كتبت – سما صبري..
في انتصار قضائي يثير تساؤلات حول حرية التعبير والتطرف عبر الإنترنت، ألغت محكمة بريطانية قرارًا بترحيل الطبيبة المصرية منة علوان، التي كانت تواجه الطرد من المملكة المتحدة بعد نشرها تعليقات مثيرة للجدل عن الإسرائيليين الفارين من هجمات حماس في أكتوبر 2023.
يأتي هذا الحكم كإشارة جديدة على تعقيدات التعامل مع التصريحات العامة على وسائل التواصل الاجتماعي، ويدعو إلى مراجعة متأنية حول توازن حرية التعبير والأمن الوطني.
تفاصيل الواقعة
تعود القضية إلى تعليقات نشرتها منة علوان على حسابها في منصة X (تويتر سابقًا) عقب هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 قائلة: “لو كان منزلك، لبقيتِ وقاتلتِ – لن تهرب فقط” وأضافت أيضًا “لا يوجد مدنيون في إسرائيل”، مما أثار ضجة إعلامية وسياسية، حيث أعتبرت وزارة الداخلية البريطانية هذه التصريحات دعوة للتطرف أو تأييد للإرهاب.
قرار وزير الداخلية السابق
نتيجة لهذه التصريحات، ألغى وزير الداخلية البريطاني السابق جيمس كليفرلي حق منة علوان في البقاء في المملكة المتحدة، مبررًا قراره بأن وجودها “لا يخدم الصالح العام” وأن منشوراتها “تدعم عملاً إرهابيًا” وتنتهك معايير السلوك المقبول.
حرية التعبير تحت المجهر
في أعقاب الأمر الصادر ضدها، قدمت منة علوان طعناً على القرار، مستندة إلى حقوقها في حرية التعبير والحياة الأسرية بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان مادفع قاضى محكمة الهجرة واللجوء في مانشستر، ستيفن ديفيز، إلى إلغاء قرار الترحيل، معتبرًا أن الرد المناسب كان إصدار تحذير رسمي ضد سلوك مشابه في المستقبل بدلاً من الترحيل.
كما انتقد القاضي ديفيز ما وصفه بأنه نهج “الكل أو لا شيء” الذي تبنته وزارة الداخلية في التعامل مع القضية.
إشادة بالقضاء البريطاني
يرى كثيرون أن هذا الحكم يعكس التزام القضاء البريطاني بحماية حقوق الأفراد، حتى في ظل قضايا حساسة تتعلق بالتطرف والإرهاب خاصة بعدما أكدت المحكمة على أن التدخل في حرية التعبير يجب أن يكون مبررًا بشكل دقيق ومتوازن، خاصة عندما يتعلق الأمر بتصريحات مثيرة للجدل ولكنها لا تشكل تهديدًا مباشرًا.
التداعيات وردود الفعل السياسية
أثار هذا الحكم موجة من ردود الفعل السياسية والإعلامية، حيث يرى بعض المراقبين أن الحكم قد يفتح الباب أمام نقاش أوسع حول كيفية التعامل مع التطرف عبر الإنترنت، بينما اعتبره آخرون إشارة إلى أن الحكومة قد بالغت في التعامل مع قضية علوان.
وزير الداخلية السابق جيمس كليفرلي كان قد حذر في تصريحات سابقة من “النوايا الشريرة” في بعض التجمعات المؤيدة للفلسطينيين، معربًا عن مخاوفه من تصاعد خطاب الكراهية في المجتمع البريطاني.
الآن القرار بيد وزيرة الداخلية الحالية إيفايت كوبر، التي يتعين عليها أن تقرر ما إذا كانت ستسعى لإعادة المحاولة لترحيل علوان أو الاكتفاء بالعقوبات البديلة التي اقترحها القاضي.
تعليق منة علوان وإغلاق حسابها على وسائل التواصل الاجتماعي
في أعقاب الحكم، لم تصدر منة علوان أي تعليق علني، لكنها أغلقت حسابها على منصة X، والذي كان يمتلك أكثر من 5000 متابع ويُعتقد أن إغلاق الحساب قد جاء كخطوة لتخفيف التوترات والابتعاد عن الجدل المتواصل الذي أثارته تصريحاتها.
ردود الأفعال على إغلاق الحساب
يُنظر إلى إغلاق حساب علوان كخطوة لتهدئة الأوضاع وتجنب المزيد من الانتقادات، خصوصًا بعد قرار المحكمة في الوقت نفسه، لا يزال الجدل مستمرًا حول مسؤولية الشخصيات العامة على وسائل التواصل الاجتماعي، ومدى قدرتهم على التحكم في تأثير تصريحاتهم.