في السلم التعليمي، تمهيدًا لإلغاء السنة التحضيرية في الجامعات، بالإضافة إلى تعزيز اتقان اللغة الإنجليزية، بجانب تخريج متعلم مؤهل لسوق العمل.
قُسم التعليم الثانوي العام إلى 3 سنوات دراسية، إذ تشهد السنة الأولى الإعداد العام للطالب فضلا عن عمليات الفرز والقياس والتوجيه، فيما يختار الطالب في السنتين الثانية والثالثة بين مجالين للدراسة، الأول مجال العلوم الطبيعية والتطبيقية «مسار علمي عام، مسار علوم الحاسب والهندسة، مسار علوم الصحة والحياة»، والثاني مجال العلوم الشرعية والإنسانية «مسار إدارة الأعمال، المسار الشرعي، المسار الإنساني العام».
واستهدف برنامج المسارات تطوير أكاديميات متخصصة بداية من المرحلة المتوسطة، مزودة بإمكانيات مادية وبشرية حديثة للطلاب الموهوبين والمهرة، وتتضمن أكاديميات علمية «STEM» وتشتمل على علوم الحاسب والهندسة والعلوم الصحية بالإضافة إلى أكاديميات إنسانية تدرس الفنون الإبداعية والتخصصات الرياضية بالتعاون مع جهات خارجية. ووُزعت 32 مادة دراسية جديدة على هذه المسارات، التي امتاز بعضها بتمكين الطلاب من الالتحاق بسوق العمل مباشرة من خلال برامج تجسير مهنية في بعض التخصصات والمهن الإدارية.
مناهج دراسية جديدة تتجاوز الأرض إلى الفضاء
وشهد العام نفسه تدريس مادة اللغة الإنجليزية بدءًا من الصف الأول الابتدائي بدلًا من الصف الرابع الابتدائي ومادة الحاسب الآلي منذ الصف الرابع الابتدائي، فضلًا عن إضافة 3 مناهج دراسية جديدة إلى جميع مراحل التعليم قبل الجامعي هي «الدفاع عن النفس» و«التفكير الناقد» و«وحدة وطني»، بغرض التماشي مع متطلبات الجيل الحالي وخدمة الأهداف التعليمية للمملكة.
وتضمنت مادة «الدفاع عن النفس» تدريبات فنون قتالية، لتعزيز اللياقة البدنية للطلاب والطالبات، والمساهمة في رفع مستوى الثقة بالنفس، وكانت السعودية تحظر ممارسة الرياضة وحصص اللياقة البدنية في مدارس البنات حتى نوفمبر 2017. وشملت مادة «وحدة وطني» البنين والبنات بعدما كانت تُسمى «التربية الوطنية» ومخصصة للبنين فقط، وجاءت مادة «التفكير الناقد» لتطوير الجوانب الذهنية للطلاب والطالبات وتساعدهم على اكتساب مهارات تحليلية.
وأضافت وزارة التعليم في السعودية كتب «علوم الأرض والفضاء» و«علم البيانات والذكاء الاصطناعي» و«الأمن السيبراني» بالإضافة إلى كتب أخرى في المجال الهندسي ضمن المناهج الدراسية في نظام مسارات الثانوية، على أن يجري تدريس تلك المناهج بدءا من العام الدراسي المقبل في 20 أغسطس 2023، بما يسهم في تنمية الاتجاهات الإيجابية لدى الطلاب والطالبات نحو علوم الفضاء وعلوم الحوسبة الرقمية الحديثة، من خلال ربط النظرية بالتطبيق في عمليات التعليم والتعلم.
المصريون بالسعودية: 4 مسارات للتعليم قبل عهد بن سلمان
بدد الإصلاح التعليمي الذي تبناه ولي العهد السعودي مخاوف المصريين في السعودية من انخفاض جودة التعليم الحكومي في المملكة خاصة فيما يتعلق بتدريس اللغة الإنجليزية في المراحل الدراسية المبكرة، تلك المخاوف التي كانت تضطر الكثير منهم إلى اللجوء 4 مسارات تعليمية، 3 منها باهظة الثمن لا تناسب ذوي الدخل المحدود والمتوسط، وواحد يعتمد على الدراسة المنزلية بعيدًا عن اندماج الطلاب المصريين في المجتمع السعودي والحياة الواقعية.
ألحق أولياء أمور الطلاب المصريين في السعودية أبناءهم بالمدارس الأهلية، وهي مدارس سعودية خاصة تعتمد المنهج الدراسي السعودي ولكنها تركز على تنمية الطلاب في اللغة الإنجليزية، باعتبارها اللغة الأجنبية الأكثر تأهيلًا لسوق العمل، وعيب على تلك المدارس ارتفاع قيمة مصروفاتها الدراسية التي تتراوح بين 10 آلاف ريال للتعليم الابتدائي والإعدادي و20 ألف ريال للثانوي.
ونظرًا لشكاوى آباء الطلاب المصريين في السعودية من عدم جودة التعليم العام في المملكة، دُشنت مدارس المسار المصري، وهي عبارة عن 30 مدرسة أهلية موزعة على مختلف مدن السعودية تعتمد المناهج الدراسية المصرية بشكل كامل ولكن الإقبال على تلك النوعية من المدارس الخاصة كان من الأسر المصرية ذات الدخل المرتفع؛ بسبب ارتفاع قيمة المصروفات الدراسية فيها، إذ تصل رسوم رياض الأطفال إلى 10 آلاف ريال والمرحلتين الابتدائية والإعدادية إلى 11 ألف ريال، فيما تتخطى المرحلة الثانوية 12 ألف ريال.
كما لجأ بعض أبناء الجالية المصرية في السعودية من أصحاب الدخل المرتفع جدًا، إلى مدارس التعليم البريطاني IG، وهي مدارس تعتمد على تدريس المناهج البريطانية، مدفوعين بإغراءات سرعة توظيف أبنائهم بعد التخرج في شركات عالمية تمنح أجورًا مرتفعة. وأُخذ على مدارس IG ارتفاع قيمة مصروفاتها الدراسية بشكل مبالغ فيه، إذ تصل رسوم السنة الدراسية الواحدة إلى 40 ألف ريال.
امتحانات الطلاب المصريين في السعودية
واضطرت بعض الأسر المصرية المقيمة في السعودية من أصحاب الدخل المنخفض والمتوسط إلى الاعتماد على نظام للتعليم المنزلي أطلقته السفارة المصرية في الرياض تحت مسمى «اختبارات أبنائنا في الخارج»، ويقوم على دراسة مناهج التعليم المصرية في المنزل عن طريق مدرسين خصوصيين، على أن يخضع الطالب وفقًا لذلك النظام التربوي إلى امتحان شامل في لجان تابعة للسفارة المصرية في شهر أبريل من كل عام باستثناء اختبار الصف الثالث الثانوي الذي يتطلب النزول إلى مصر، للحصول على الشهادة الثانوية. تبدأ أسعار التسجيل في تلك الاختبارات من 600 ريال لطلاب الابتدائي وتصل إلى 625 ريال للمرحلة الإعدادية و670 ريال للمرحلة الثانوية.
مفاد القول إن نظام التعليم الحكومي في السعودية قد تطور بشكل لافت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ما جعل من المدارس الأهلية والدولية موضة قديمة، لا تلائم جميع طبقات الأسر المصرية المقيمة في السعودية، ناهيك عن صعوبات التعليم المنزلي التي تجبر أولياء الأمور على إنفاق مبالغ طائلة على المدرسين الخصوصيين وشراء المناهج التعليمية بالإضافة إلى تعميق العزلة الاجتماعية والشعور بالاغتراب عند أبنائهم.